بازگشت

فاکهة


في البحار وجدت رسالة مشتهرة بالجزيرة الخضراء في البحر الابيض احببت ايرادها لاشتمالها علي ذکر من رآه و لما فيه من الغرايب و انما أفردت بها بابا لاني لم أظفر به في الاصول المعتبرة و لنذکرها بعينها کما وجدتها بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله الذي هدانا لمعرفته و الشکر له علي ما منحنا للاقتداء بسنن سيد بريته محمد الذي اصطفاه من بين خليقته و خصنا بمحبة علي و الائمة المعصومين من ذريته صلي الله عليهم أجمعين الطيبين الطاهرين و سلم تسليما کثيرا و بعد فقد وجدت في خزانة اميرالمومنين و سيد الوصيين و حجة رب العالمين و امام المتقين علي بن ابي طالب عليه السلام بخط الشيخ الفاضل و العامل الفضل بن يحيي بن علي الطيبي الکوفي قدس الله سره ما هذا صورته الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله و سلم و بعد فيقول الفقير الي عفو الله سبحانه و تعالي الفضل بن يحيي بن علي الطيبي الامامي الکوفي عفا الله عنه قد کنت سمعت من الشيخين الفاضلين العاملين الشيخ شمس الدين محمد بن يحيي الحلي و الشيخ جلال الدين عبدالله بن الحوام الحلي قدس الله روحيهما و نور ضريحيهما في مشهد سيد الشهداء و خامس أصحاب الکساء مولانا و امامنا ابي عبدالله الحسين عليه السلام في النصف من شهر شعبان سنة تسع و تسعين و ست مأة من الهجرة النبوية علي مشرفها محمد و اله أفضل الصلاة و أتم التحية حکاية ما سمعاه من الشيخ الصالح التقي و الفاضل الورع الزکي زين الدين علي بن الفاضل المازندراني المجاور بالغري علي مجاوريه السلام حيث اجتمعا به في مشهد الامامين



[ صفحه 86]



الزکيين الطاهرين المعصومين السعيدين بسر من رأي و حکي لهما حکاية ما شاهده و رآه في البحر الابيض و الجزيرة الخضراء من العجائب فمر بي باعث الشوق الي رأياه و سألت تيسير لقياه و الاستماع لهذا الخبر من لقلقة فيه باسقاط روايته و عزمت علي الانتقال الي سر من رأي للاجتماع فيه فاتفق ان الشيخ زين الدين علي بن فاضل المازندراني انحدر من سر من رأي الي الحلة في أوائل شهر شوال من السنة المذکورة ليمضي علي جاري عادته و يقيم علي المشهد الغروي علي مشرفيه السلام فلما سمعت بدخوله الي الحلة و کنت يومئذ بها قد انتظر قدومه فاذا أنا به و قد أقبل راکبا يريد دار السيد الحسيب ذي النسب الرفيع و الحسب المنيع السيد فخر الدين الحسن ابن علي الموسوي المازندراني نزيل الحلة اطال الله بقاءه و لم أکن اذا ذاک الوقت اعرف الشيخ الصالح المذکور ولکن خلج في خاطري انه هو فلما غاب عن عيني تبعته الي دار السيد المذکور فلما وصلت الي باب الدار رأيت السيد فخرالدين واقفا علي باب داره مستبشرا فما رآني مقبلا ضحک في وجهي و عرفني بحضوره فاستطار قلبي فرحا و سرورا و لم أملک نفسي علي الصبر علي الدخول اليه في غير ذلک الوقت فدخلت الدار مع السيد فخر الدين فسلمت عليه وقبلت يديه فسأل السيد عن حالي فقال له هو الشيخ فضل بن الشيخ يحيي الطيبي صديقکم فنهض واقفا وأقعدني في مجلسه و رحب بي و أحفي السؤال عن حال ابي و أخي الشيخ صلاح الدين لانه کان عارفا بهما سابقا و لم أکن في تلک الاوقات حاضرا بل کنت في بلدة واسط اشتغل في طلب العلم عند الشيخ العالم العامل الشيخ ابي اسحق ابراهيم بن محمد الواسطي الامامي تغمده الله برحمته و حشره في زمرة أئمته فتحادث مع الشيخ الصالح



[ صفحه 87]



