بازگشت

الامام المقصود في الآية


فمَن هو «الإمام» المقصود في الآية والذي لا يخلو زمان من مصداق له ويُدعي به أهل عصره يوم القيامة؟ هل هو شخصٌ معيّنٌ؟ أم هو أحد الکتب السماوية في کل عصر؟ أم هو اللوح المحفوظ؟

لا يمکن أن يکون المراد هنا الکتب السماوية ولا اللوح المحفوظ لأنّ الآية عامة وصريحة بأن مدلولها ـ وهو عدم خلو أي زمان، وأيّ قوم من إمام ـ يشمل الأولين والآخرين، في حين أن من الثابت قرآنياً وتاريخياً أن أول الکتب السماوية التشريعية هو کتاب نوح(عليه السلام)، فالقول بأن المراد بالإمام في الآية أحدها في کل عصر يعني إخراج الأزمنة التي سبقت نوحاً(عليه السلام) من حکم الآية وهذا خلاف صريح منطوقها بشمولية دلالتها لکل عصر کما يدلّ عليه قوله تعالي (کل اُناس).

کما لا يمکن تفسير الإمام في الآية باللوح المحفوظ؛ لأنه واحدٌ لا يختص بأهل زمان معين دون غيرهم في حين أن الآية الکريمة تصرّح بأن لکل اُناس إماماً.

إذن لا يبقي إلاّ القولان الأولان، فالمتعين أن يکون المراد من الإمام في الآية من يأتمّ به أهل کل زمان في سبيلي الحق أو الباطل. أو أن يکون المراد فيها إمام الحق خاصة وهو الذي يجتبيه الله سبحانه في کل زمان لهداية الناس بأمره تبارک وتعالي ويکون حجة الله عزّ وجلّ عليهم يدعوهم به يوم



[ صفحه 58]



القيامة للاحتجاج به عليهم سواءٌ کان نبيّاً کإبراهيم الخليل ومحمد ـ عليهما وآلهما الصلاة والسلام ـ أو غير نبي کأوصياء الأنبياء(عليهم السلام).

ويکون المراد بالدعوة في الآية هو الإحضار، أي إن کل اُناس ـ في کل عصر ـ محضرون بإمام عصرهم، ثم يُؤتي مَن اقتدي بإمام الحق کتابه بيمينه ويظهر عمي مَن عمي عن معرفة الإمام الحق في عصره وأعرض عن إتباعه. وهذا ما يعطيه التدبر في الآيتين الکريمتين مورد البحث کما يقول العلامة الطباطبائي في تفسيرهما [1] ، وقد عرض في بحثه لجميع أقوال المفسّرين في تفسير معني الإمام هنا وبيّن عدم انسجامها مع الاستخدام القرآني وظاهر الآيتين، وهي أقوال واضحة البطلان، ولعل أهمها القول بأنّ المراد من الإمام: النبي العام لکل أمة، کأن يُدعي بأمة إبراهيم أو أمة موسي أو أمة عيسي أو أمة محمد ـ صلوات الله عليهم أجميعن ـ، وهذا القول أيضاً غير منسجم مع ظاهر الآيتين أيضاً لأنه يُخرج من حکمها العام الأمم التي لم يکن فيها نبي، وهذا خلاف ظاهرهما، کما أنه مدحوض بالآيات الاُخري التي سنتناولها لاحقاً، إن شاء الله تعالي.


پاورقي

[1] تفسير الميزان: 13/ 165 ـ 169، وما أوردناه مستفادٌ من بحثه التفسيري لهما.