بازگشت

ائمة العترة هم المصداق الوحيد


الواقع التأريخي يثبت أن المصداق الوحيد الذي تنطبق عليه هم الائمة الاثنا عشر من عترة النبي الأعظم (صلي الله عليه وآله). وهم يختصون بهذا العدد تأريخياً کما هو معلوم وتنطبق عليهم الأوصاف المستفادة من دلالات الحديث الشريف، کما سنشير لذلک فيما يلي:

أدلة التطبيق

أولاً: انّ الحديث يدل بصورة واضحة علي لزوم توفر تلک الأوصاف في هؤلاء الخلفاء الاثني عشر والتي تؤهلهم لکي يکون الدين قائماً بهم. بمعني أن يکونوا جميعاً معبرين عن خط واحد ومنهج واحد في الدفاع عن الدين وحفظه وتبليغه ـ کما فعل رسول الله (صلي الله عليه وآله) ـ، وقد توفرت هذه الصفات في ائمة العترة النبوية الطاهرة الذين ثبت أن علوم النبي (صلي الله عليه وآله) عندهم وثبت عنه وصيته بالتمسک بهم للنجاة من الضلالة کما في حديث الثقلين، وقد أخذ



[ صفحه 97]



الکثير من المسلمين ـ ومنهم أئمة المذاهب الأربعة ـ علوم الدين منهم کما هو ثابت تأريخياً وثبت في روايات مختلف الفرق الإسلامية لجوء الجميع إليهم وفقرهم إليهم في علوم الدين واستغناؤهم (عليهم السلام) عن الجميع في ذلک [1] .

کما أثبتت سيرتهم تفانيهم في الدفاع عن الإسلام ونشر علومه وإغاثة المسلمين عندما هاجمتهم الغزوات الفکرية. واحتجاجاتهم علي الملحدين وأرباب الديانات الأخري مدونة في کتب المسلمين وهي تثبت حقيقة قيام الدين بهم وخلافتهم للرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله) في ذلک، وأهليتهم لقيادة المسلمين أيضاً کما صرح بذلک الذهبي مثلاً حيث قال بأهلية الإمام الحسن والحسين والسجاد والباقر(عليهم السلام) ثم قال: وکذلک جعفر الصادق کبير الشأن من أئمة العلم کان أولي بالأمر من أبي جعفر المنصور، وکان ولده موسي کبير القدر جيد العلم أولي بالخلافة من هارون [2] .

ثانياً: إنّ سيرتهم (عليهم السلام) تنسجم مع تصريح الحديث الشريف بتعريض الخلفاء الإثني عشر للمعاداة والخذلان دون أن يضر ذلک في قيامهم بإنجاز مهمتهم الأساسية في حفظ الدين والدفاع عنه کما لاحظنا ذلک في الفقرة السابقة، ومن المعروف تأريخياً أنهم تعرضوا للأذي والملاحقة الشديدة من قِبَل السلطات الحاکمة التي لم تألُ جُهداً لإبادتهم مثل ما جري في واقعة الطف للحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه وتعريضهم للسجن والاغتيال بالقتل أو السم الأمر الذي أدي في نهاية المطاف الي ضرورة غيبة خاتمهم الإمام



[ صفحه 98]



الثاني عشر(عليه السلام)، ولکن کل أشکال التعسّف والقهر والعداء والخذلان لم يُثنهم عن حفظ سنّة جدهم (صلي الله عليه وآله) وتبليغها حيث حفلت الأحاديث المروية عنهم والمدونة في کتب علماء مدرستهم بکل ما يحتاجه الإنسان في مختلف شؤونه الفردية والاجتماعية [3] .

ثالثاً: تنطبق عليهم دلالة الحديث علي استمرار وجودهم بصورة متصلة ما بين وفاة جدهم (صلي الله عليه وآله) وقيام الساعة، في سلسلة ذهبية لم تؤد الي قطعها کل حملات العداء والخذلان التي تعرِّضوا لها، وإن أدت الي غيبة خاتمهم الإمام المهدي(عليه السلام) فاستمر دوره في حفظ الدين وقيامه بذلک من خلف استار الغيبة بأساليب متنوعة أثبتت أن الانتفاع بوجوده متحقق مثلما ينتفع بالشمس إذا غيّبتها السُحب عن الأبصار کما ورد في الأحاديث الشريفة [4] .

وبذلک يتضح أن عقيدة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) کيف تفسر عدم تناسب طول الفترة الزمنية بين وفاة الرسول (صلي الله عليه وآله) وبين قيام الساعة، مع تحديد الحديث الشريف لعدد الخلفاء القيمين علي الإسلام بإثني عشر رجلاً لا أکثر، يستمر وجودهم متصلاً الي يوم القيامة لأن قيام الدين يکون بهم.

وبذلک يکون الحديث الشريف من الأحاديث المتفق علي صحتها بين المسلمين والدالة علي وجود الإمام المهدي وغيبته لأنه لا ينطبق علي غير الائمة الإثني عشر من أئمة العترة النبوية الذين أدي خذلانهم الي غيبة خاتمهم(عليه السلام).



[ صفحه 99]




پاورقي

[1] راجع مثلاً «الإمام الصادق والمذاهب الأربعة» للشيخ أسد حيدر، وما ورد بشأنهم في تاريخ دمشق لابن عساکر وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي والصواعق المحرقة لابن حجر وسير أعلام النبلاء للذهبي ووفيات الأعيان لابن خلکان وغيرها. وسائر من ترجم لهم (عليهم السلام) من مختلف الفرق الإسلامية.

[2] سير أعلام النبلاء: 13/ 120 وراجع ما جمعه الشيخ الطبرسي في کتاب الاحتجاج تجد نماذج کثيرة لدفاعهم عن الإسلام بوجه الأفکار الدخلية.

[3] جمعت هذه الأحاديث الشريفة في موسوعات ضخمة مثل بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي ووسائل الشيعة للحر العاملي.

[4] مثل إصداره «التوقيعات» وهي الرسائل التي کان(عليه السلام) يبعثها للمؤمنين ويجيب فيها عن اسئلتهم الدينية المختلفة وقد دونت کتب الغيبة عدداً کبيراً منها، تجدها في کتاب «کلمة الإمام المهدي» والصحيفة المهدوية وغيرها.