بازگشت

الايمان بالمهدي تجسيد لحاجة فطرية


إنّ ظهور الإيمان بفکرة حتمية ظهور المنقذ العالمي في الفکر الإنساني عموماً يکشف عن وجود أسس متينة قوية تستند إليها تنطلق من الفطرة الانسانية، بمعني أنها تعبّر عن حاجة فطرية عامة يشترک فيها بنو الانسان عموماً، وهذه الحاجة تقوم علي ما جُبل عليه الإنسان من تطلّع مستمر للکمال بأشمل صوره وأن ظهور المنقذ العالمي وإقامة دولته العادلة في اليوم الموعود يُعبّر عن وصول المجتمع البشري الي کماله المنشود.

يقول العلامة الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره): «ليس المهدي (عليه السلام) تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوانٌ لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهام فطري أدرک الناس من خلاله ـ علي تنوع عقائدهم ووسائلهم الي الغيب ـ أن للانسانية يوماً موعوداً علي الأرض تحقق فيه رسالات السماء مغزاها الکبير وهدفها النهائي، وتجد فيه المسيرة المکدودة للإنسان علي مرِّ التأريخ استقرارها وطمأنينتها بعد عناء طويل.

بل لم يقتصر هذا الشعور الغيبي، والمستقبل المنتظر علي المؤمنين دينياً بالغيب، بل امتد الي غيرهم أيضاً وانعکس حتي علي أشد الايدلوجيات والاتجاهات رفضاً للغيب، کالمادية الجدلية التي فسرت التاريخ علي أساس التناقضات وآمنت بيوم موعود، تُصفّي فيه کل تلک التناقضات ويسودُ فيه الوئامُ والسلامُ.

وهکذا نجد أن التجربة النفسية لهذا الشعور والتي مارستها الإنسانية علي مرّ الزمن من أوسع التجارب النفسية وأکثرها عموماً



[ صفحه 28]



بين بني الانسان» [1] .

إذن فالإيمان بالفکرة التي يجسدها المهدي الموعود هي من اکثر وأشد الأفکار انتشاراً بين بني الانسان کافة لأنها تستند الي فطرة التطلع للکمال بأشمل صوره، أي أنها تعبّر عن حاجة فطرية، ولذلک فتحققها حتمي؛ لأن الفطرة لا تطلب ماهو غير موجود کما هو معلوم.


پاورقي

[1] بحث حول المهدي: 7 ـ 8.