تاثير البشارات في صياغة العقيدة المهدوية
أما القضية الثانية: فهي ترتبط بالاعتراض القائل بأن الاستناد الي هذه البشارات في اثبات عقيدة أهل البيت(عليهم السلام) في المهدي المنتظر(عليه السلام) يفتح باب التشکيک والادّعاء بأن هذه العقيدة تسللت الي الفکر الاسلامي من الاسرائيليات ومحرفات الأديان السابقة.
والجواب علي هذا الاعتراض يتّضح من الإجابة السابقة، فهو يصح إذا کانت العقيدة الإمامية المهدوية تستند الي تلک البشارات وحدها في حين أن الأمر ليس کذلک.
[ صفحه 47]
ولو قلنا بأن کل فکرة اسلامية لها نظير في الأديان السابقة هي من الأفکار الدخيلة في الاسلام؛ لأدي الأمر الي اخراج الکثير من الحقائق والبديهيّات الاسلامية التي أقرّها القرآن الکريم وصحاح الأحاديث الشريفة وهي موجودة في الأديان السابقة، وهذا واضح البطلان ولا يخفي بطلانه علي ذي لب. فالمعيار في تشخيص الأفکار الدخيلة علي الاسلام هو عرضها علي القرآن والسنّة والأخذ بما وافقهما ونبذ ما خالفهما، وليس عرضها علي ما في کتب الديانات السابقة ونبذ کل ما وافقها مع العلم بأن فيها ما لم تتطرق له يد التحريف وفيه ما ثبت صدوره عن المصدر الذي صدر عنه القرآن الکريم.
يُضاف الي ذلک أن عقيدة الإمامية في المهدي المنتظر(عليه السلام) تستند الي واقع تأريخي ثابت، فکون الإمام المهدي هو الثاني عشر من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) ثابت تاريخياً وحتي ولادته الخفية من الحسن العسکري (عليه السلام) قد سجلها المؤرخون من مختلف المذاهب الاسلامية وأقرها علماء مختلف المذاهب حتي الذين لم يذعنوا أنّه هو المهدي الموعود وإن کان عدد الذين صرحوا بأنه هو المهدي من علماء أهل السنّة غير قليل أيضاً [1] .
[ صفحه 48]
پاورقي
[1] ذکر الشيخ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة الکثير من علماء أهل السنّة القائلين بأن المهدي الموعود هو ابن الحسن العسکري وأنه حي وغائب، کما ذکر الميرزا النوري في کتاب کشف الأستار اربعين عالماً منهم ونقل تصريحاتهم في ذلک، وکذلک فعل العلامة نجم الدين العسکري في کتابه المهدي الموعود المنتظر(عليه السلام) عند علماء أهل السنّة والإمامية، وجمع أقوالهم وتصريحاتهم السيد ثامر العميدي في الجزء الأول من کتابه (دفاع عن الکافي). وکذلک السيد الأمين العاملي في ج5 من المجالس السنية والاستاذ الدخيّل في: الإمام المهدي(عليه السلام).