بازگشت

الفکر الديني يؤمن بظهور المصلح العالمي بعد غيبة


إن الإجماع علي حتمية ظهور المصلح العالمي مقترنٌ بالإيمان بأن ظهوره يأتي بعد غيبة طويلة، فقد آمن اليهود بعودة عزير أو منحاس بن العازر بن هارون، وآمن النصاري بغيبة المسيح وعودته، وينتظر مسيحيو الأحباش عودة ملکهم تيودور کمهدي في آخر الزمان، وکذلک الهنود آمنوا بعودة فيشنوا، والمجوس بحياة أوشيدر، وينتظر البوذيون عودة بوذا ومنهم مَن ينتظر عودة ابراهيم (عليه السلام) وغير ذلک [1] .

إذن قضية الغيبة قبل ظهور المصلح العالمي ليست مستغربة لدي الأديان السماوية، ولا يمکن لمنصف أن يقول بأنها کلّها قائمة علي الخرافات والأساطير، فالخرافات والأساطير لا يمکن أن توجد فکرة متأصلة بين جميع الأديان دون أن ينکر أي من علمائها أصل هذه الفکرة، فلم ينکر أحدٌ منهم أصل فکرة الغيبة وإن أنکر مصداق الغائب المنتظر في غير الدين الذي اعتنقه وآمن بالمصداق الذي ارتضاه.

إنّ انتشار أصل هذه الفکرة في جميع الأديان السماوية کاشفٌ عن أرضية اعتقادية مشترکة رسخها الوحي الإلهي فيها جميعاً، ودعمتها تجارب الأنبياء (عليهم السلام) التي شهدت غيبات متعددة مثل غيبة ابراهيم الخليل وعودته، وغيبة موسي عن بني اسرائيل وعودته اليهم بعد السنين التي قضاها في مدين، وغيبة عيسي (عليه السلام) وعودته في آخر الزمان التي أقرّتها الآيات الکريمة واتفق عليها المسلمون من خلال ورودها في الأحاديث النبوية الشريفة، وغيبة نبي الله إلياس التي قال بها أهل السنة کما صرّح بذلک مفتي



[ صفحه 30]



الحرمين الکنجي الشافعي في الباب الخامس والعشرين من کتابه «البيان في أخبار صاحب الزمان»، وصرّح کذلک بايمان أهل السنة بغيبة الخضر (عليه السلام) وهي مستمرة الي ظهور المهدي(عليه السلام) في آخر الزمان حيث يکون وزيره [2] .

بل إن انتشار فکرة غيبة المصلح العالمي في الأديان السابقة قد تکون مؤشراً علي وجود نصوص سماوية صريحة بذلک کما سنلاحظ ذلک في نموذج النبوة الواردة في سفر الرؤيا من الکتاب المقدس والتي طبقها الباحث السني سعيد أيوب علي المهدي الإمامي.

أما الاختلاف في تشخيص هوية المصلح الغائب فهو ناشئ من الخلط بين النصوص المخبرة عن غيبات بعض الانبياء (عليهم السلام) وبين النصوص المتحدثة عن غيبة المصلح العالمي، بدوافع عديدة سنشير إليها لاحقاً.


پاورقي

[1] راجع مثلاً کتاب «دفاع عن الکافي» للسيد العميدي: 1/181، وإحقاق الحق: 13/ 3 ـ 4.

[2] البيان في أخبار صاحب الزمان: 149 ـ 150.