الانتظار و توقّع الظهور الفوري
إضافة الي تصريحهم بوجوب إنتظار الامام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ في غيبته استناداً الي کثرة النصوص الشرعية الآمرة بذلک علي نحو الفرج الإلهي العام أو الفرج المهدوي علي نحو الخصوص، فقد صرحوا بوجوب توقع ظهور الإمام في کل حين استناداً الي النصوص الشرعية أيضاً، يقول السيدالشهيد محمد الصدر(رحمه الله): «من الأخبار الدالة علي التکليف في عصر الغيبة مادل علي وجوب الانتظار الفوري وتوقع الظهور الفوري في کل وقت بالمعني الذي سبق أن حققناه» [1] ، ويقول السيد محمد تقي الإصفهاني بعد نقله لمجموعة من الأحاديث الدالة علي وجوب الانتظار الفوري: «المقصود من توقع الفرج صباحا ومساء هو الانتظار للفرج الموعود في کل وقت يمکن وقوع هذا الأمر المسعود ولا ريب في إمکان وقوع ذلک في جميع الشهور والأعوام بمقتضي أمر المدبّر العلام، فيجب الانتظار له علي الخاص والعام» [2] .
وشمولية وجوب الانتظار لجميع المسلمين التي يصرّح بها السيد
[ صفحه 195]
الاصفهاني في ذيل مانقلناه عنه آنفاً يؤکدها السيد الشهيد محمد الصدر(رحمه الله) استناداً الي الاتفاق بين المسلمين علي حتمية ظهور المهدي(عليه السلام) بعد تواتر أحاديثه: «بنحو يحصل اليقين بمدلولها وينقطع العذر عن إنکاره أمام الله عز وجل؛ وبعد العلم بإناطة تنفيذ ذلک الغرض بإرادة الله تعالي وحده من دون أن يکون لغيره رأي في ذلک، إذن فمن المحتمل في کل يوم أن يقوم المهدي(عليه السلام) بحرکته الکبري لتطبيق ذلک الغرض لوضوح احتمال تعلق إرادة الله تعالي به في أي وقت. ولا ينبغي أن تختلف في ذلک الاطروحة الإمامية لفهم المهدي(عليه السلام) عن غيرها؛ إذ علي تلک الاطروحة يأذن الله تعالي بالظهور بعد الاختفاء، وأما علي الأطروحة القائلة بأن المهدي(عليه السلام) يُولد في مستقبل الدهر ويقوم بالسيف، فمن المحتمل أيضاً أن يکون الآن مولوداً ويوشک أن يأمره الله تعالي بالظهور، وهذا الاحتمال قائم في کل وقت» [3] ، ويستند الي الطريقة نفسها في تتمة حديثه للقول بوجوب الانتظار الفوري علي کل مَن يؤمن بالمنقذ الموعود من أتباع الديانات الأخري.
تبقي قضية علائم الظهور التي ذکرت الأحاديث الشريفة أنها تسبق الظهور المهدوي، وتعارضها مع القول بوجوب الانتظار الفوري، وهو تعارض مرفوع بأن انتظار الحتمي منها هو انتظار للظهور في الواقع لأنها جزء کما أنّ زمن وقوع العلائم الحتمية للظهور قريب من موعد الظهور وأما شرائط الظهور وتوفير الأوضاع اللازمة له فإنّ من المحتمل
[ صفحه 196]
اکتمالها في کل حال. يقول السيد الشهيد محمد الصدر(رحمه الله): «إن العلامات يحتمل وقوعها في أي وقت ويحتمل أن يتبعها ظهور المهدي(عليه السلام) بوقت قصير، وأما شرائط الظهور فيحتمل اکتمالها وانجازها في أي وقت أيضاً، وقلنا بأن وجود هذا الاحتمال في نفس الفرد کاف في إيجاد الجو النفسي للانتظار الفوري» [4] .
وهذا الجو النفسي المطلوب في الانتظار الفوري هو الذي يشکل الدوافع المحرضة للمؤمن لکي يسارع في توفير الشروط اللازمة لنصرة إمامه المهدي ـ عجل الله فرجه ـ من خلال إعداد نفسه وغيره بالتهذيب والتربية اللازمة للتحلي بخصال أنصار المهدي.
ومن الضروري استکمالاً للبحث في موضوع وجوب الانتظار کأحد أهم واجبات المسلمين في عصر الغيبة، الإشارة الي حرمة اليأس من الظهور وهو الأصل الذي يستند الي أدلة قرآنية عامة تشکل أحد أدلة وجوب الانتظار، وقد بحث آية الله السيد محمد تقي الإصفهاني(رحمه الله) هذا الموضوع مفصّلاً واستعرض النصوص الشرعية وبيّن دلالاتها والأحکام المستنبطة منها بشأن أقسام اليأس المتصورة بالنسبة الي ظهور المهدي الموعود، وخلص في بحثه الي إثبات حرمة اليأس من ظهوره أصلاً؛ لاتفاق المسلمين علي حتمية تحقق ذلک، وکذلک حرمة اليأس من وقوع الظهور في مدة معيّنة، وکذلک اليأس من قرب ظهوره [5] .
[ صفحه 199]
پاورقي
[1] تأريخ الغيبة الکبري: 427.
[2] مکيال المکارم: 2/ 158 ـ 159.
[3] تأريخ الغيبة الکبري: 341 ـ 342.
[4] تاريخ الغيبة الکبري: 362 ـ 363.
[5] مکيال المکارم: 2 / 157 ـ 162.