المذکور متع الله المومنين بطول بقائه فرأيت في کلامه امارات تدل علي الفضل في أغلب العلوم من الفقه و الحديث و العربية بأقسامها و طلبت منه شرح ما حدث به الرجلان الفاضلان العاملان العالمان الشيخ شمس الدين و الشيخ جلال الدين الحليان المذکوران سابقا عفي الله عنهما فقص لي القصة من أولها الي آخرها بحضور السيد الجليل السيد فخر الدين نزيل الحلة صاحب الدار و حضور جماعة من علماء الحلة و الاطراف و قد کانوا أتوا لزيارة الشيخ المذکور وفقه الله و کان ذلک في اليوم الحادي عشر من شهر شوال سنة تسع و تسعين و ست مأة و هذه صورته ما سمعته من لفظه أطال الله بقاءه و ربما وقع في الالفاظ التي نقلتها من لفظه تغيير لکن المعاني واحدة قال حفظه الله تعالي قد کنت مقيما في دمشق الشام منذ سنين مشتغلا بطلب العلم عند الشيخ الفاضل الشيخ عبدالرحيم الحنفي وفقه الله لنور هدايته في علمي الاصول و العربية و عند الشيخ زين الدين علي المغربي الاندلسي المالکي في علم القراءة لانه کان عالما فاضلا عارفا بالقراءات السبع و کان له معرفة في اغلب العلوم من الصرف و النحو و المنطق و المعاني والبيان و الاصولين و کان لين الطبع لم يکن عنده معاندة في البحث و لا في المذاهب لحسن ذاته فکان اذا جري ذکر الشيعة يقول قال العلماء الامامية بخلاف من المدرسين فانهم يقولون عند ذکر الشيعة قال علماء الرافضة فاختصصت به و ترکت التردد الي غيره فأقمنا علي ذلک برهة من الزمان أقرأ عليه في العلوم المذکورة فاتفق انه عزم علي السفر من دمشق الشام يريد الديار المصرية فلکثرة المحبة التي کانت بيننا عز علي مفارقته و هو أيضا کذلک فآل الامر الي انه هداه الله صمم العزم علي صحبتي له الي مصر و کان عنده جماعة من الغرباء مثلي يقرأون عليه فصحبه أکثرهم



[ صفحه 88]



فسرنا في صحبته الي أن وصلنا الي مدينة من بلاد مصر معروفة بالقاهرة و هي اکبر من مداين مصر کلها فأقام بالمسجد الازهر مدة يدرس فتسامع فضلاء مصر بقدومه فوردوا کلهم لزيارته و للانتفاع بعلومه فأقام في قاهرة مصر مدة تسعة اشهر و نحن معه علي أحسن حال و اذا بقافلة قد وردت من الاندلس و مع رجل منها کتاب من والد شيخنا الفاضل المذکور يعرفه بمرض شديد قد عرض له و انه يتمني الاجتماع به قبل الممات و يحثه فيه علي عدم التأخير فرق الشيخ من کتاب أبيه و بکي و صمم العزم علي المسير الي جزيرة الاندلس فعزم بعض التلامذة علي صحبته و من الجملة أنا لانه هداه الله قد کان أحبني محبة شديدة و حسن في المسير معه فسافرت الي الاندلس في صحبته فحيث وصلنا الي أول قرية من الجزائر المذکورة عرضتني حمي منعتني عن الحرکة فحيث رآني الشيخ علي تلک الحالة رق لي و بکي و قال يعز علي مفارقتک فاعطي خطيب تلک القرية التي وصلنا اليها عشرة دراهم و أمره أن يتعاهدني حتي يکون مني أحد الامرين و ان من الله بالعافية اتبعه الي بلده هکذا عهد الي بذلک وفقه الله لنور الهداية الي طريق الحق المستقيم ثم مضي الي بلد الاندلس و مسافة الطريق من ساحل البحر الي بلده خمسة أيام فبقيت في تلک القريد ثلاثة أيام لشدة ما أصابني من الحمي ففي آخر اليوم الثالث فارقتني الحمي و خرجت أدور في سکک تلک القرية فرأيت قفلا قد وصل من جبال قريته من شاطي ء البحر الغربي يجلبون الصوف و السمن و الامتعة فسألت عن حالهم فقيل ان هولاء يجيئون من جهة قريته من أرض البربر و هي قريبة من جزائر الرافضة فحيث سمعت ذلک منهم ارتحت اليهم و جذبني باعث الشوق الي أرضهم فقيل ان المسافة خمسة و عشرون يوما منها يومان



