بازگشت

الاتجاه العام للامام الهادي


في استقدم المتوکل اياه:

لم يکن من المصلحة في نظر الامام عليه السلام، اعلان الخلاف ضد المتوکل، و کذلک کانت سياسة ابيه و ابنائه عليهم السلام بالنسبة الي الخلافة العباسية، حتي تکللت هذه السلبية بغيبة الامام المهدي عليه السلام.

و لعلنا في غني عن اعطاء الفکرة الکاملة عن سبب هذه السلبية،



[ صفحه 103]



بعد وضوح ان ما يستهدفه الأئمة (ع) انما هو تأسيس المجتمع الاسلامي العادل الواعي الذي يطبق تعاليم الاسلام بتفاصيلها، و يتعاون افراده في انجاح التجربة الاسلامية. و هذا انما يتوفر بعد وجود عنصرين:

اولهما: وجود الخلافة الاسلامية بالشکل الذي کان يومن به الأئمة عليهم السلام، و هو توليهم بانفسهم منصب الامامة و رئاسة الدولة الاسلامية، أو من يعينونه و يختارونه لذلک.

ثانيهما:وجود المجتمع الذي يملک اکثرية کبيرة أو مئة بالمئة، لو تحقق، من الافراد الواعين المتشبعين بفهم الاسلام نصا و روحا، و مستعدين للتضحية في سبيله، و لقول الحق و لو علي أنفسهم، و رفض مصالحهم الضيقة تجاهه.و الذين يبذلون -نتيجة لذلک - الطاعة المطلقة للحاکم الاسلامي الحق.

و لعلنا نستطيع ان نستوضح أهمية انضمام هذين العنصرين في تکوين الدولة الاسلامية، اذا تصورنا تخلي بعضها عن بعض. في صورة ما اذا تولي الامام الحق منصب الرئاسة في مجتمع متضارب الآراء مختلف الاهواء، يعيش افراده علي اللذاذة الآنية و المصلحة الشخصية، بعيدين عن الاسلام و عن الاستعداد للتضحية في سبيله باقل القليل. هل يستطيع الامام ان يقدم الخدمات الاسلامية المطلوبة، لمثل هذا المجتمع. کلا، فان تطبيق العدل الکامل، يحتاج الي العمل الدائب و التضحيات الکبيرة و الطاعة المطلقة للرئيس العادل، و کل ذلک مما لا يمکن توفره في المجتمع المنحرف و غير الواعي.



[ صفحه 104]



و من ثم لم يکن الأئمة عليهم السلام، يرون المصلحة في تولي رئاسة الدولة الاسلامية في المجتمع المنحرف، الذي أدي بمن تولي هذا المنصب منهم الي المتاعب المضاعفة و الي القتل في نهاية المطاف. و هم: جدهم الأعلي اميرالمومنين علي بن ابي طالب عليه السلام، و من بعده ابنه الامام الحسن المجتبي عليه السلام، اذ لو کان المجتمع واعيا و مضحيا في سبيل دينه في عصرهما (ع) لکان لهما خاصة و للامة الاسلامية عامة تاريخ غير هذا التاريخ.

و لم يکن المجتمع في خلال عصور الأئمة جميعهم بأحسن حالا من المجتمع الأول الذي قتل اميرالمومنين و خذل ابنه الحسن و قاتل ابنه الحسين عليهم السلام. ان لم يکن قد تزايد لهوه و بطره و حرصه علي المصالح و اللذاذات، نتيجة لانکباب الخلفاء انفسهم علي ذلک، فان الناس بدين ملوکهم، مع انعدام أو ضالة المد الکافي لتوعية المجتمع و ارجاعه الي فهم دينه الحنيف.

و من ثم لم يکن لهم في الخلافة مطمع، لانهم لم يکونوا يريدون السير علي الخط (الأموي -العباسي) للخلافة، ذلک الخط المنحرف الذي يومن للناس اطماعهم و لذا ذاتهم و يقسم المجتمع الي نعمة موفرة و الي حق مضيع.

فکان الهدف الاساسي للأئمة عليهم السلام ينقسم الي أمرين مترابطين: أحدهما: حفظ المجتمع من التفسخ و الانهيار الکلي، أو بتعبير آخر: حفظ الثمالة المشعة من الحق، المتمثلة بهم و بمواليهم و قواعدهم



[ صفحه 105]



الشعبية. ثانيها: السعي الي تأسيس المجتمع الاسلامي الواعي، و رفع المستوي الايماني في نفوس افراده، تمهيدا لنيل الخلافة الحقة و تطبيق المنصب الالهي الذي يعتقدون استحقاقه.

و کانوا يعملون علي تنفيذ ذلک، في حدود الامکان الذي يناسب مع الحذر من الجهاز الحاکم و تجنب شره. اذ لم يکن من المصلحة، ان يقوم الامام عليه السلام بحرکة ثورية عشوائية بجماعة قليلة تودي به و بجميع أصحابه الي الاستئصال التام، و لا يتحقق شي ء من ذينک الغرضين.

فهذا هو السر الاساسي للسلبية التي سار عليهاالأئمة عليهم السلام تجاه السلطات الحاکمة، و هو الذي يفسر لنا-علي تفصيل و تحقيق لا مجال له هنا- اعلان الامام الحسن عليه السلام الصلح مع معاوية. و رفض الامام الرضا عليه السلام ولاية العهد التي عرضها عليه المأمون. و هو السبب الذي ادي الي المواقف السلبي للامامين العسکريين عليهما السلام اللذين نورخ لهما و هو الذي ادي -في نهاية المطاف - الي غيبة الامام المهدي عليه السلام، علي ما سنعرف.



[ صفحه 106]