ترابط أحاديث حجة الوداع
2 ـ وعلي ضوء اشتراک الأحاديث الثلاثة في موضوع واحد، فإن مما يعين علي فهم هذا الحديث الشريف مورد البحث، ملاحظة ارتباطه بالحديثين الآخرين اللذين بلغهما الرسول محمد (صلي الله عليه وآله) في حجة الوداع نفسها أو علي الأقل في فترة زمنية واحدة هي الأيام الأخيرة من حياته الشريفة. وحقيقة الأمر أن الأحاديث الثلاثة ترسم صورة متکاملة لطريق اهتداء المسلمين لما يضمن مستقبل مسيرتهم من بعده (صلي الله عليه وآله).
فحديث الثقلين يصرح ـ کما بيّنا سابقاً ـ بأن النجاة من الضلالة بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله) تکون بالتمسک بالقرآن والعترة وأن لکل زمان رجلاً من أهل بيته وعترته جديراً بأن يکون التمسک به الي جانب القرآن منجاة من الضلالة.
أما حديث الغدير فإنه يصرح باسم الإمام علي (عليه السلام) کولي للامة بعده (صلي الله عليه وآله) يجب عليهم التمسک بولايته کما وجب التمسک بولاية خاتم المرسلين، وهذا ما يدل عليه أخذه (صلي الله عليه وآله) إلا قرار من المسلمين بأنه أولي
[ صفحه 91]
بالمؤمنين من أنفسهم ثم قوله: «مَن کنتُ مولاه فهذا علي مولاه» [1] .
أما حديث الأئمة الاثني عشر فإنه يصرح بأن الدين يبقي قائماً الي يوم القيامة بوجود هؤلاء الأئمة وبهذا العدد لا يزيد ولا ينقص، ويهدي الي التمسک بهم.
فتکون الصورة التي ترسمها الأحاديث الثلاثة معاً ـ وقد صدرت في حجة واحدة أو علي الأقل في فترة زمنية واحدة هي الأيام الأخيرة من حياته الشريفة وضمن مسعي واحد هو هداية المسلمين الي سبيل النجاة من الانحراف والضلالة بعده وهي: أن النجاة من الضلالة وحفظ قيام الدين تکون بالتمسک بالقرآن الکريم وبأئمة العترة الطاهرة الذين لا يخلو زمانٌ من أحدهم وأن أولهم الإمام علي (عليه السلام) وعددهم إثنا عشر إماماً لا يزيد ولا ينقص.
پاورقي
[1] عن دلالات حديث الغدير وتواتره وطرقه راجع موسوعة الغدير للعلامة الأميني(رحمه الله)، والجزء الخاص به من عبقات الأنوار وغيرها.