بازگشت

الهادي منصوب من الله


وبالرجوع ثانية الي القرآن الکريم نجده يصرّح بأن الذي يکون هادياً للناس بأمر الله تبارک وتعالي هو الإمام المنصوب لذلک من قبل الله تعالي کما هو واضحٌ من قوله تعالي: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) [1] .

وفي هذا تأکيد لما دلّت عليه آيات الإمامة وأنها عهد إلهي يجعله الله فيمن يختاره من عباده، کما أشرنا لذلک في الحديث عن آيات سورة الاسراء وصفات الإمام.

نعود للآية مورد البحث من سورة الرعد فهي تصرّح بأنه (لکل قوم هاد)علي نحو الإطلاق ومصداق الهادي المراد فيها لا يمکن أن يکون أحد الکتب السماوية للسبب نفسه الذي أوردناه في معرفة مصداق «الإمام» في آية سورة الإسراء، کما لا يمکن حصر المصداق بالنبي لما قلنا من أنه يخرج الفترات التي ليس فيها نبي من حکم الآية وهذا خلاف ظاهر الآية العام الذي يشمل جميع الأزمان.

کما لا يمکن أن يکون المصداق المقصود في الآية هو الله سبحانه وتعالي؛ لأن هدايته تشمل جميع الأزمنة دونما تخصيص بقوم دون قوم، وهذا خلاف ظاهر الآية، خاصة وأن لفظة «هاد» جاءت بصيغة النکرة، الأمر



[ صفحه 75]



الذي يفيد تعدد الهداة.

يُضاف الي کل ذلک أن الهداية الإلهية للناس تکون بواسطة هداة من أنفسهم مرتبطين به تبارک وتعالي يتلقون منه الهداية وينقلونها الي عباده، وهؤلاء هم المهتدون بأنفسهم منه تبارک وتعالي دونما واسطة کما تقدم في تفسير آية سورة يونس وهم الذين يهدون بأمره تعالي. وهم الأئمة المنصوبون للهداية بأمره تعالي کما تقدم حيث لم يرد في القرآن الکريم وصف الهداية بأمره إلاّ في موردين اقترن فيهما بوصفي «الأئمة» وإختيارهم لذلک من قبل الله تعالي، والموردان هما آية سورة الأنبياء المتقدمة وآية سورة السجدة: (وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا) [2] .

وتکون النتيجة المتحصلة من التدبر في الآية الکريمة مورد البحث هي حتمية وجود إمام هاد الي الله بأمره تبارک وتعالي منصوب لذلک من قبله عزّ وجلّ في کل عصر فلا تخلو الأرض منه سواء أکان نبيّاً أو غير نبي.

وحيث إن مثل هذا الشخص غير ظاهر في عصرنا الحاضر؛ إذ لا يوجد بين المسلمين ـ من أي فرقة کانت ـ مَن يقول بوجود إمام ظاهر هاد بأمر الله منصوب من قبله تعالي ورد النص عليه ممّن قوله حجة إلهية کما تقدم في البحث عن آية سورة الإسراء؛ لذا فلا مناص من القول بغيبته واستتاره، وقيامه بمهام الإمامة والهداية مستتراً بأستار الغيبة، فيکون الانتفاع به مثل الانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب کما ورد في الأحاديث الشريفة [3] وهذا ما تقول به مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في الامام المهدي وغيبته.



[ صفحه 77]




پاورقي

[1] الأنبياء (21): 73.

[2] السجدة (32): 24.

[3] راجع الحديث الذي يرويه جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله(صلي الله عليه وآله) المروي في کمال الدين: 1 / 253 وکفاية الأثر: 53 وغيرهما.