دراسة الأحاديث مستقلة
3 ـ الدلالة نفسها يمکن التوصل إليها من خلال دراسة الحديث المتقدم بصورة مستقلة وبغض النظر عن ارتباطه بحديثي الثقلين والغدير، واستناداً الي الدلالات المستفادة من الحديث نفسه وطبقاً للمروي في کتب أهل السنة. فنصوصه تجمع علي أن موضوعه الأول إخبارُ المسلمين بأن إثني عشر شخصاً سيخلفون النبي (صلي الله عليه وآله) لقوله: «يکون من بعدي»، أي في الفاصلة الزمنية بين رحيله والي يوم القيامة کما هو المستفاد من قوله في مقدمة الحديث: «إن هذا الأمر لا ينقضي» کما في صحيح مسلم وغيره والصيغ الاخري دالة علي الأمر نفسه.
وعليه فالصفات والدلالات التي يشتمل عليها الحديث الشريف لا تنطبق علي أکثر من إثني عشر شخصاً بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله) والي يوم القيامة، وإلا لما حصر رسول الله (صلي الله عليه وآله) الأمر بهم. فمَنْ هم هؤلاء؟
وللإجابة علي هذا السؤال نرجع الي نصوص الحديث الشريف نفسه لمعرفة الصفات التي تحددها لهم ثم نلاحظ علي مَن تنطبق.
إنّ الصفات التي تذکرها النصوص هي: امراءٌ، قرشيون، کونهم خلفاء، بقاء الإسلام عزيزاً بهم، قيام الدين بهم، قيّمون علي الأمة، خذلان البعض لهم وتعريضهم للمعاداة. فلندرس کل واحدة من هذه الصفات.
إنّ معني الإنتماء لقريش واضح، وقد أجمعت معظم المذاهب
[ صفحه 93]
الإسلامية علي اشتراطه في الإمام. أما صفة «الخليفة» أو «الأمير» فالمعني المتبادر منها هو مَن يخلف رسول الله (صلي الله عليه وآله) في قيادة المسلمين أو مَن يلي أمرهم، فهل الوصف هذا يراد به من تولّي حکم المسلمين السياسي بعد وفاته (صلي الله عليه وآله)؟!.
من الواضح أنه لا يمکن حمل الوصف المذکور علي هذا المعني، إذ إنّ هذا تنفيه أحاديث اُخري صحت حتي عند إخواننا أهل السنة وهي المصرحة بأن الخلافة بهذا المعني لن تستمر بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله) لأکثر من ثلاثين عاماً ثم تصبح ملکاً کما في صحيحي البخاري ومسلم [1] في حين أن الحديث الشريف يصرح باستمرار وجود هؤلاء الاثني عشر الي يوم القيامة. فلا معني لحصر البحث عن مصاديق الحديث الشريف فيمن تولي حکم المسلمين بالفعل.
پاورقي
[1] راجع في ذلک معجم أحاديث الإمام المهدي، 1: 16 ـ 38.