بازگشت

تعقيب السلطة العباسية لخبر الإمام


يظهر من روايات مرحلة الغيبة الصغري أنّ السلطة العباسية أخذت تتعقب خبر الإمام المهدي (عليه السلام)، وکأنها کانت علي اطمئنان بوجوده استناداً الي ما تواتر نقله عن النبي الأکرم (صلي الله عليه وآله) من أخبار الائمة الإثني عشر من عترته، وکانت تعلم أن الحسن العسکري (عليه السلام) هو الحادي عشر منهم فلابد من ولادة الثاني عشر أيضاً وهو خاتمهم الموعود بإنهاء الظلم والجور علي يديه حسبما ورد في البشارات النبوية المتواترة.

وقد لاحظنا في رواية الکليني ـ ضمن حديثنا عن رعاية الإمام لوکلائه ـ أن هدف السلطة من التجسس علي الوکلاء هو الوصول الي الإمام(عليه السلام)، ولذلک کانت التأکيدات المشددة من قبل الأئمة السابقين (عليهم السلام) ومن الإمام المهدي(عليه السلام) نفسه ترکّز علي النهي عن ذکر اسم الإمام في الغيبة الصغري؛



[ صفحه 145]



لأنه اذا عُرف الاسم اشتد الطلب [1] ويُستفاد من رواية نقلها الشيخ الطوسي في کتاب الغيبة: أن السلطات العباسية حصلت بالفعل علي معلومات عن وجود الإمام(عليه السلام) وسعت لاغتياله، فتحدّاها الإمام (عليه السلام) ليثبت أنه محفوظ بالرعاية الإلهية.

تقول الرواية: «وحدّث عن رشيق صاحب المادراي قال: بعث الينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر فأمرنا أن يرکب کل واحد منّا فرساً ونجنب آخر ونخرج مخفين لا يکون معنا قليل ولا کثير إلا علي السرج مصلي وقال لنا: الحقوا بسامرة، ووصف لنا محلة وداراً وقال: اذا أتيتموها تجدون علي الباب خادماً اسود فاکبسوا الدار ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه. فوافينا سامرة فوجدنا الأمر کما وصفه، وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تکة ينسجها فسألناه عن الدار ومن فيها فقال: صاحبها، فوالله ما التفت الينا وأقل اکتراثه بنا، فکبسنا الدار کما أمرنا فوجدنا داراً سرية ومقابل الدار سترما نظرت قط الي أنبل منه کأنّ الأيدي رفعت عنه في ذلک الوقت.

ولم يکن في الدار أحد فرفعنا الستر فاذا بيت کبير کأن بحراً فيه ماء وفي أقصي البيت حصير قد علمنا انه علي الماء، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلي. فلم يلتفت إلينا ولا الي شيء من أسبابنا، فسبق أحمد بن عبدالله ليتخطي البيت فغرق في الماء ومازال يضطرب حتي مددت يدي إليه فخلصته وأخرجته وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني الي فعل ذلک الفعل فناله مثل ذلک، وبقيت مبهوتاً فقلت لصاحب البيت: المعذرة الي الله واليک فوالله ما علمت کيف الخبر ولا الي من أجيء وأنا تائب الي الله، فما



[ صفحه 146]



التفت الي شيء مما قلنا وما انفتل عما کان فيه، فهالنا ذلک وانصرفنا عنه.

وقد کان المعتضد ينتظرنا، وقد تقدم الي الحجّاب اذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت کان، فوافيناه في بعض الليل فأدخلنا عليه فسألنا عن الخبر فحکينا له ما رأينا، فقال: ويحکم! لقيکم أحد قبلي؟ وجري منکم الي أحد سبب أو قول؟ قلنا: لا، فقال: أنا نفيّ من جدي ـ وحلف بأشد ايمان له ـ أنه رجل إن بلغه هذا الخبر يضربن اعناقنا. فما جسرنا أن نحدّث به إلا بعد موته [2] .



[ صفحه 147]




پاورقي

[1] کمال الدين: 441.

[2] غيبة الطوسي: 164.