بازگشت

الاستناد الي ما صدقه الاسلام من البشارات


1 ـ من الثابت اسلامياً أن الرسول الأکرم (صلي الله عليه وآله) قد بشّر بالمهدي الموعود من أهل بيته ومن ولد فاطمة ـ سلام الله عليها [1] ـ، لذلک فإن البشارات الواردة في کتب الأديان السابقة من هذا النمط الذي لم تطاله أيدي التحريف ما دامت منسجمة مع ما صرح في النصوص الشرعية الاسلامية. اذن لا مانع من الاستناد اليه والاحتجاج به.

2 ـ يُضاف الي ذلک أن القرآن الکريم نفسه قد بشّر بالدولة الإلهية العالمية واقامتها في آخر الزمان کما صرحت بذلک آياته الکريمة التي دلّ عددٌ منها علي المهدي الموعود وحتمية وجوده وغيبته، کما سنوضح ذلک في بحث لاحق ان شاء الله تعالي. وهذا يعني تصديق ما ورد في بشارات الأديان السابقة الواردة بالمضمون نفسه، الأمر الذي يعني صدورها من نفس المصدر الذي صدر منه القرآن الکريم، وبالتالي الحکم بصحتها وعدم تطرق التحريف اليها، فلا مانع حينئذ من الاستناد اليها والاحتجاج بها في اطار المضامين التي صدّقها القرآن الکريم.

3 ـ إن بعض هذه البشارات ترتبط بواقع خارجي معاش أو ثابت تاريخياً، بمعني أن الواقع الخارجي الثابت جاء مصدِّقاً لها. فمثلاً البشارات التي تشير الي ان المصلح العالمي هو الإمام الثاني عشر من ذرية اسماعيل وأنه من ولد خيرة الإماء وأن ولادته تقع في ظل اوضاع سياسية خانقة



[ صفحه 46]



ومهددة لوجوده فيحفظه الله ويغيّبه عن أعين الظالمين الي حين موعد ظهوره وأمثالها، کلها تنبأت بحوادث ثابتة تاريخياً، وهذا يضيف دليلاً آخر علي صحتها، مادام أن من الثابت علمياً أنها مدونة قبل وقوع الحوادث التي أخبرت عنها، فهي في هذه الحالة تثبت أنها من أنباء الغيب التي لا يمکن أن تصدر إلا ممّن له ارتباط بعلاّم الغيوب تبارک وتعالي. وبذلک يمکن الحکم بصحّتها وعدم تطرق التحريف اليها، وبالتالي يمکن الاستناد اليها والاحتجاج بها [2] .


پاورقي

[1] بل أثبتت دراسات عدد من علماء أهل السنّة تواتر هذه الأحاديث الشريفة، مثل کتاب «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح» للإمام الشوکاني، وکتاب «الاشاعة في أشراط الساعة» للبرزنجي، وکتاب «التصريح» للکشميري وغيرها.

[2] هذا الحکم يصدق ايضاً علي الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول الأکرم وائمة العترة ـ صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ـ والتي تنبأت بولادة المهدي من الحسن العسکري وغيبته، فثبوت صدورها وتدوينها قبل وقوع الولادة والغيبة بما يزيد علي القرن وأکثر ثم تحقق ما أخبرت عنه عملياً يثبت صحتها حتي لو کان ثمة نقاش في بعض أسانيدها؛ لأن تصديق الواقع لها دليل علي صحة صدورها من ينابيع الوحي المتصلة بالله تبارک وتعالي الذي لا يعلم الغيب سواه ولا يطلع علي غيبه إلا من ارتضي، وقد استدل العلماء بهذا الدليل الوجداني علي صحة الغيبة وصحة إمامة المهدي ابن العسکري (عليهما السلام) مثل الشيخ الصدوق في إکمال الدين: 1 / 19، والشيخ الطوسي في کتاب الغيبة: 101 ـ 107، والطبرسي في اعلام الوري، وابن طاووس في کشف المحجة وغيرهم.