لقاء الإمام المهدي بأتباعه المؤمنين
روت المصادر الروائية المعتبرة الکثير من الروايات التي تتحدث عن
[ صفحه 156]
التقاء المؤمنين بالإمام المهدي(عليه السلام) في غيبته الصغري، فلايکاد يخلو کتاب من الکتب المصنفة في تواريخ الأئمة أو الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ خاصة، من ذکر مجموعة من هذه الروايات. وقد روي الشيخ الصدوق عن محمد بن أبي عبد الله احصائية لعدد لقاءاته من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، فذکر ثمانية وستين شخصاً [1] وأوصل الميرزا النوري العدد الي (304) اشخاص استناداً الي الروايات الواردة في المصادر المعتبرة [2] وفيها المروية بأسانيد صحيحة، ومعظمهم التقوه في الغيبة الصغري وبعضهم في حياة أبيه(عليهما السلام) وهذه الروايات تخص الذين رأوه وعرفوه وليس الذين لم يعرفوه.
ويُستفاد من هذه الروايات أنه(عليه السلام) کان يبادر الي الالتقاء بالمؤمنين في الکثير من الحالات ويظهر علي يديه المعجزات والدلائل بحيث يجعلهم يؤمنون بأنه هو الإمام ويثبت لهم وجوده(عليه السلام) وإمامته، وهذا ما يصرح به لعيسي الجوهري الذي التقاه في سنة (268 هـ) في صابر قرب المدينة المنورة حيث قال له في نهاية اللقاء وبعد ما أراه من الدلائل ما جعله علي يقين من هويته(عليه السلام):
«يا عيسي ما کان لک أن تراني لولا المکذِّبون القائلون بأين هو؟ ومتي کان؟ وأين ولد؟ ومن رآه؟ وما الذي خرج إليکم منه؟ وبأيِّ شيء نبّأکم؟ وأيَّ معجز أتاکم؟ أما والله لقد دفعوا أمير المؤمنين مع مارووه وقدَّموا عليه، وکادوه وقتلوه، وکذلک آبائي عليهم السَّلام ولم يصدِّقوهم ونسبوهم إلي السحر وخدمة الجنِّ إلي ما تبيّن.
ياعيسي فخبّر أولياءنا ما رأيت، وإيّاک أن تخبر عدوَّنا فتسلبه. فقلت: يا مولاي ادع لي بالثبات فقال: لو لم يثبّتک الله ما رأيتني، وامض بنجحک راشداً. فخرجت أکثر
[ صفحه 157]
حمداً لله وشکراً» [3] .
ويتضح من روايات التشرف بلقياه في الغيبة الصغري أنه کان يقوم خلالها أيضاً بقضاء حوائج المؤمنين إقتفاءً لسنّة آبائهِ الطاهرين(عليهم السلام)، کما کان يقوم خلالها بتوضيح بعض القضايا العقائدية المرتبطة بغيبته الکبري(عليه السلام) ويقدم لهم الإرشادات التربوية والأدعية المسنونة المرتبطة بغيبته وتوثيق الارتباط به(عليه السلام) فيها والتي تشتمل أيضاً علي توضيح ما سيحققه الله علي يديه عند ظهوره.
کما يُستفاد منها أن الکثير من المؤمنين کان يجتهدون في طلب لقياه ويسعون إليه خاصة في موسم الحج لما روي أنه يحضره کل سنة [4] وقد دلت بعض الروايات علي وقوع الالتقاء به بالفعل في الموسم. کما کان البعض يلجأون الي السفراء الأربعة للفوز بذلک، فکان يسمح للمخلصين منهم بذلک. فمثلاً روي الشيخ الطوسي في کتاب الغيبة فقال:
روي محمد بن يعقوب ـ رفعه عن الزُّهريّ ـ قال: طلبت هذا الأمر طلباً شاقاً حتي ذهب لي فيه مال صالح فوقعت إلي العمريّ وخدمته ولزمته وسألته بعد ذلک عن صاحب الزمان فقال لي: ليس إلي ذلک وصول فخضعت فقال لي: بکر بالغداة، فوافيت واستقبلني ومعه شابّ من أحسن الناس وجهاً، وأطيبهم رائحة بهيئة التجّار، وفي کمّه شيء کهيئة التجّار.
فلمّا نظرت إليه دنوت من العمريّ فأومأ إليَّ فعدلت إليه وسألته فأجابني عن کل ما أردت ثم مرَّ ليدخل الدار وکانت من الدُّور التي لا نکترث لها فقال العمريُّ: إذ أردت أن تسأل سل فإنّک لا تراه بعد ذا، فذهبت لأسأل فلم
[ صفحه 158]
يسمع ودخل الدّار، وما کلّمني بأکثر من أن قال: ملعون ملعون من أخّر العشاء الي أن تشتبک النجوم، ملعون ملعون من أخّر الغداة إلي أن تنقضي النجوم ودخل الدار» [5] .
پاورقي
[1] کمال الدين: 242.
[2] النجم الثاقب: 2 / 44 ـ 48 من الترجمة العربية.
[3] تبصرة الولي: 197.
[4] الکافي: 1 / 337 ـ 339، الغيبة للنعماني: 175.
[5] الغيبة للطوسي: 164، الاحتجاج للطبرسي: 2 / 298، وسائل الشيعة: 3/147.