في علة الخلق و بعث الأنبياء و تعيين الأوصياء
يا هذا يرحمُک الله، إنَّ الله تعالي لم يخلُقِ الخلقَ عبثاً، ولا أهملَهم سُديً، بل خلقهُمْ بقُدرتِهِ وجَعَلَ لَهم أسماعاً وأبصاراً وقُلُوباً وألباباً، ثمَّ بعثَ إليهمُ النّبيِّينَ(عليهم السلام) مُبشّرينَ ومُنذرينَ، يأمُرُونُهم بطاعتهِ وينهونَهم عن معصيته، ويُعرِّفونَهُمْ ماجهلوهُ من أمرِ خالقهم ودينهم، وأنزلَ عليهم کتاباً وبَعَثَ إليهم ملائکةً، يأتينَ بينهُم وبينَ مَنْ بعثُهم إليهم بالفضلِ الّذي جعَلَهُ لَهُم عليهم، وما آتاهُم من الدَّلائلِ الظَّاهرةِ والبراهينِ الباهرةِ والآياتِ الغالبةِ، فمنهم مَنْ جعلَ النَّارَ عليهِ برداً وسلاماً، واتّخذهُ خليلاً، ومنهم مَنْ کلَّمهُ تکليماً، وجعل عصاهُ ثُعباناً مُبيناً، ومنهُم من أحيي الموتي بإذنِ الله، وأبْرأ الأکمه والأبرص بإذن اللهِ، ومنهم مَنْ علّمهُ منطق الطَّيرِ وأُوتي مِن کُلِّ شيء ثُمّ بعثَ مُحمّداً صلّي اللهُ عليهِ وآلهِ رحمةً للعالَمينَ،
[ صفحه 232]
وتمّمَ به نعمَتَهُ، وخَتَمَ به أنبياءَه، وأرسلَهُ إلي النَّاسِ کافَّةً، وأظهر مِن صدقِهِ ما أظهرَ، وبيَّنَ من آياته وعَلاماتِهِ مابيَّنَ، ثُمَّ قبضهُ صلَّي اللهُ عليهِ وآلهِ حميداً فقيداً سعيداً، وجَعَلَ الأمرَ بعدهُ إلي أخيه وابن عمِّه ووصيِّه ووارثه عليِّ بن أبي طالب(عليه السلام)، ثُمَّ إلي الأوصياء من وُلدهِ واحداً واحداً، أحيي بهم دينه، وأتمَّ بهم نورهُ، وجعَلَ بينهم وبين إخوانهم وبني عمِّهِم والأدنَينَ فالأدنينَ من ذَوِي أرحامهم فُرقاناً بيّناً يُعرفُ به الحُجَّةُ من المحجُوج، والإمامُ من المأمُوم، بأنْ عصَمَهُم من الذُّنُوبِ، وبرَّأهُمْ من العُيُوبِ، وطهَّرهُم من الدَّنسِ، ونزَّههُمْ من اللّبسِ، وجعلهُم خزَّان علمهِ، ومُستودَعَ حکمته، وموضع سرَّه، وأيَّدهُم بالدَّلائل، ولولا ذلک لکانَ النَّاسُ علي سواء، ولادَّعي أمْر الله عزَّ وجلَّ کُلُّ أحد، ولما عُرفَ الحقُّ من الباطل، ولا العالمُ من الجاهلِ [1] .
پاورقي
[1] بحار الأنوار: 53/194، معجم أحاديث الإمام المهدي: 4/382.