بازگشت

حفظ الکيان الايماني


ولکن مهمة إثبات وجود الامام(عليه السلام) والتعريف بوکلائِهِ کانت تؤدي أحياناً الي تسرب بعض الأخبار للسلطة فيتدخل الإمام لحفظ نظام الوکلاء حتي ينجز دوره المطلوب في الغيبة الصغري. فمثلاً يروي ثقة الإسلام الکليني في الکافي عن الحسين بن الحسن العلوي قال: «کان رجل من ندماء روز حسني وآخر معه فقال له: هوذا يجبي الاموال وله وکلاء وسمّوا جميع الوکلاء في النواحي وأنهي ذلک إلي عبيد الله بن سليمان الوزير، فهمَّ الوزير بالقبض عليهم، فقال السلطان: اُطلبوا أين هذا الرجل؟ فانّ هذا أمر غليظ، فقال عبيد الله ابن سليمان: نقبض علي الوکلاء، فقال السلطان: لا، ولکن دسوا لهم قوماً لا يعرفون بالأموال، فمن قبض منهم شيئاً قبض عليه قال: فخرج بأن يتقدم إلي جميع الوکلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئاً وان يمتنعوا من ذلک ويتجاهلوا الأمر، فاندس لمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال: معي مال اُريد أن اُوصله، فقال له محمد: غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئاً، فلم يزل يتلطفه ومحمد يتجاهل عليه وبثّوا الجواسيس وامتنع الوکلاء کلهم لما کان تقدّم اليهم» [1] .

يُستفاد من الروايات الواردة بشأن سيرة الإمام(عليه السلام) في غيبته الصغري أن جهوده لدفع أذي ارهاب السلطات العباسية لم يقتصر علي الوکلاء کما رأينا في الفقرة السابقة، بل شملت أيضاً حفظ سائر المؤمنين من البطش العباسي، وهذه سنّة ثابتة في سيرةِ آبائِه(عليهم السلام) جميعاً، فقد جدوا في رعاية



[ صفحه 153]



المؤمنين ودفع الأذي عنهم ما استطاعوا الي ذلک سبيلاً.

ومن نماذج رعايته للمؤمنين في هذا الجانب مارواه الکليني في الکافي: عن عليّ بن محمد قال: «خرج نهي عن زيارة مقابر قريش والحيرة، فلما کان بعد أشهر دعا الوزير الباقطائي فقال له: الق بني الفرات والبرسيين وقل لهم: لا يزوروا مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقد کل من زار فيقبض عليه» [2] .

کما شملت هذه الرعاية قضاء حوائج المؤمنين الشخصية والاجتماعية والإصلاح بينهم والدعاء لهم وتزويدهم بالوصايا التربوية والإجابة علي أسئلتهم الدينية وتعليمهم الأدعية وغير ذلک مما سجلته المصادر التأريخية المختصة بهذه الفترة [3] .

وثمة أهداف أخري سعي الإمام لتحقيقها في فترة الغيبة الصغري مثل کشف التيارات المنحرفة داخل الکيان الشيعي منها: خط عمه جعفر ومنها تيار الوکلاء المنحرفين. وقد أثبت التأريخ نجاح الإمام (عليه السلام) في القضاء عليها إذ انقرض أتباعها سريعاً قبل انقضاء فترة الغيبة الصغري.

وفي الفقرة اللاحقة نلتقي بنموذجين من تحرک الإمام في هذه الفترة لتحقيق الأهداف المذکورة وهما: إصدار التوقيعات والإلتقاء بالمؤمنين.


پاورقي

[1] الکافي: 1 / 525.

[2] الکافي: 1/ 525.

[3] راجع تأريخ الغيبة الصغري: 367، و597 وما بعدهما.