اتصال وجود الخلفاء الاثني عشر
وهذه الصفة ـ أي قيام الدين بهم ـ تدل علي استمرار وجودهم ما بين وفاة رسول الله (صلي الله عليه وآله) ويوم القيامة، لأن القول بتفرقهم وخلو بعض الأزمان من أحدهم مع ربط قيام الدين بهم، يعني ضياع الإسلام وعدم قيامه في بعض الأزمان وهذا خلاف ما يدل عليه الحديث الشريف بعبارات من قبيل «لا يزال الدين قائماً» «لا يزال الإسلام عزيزاً».
من هنا لا يمکن أن يکون مصداق الحديث الشريف أشخاصاً متفرقين علي طول التأريخ الإسلامي بل يجب أن لا يخلو زمان من واحد منهم. فيکون وجودهم متصلاً.
کما ان صفة قيام الدين بهم تؤکد أن المعني المراد من الخلافة لرسول الله (صلي الله عليه وآله) هو المعني الشمولي المتقدم الذي يشمل بالدرجة الأولي الوصاية علي الدين الحق وحفظه والدعوة له والهداية إليه، الأمر الذي يؤهلهم للقيمومة علي الأمة والولاية الشرعية عليهم المنتزعة من الولاية النبوية کما في حديث الغدير المشار إليه.
وهذا يستلزم تحليهم بالدرجة العليا من العلم بالدين الحق والعمل علي وفقه لکي يکونوا أهلاً لحفظه وهداية الخلق إليه، وهذا ما يشير إليه قوله (صلي الله عليه وآله) في وصفه لهم: «کلهم يعمل بالهدي ودين الحق» الوارد في ذيل بعض نصوص هذا الحديث الشريف [1] .
وعلي ضوء ما تقدم نفهم الصفة الاخري التي يذکرها الحديث الشريف
[ صفحه 96]
لهم وهي أنهم سيُعرضون للکثير من أشکال المعاداة والخذلان ـ ولو لم يکن کثيراً لما استحق الذکر ـ دون أن يضرهم ذلک، فهذا العداء والخذلان لن يضرهم بمعني أنه لا يصدهم عن تحقيق مهمتهم الأساسية بالحفاظ علي قيام الدين وعزته رغم کل الصعاب وبقائه محفوظاً عندهم في کل الأزمان رغم أن الکيان السياسي للمسلمين تعرض لحقب تأريخية عديدة أصابه فيها الذل والهوان وتولي حکمه فيها أبعد الخلق عن معني خلافة رسول الله (صلي الله عليه وآله).
هذه هي صفات الخلفاء الأئمة الاثني عشر المستفادة من دلالات الحديث الشريف طبقاً لنصوصه المروية في أفضل الکتب المعتمدة عند إخواننا أهل السنة، فعلي من تنطبق؟
پاورقي
[1] فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني: 3/184، باب الاستخلاف.