بازگشت

تسلمه مهام الإمامة صغيراً


تسلّم المهدي(عليه السلام) مهام الإمامة وهو ابن خمس أو ست سنين فهو أصغر الائمة سناً عند توليه مهام الإمامة. وقد أخبرت عن ذلک الأحاديث الشريفة سابقاً [1] .

وليس في ذلک غرابة في تأريخ الأنبياء والرسل وائمة أهل البيت(عليهم السلام) فقد سبقه لذلک بعض انبياء الله تعالي حسب نصّ القرآن الکريم کعيسي ويحيي کما سبقه الإمامان علي الهادي(عليه السلام) الذي تسلم الإمامة وهو ابن ثمان سنين والإمام محمد الجواد(عليه السلام) الذي تسلم الإمامة وهو ابن سبع أو تسع سنين.

وقد خاض الإمام الجواد (عليه السلام) امتحانين عامين، الأول منهما کان بحضور مشائخ مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وکبار علمائهم من أصحاب أبيه، وبعد تسلمه لمهام الإمامة مباشرة، وکان الثاني منهما في مجلس المأمون وبحضور کبار علماء المسلمين يومذاک وکبار زعماء العباسيين الذين کانوا يسعون



[ صفحه 128]



بکل وسيلة للحط من مکانة ائمة أهل البيت (عليهم السلام). وخرج من کلا الامتحانين بنجاح باهر أذعن بسببه مشائخ أصحاب أبيه وکبار علماء المسلمين لإمامته العلمية وإحاطته بعلوم شريعة جده سيد الرسل محمد (صلي الله عليه وآله) [2] .

وکانت أهم ثمار هذه التجربة تتجلي في إثبات إمامة الائمة الاثني عشر کموقع إلهي يؤتيه الله تبارک وتعالي لمن يشاء فلا يؤثر صغر السن في قابلية الإفاضة الإلهية علي الشخص، ولذلک نلاحظ أنّ الذين ترجموا للإمام المهدي(عليه السلام) من علماء المذاهب الإسلامية قد اعتبروا تسلمه للإمامة، وهو ابن خمس سنين أمراً طبيعياً في سيرة ائمة هذا البيت(عليهم السلام)، حتي إنّ عالماً کبيراً مثل ابن حجر الهيثمي المکّي الشافعي يقول في ذيل ترجمته للإمام الحسن العسکري(عليه السلام): ولم يخلف [الإمام العسکري] غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لکن آتاه الله فيها الحکمة... [3] ، ويقول صاحب کتاب مرآة الأسرار الشيخ عبدالرحمن الجامي الحنفي في ترجمته: «کان عمره عند وفاة ابيه خمس سنين وجلس علي مسند الإمامة ومثله مثل يحيي بن زکريا حيث أعطاه الله في الطفولية الحکمة والکرامة ومثل عيسي بن مريم حيث أعطاه النبوة في صغر سنّه کذلک المهدي جعله الله إماماً في صغر سنه، وما ظهر له من خوارق العادات کثير لا يسعه هذا المختصر» [4] .

ونلاحظ هنا استناد الشيخ الجامي الحنفي الي تجارب الأنبياء السابقين(عليهم السلام) التي تنفي استبعاد الإمامة عن الصغير مادام الإمام مسدداً من



[ صفحه 129]



قبل الله تبارک وتعالي في صغره أو کبره. وقد ثبت أن المهدي (عليه السلام) قد حظي بهذا التسديد الإلهي من خلال حوادث عديدة نقلتها کتب الحديث والتاريخ وذکرت صدور کرامات عنه (عليه السلام) لا يمکن صدورها عن غير الإمام، وقد کان بعضها في حياة أبيه وبعضها الآخر في عهد إمامته [5] .


پاورقي

[1] راجع مثلاً حديث الإمام الباقر(عليه السلام): «صاحب هذا الأمر أصغرنا سناً وأخملناشخصاً...» غيبة النعماني: 184.

وراجع بهذا الشأن إيضاحات الشيخ المفيد في کتابه الفصول المختارة من العيون والمحاسن: 256، وفي کتاب بحث حول المهدي للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(رحمه الله) حيث تحدث مفصلاً عن هذه الظاهرة في حياة الائمة بالتفصيل.

[2] راجع تفصيلات هذه الامتحانات في موسوعة بحار الأنوار: 50/ 99 وغيرها.

[3] الصواعق المحرقة: 124.

[4] مرآة الأسرار: 31.

[5] مثل تکلّمه عند ولادته وهو في المهد، کمال الدين: 433، 441 وغيرها، ومثل تحدثه بجوامع العلم والحکمة وهو صغير، غيبة الشيخ الطوسي: 148 وغيرها.