[ صفحه 89]



بغير عمارة و لا ماء و بعد ذلک فالقري متصلة فأکثريت معهم من رجل حمارا بمبلغ ثلاث دراهم لقطع تلک المسافة التي لاعمارة فيها فلما قطعنا معهم تلک المسافة و وصلنا أرضهم العامرة تمثيت راجلا و تنقلت علي اختياري من قرية الي اخري الي أن وصلت الي أول تلک الاماکن فقيل لي ان جزيرة اروافض قد بقي بينک و بينها ثلاثة أيام فمضيت و لم أتأخر فوصلت الي جزيرة ذات أسوار أربعة و لها أبراج محکمات شاهقات و تلک الجزيرة بحصونها راکبة علي شاطي ء البحر فدخلت من باب کبيرة يقال لها باب البربر فدرت في سککها أسأل عن مسجد البلد فهديت عليه و دخلت اليه فرأيته جامعا کبيرا معظما واقعا علي البحر من الجانب الغربي من البلد فجلست في جانب المسجد لاستريح و اذا بالمؤذن يؤذن بالظهر و نادي بحي علي خير العمل و لما فرغ دعا بتعجيل الفرج للامام صاحب الزمان (عج) فأخذتني العبرة بالبکاء فدخلت جماعة بعد جماعة الي المسجد و شرعوا في الوضوء علي عين ماء تحت شجرة في الجانب الشرقي من المسجد و أنا أنظر اليهم فرحا مسرورا لما رأيت من وضوئهم المنقول عن أئمة الهدي فلما فرغوا من وضوئهم و اذابرجل قد برز من بينهم بهي الصورة عليه السکينة و الوقار فتقدم الي المحراب و أقام الصلاة فاعتدلت الصفوف و راءه و صلي بهم اماما و هم مأمومون صلاة کاملة بأرکانها المنقولة عن آئمتنا علي الوجه المرضي فرضا و نفلا و کذا التعقيب و التسبيح و من شدة ما لقيته من وعثاء السفر و تعبي في الطريق لم يمکن أن اصلي معهم الظهر فلما فرغوا و رأوني أنکروا علي عدم اقتدائي بهم فتوجهوا نحوي بأجمعهم و سألوني عن حالي و من أين أصلي و ما مذهبي فشرحت لهم أحوالي و اني عراقي الاصل و اما مذهبي فانني رجل مسلم أقول اشهد



[ صفحه 90]



أن لا اله الا الله وحده لا شريک له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الاديان کلها و لو کره المشرکون فقالوا لي لم تنفعک هاتان الشهادتان الا لحقن في دار الدنيا لم لا تقول الشهادة الاخري لتدخل الجنة بغير حساب فقلت لهم و ما تلک الشهادة الاخري اهدوني اليها يرحمکم الله فقال لي امامهم الشهادة الثالثة هي أن تشهد ان اميرالمومنين و يعسوب الدين و قائد الغر المحجلين علي بن ابي طالب و الائمة الاحد عشر من ولده أوصياء رسول الله و خلفاوه من بعده بلا فاصلة قد اوجب الله طاعتهم علي عباده و جعلهم أولياء أمره و نهيه و حججا علي خلقه في أرضه و أمانا لبريته لان الصادق الامين محمدا رسول رب العالمين أخبرهم عن الله تعالي مشافهة من نداء الله عزوجل له عليه السلام في ليلة معراجه الي السماوات السبع و قد صار من ربه کقاب قوسين أو أدني و سماهم له واحدا بعد واحد صلوات الله و سلامه عليه و عليهم اجمعين فلما سمعت مقالتهم هذه حمدت الله سبحانه علي ذلک و حصل عندي اکمل السرور و ذهب علي تعجب الطريق من الفرح و عرفتهم اني علي مذهبهم فتوجهوا الي توجه اشفاق و عينوا لي مکانا في زوايا المسجد و ما زالوا يتعاهدوني بالعزة و الاکرام مدة اقامتي عندهم و صار امام مسجدهم لايفارقني ليلا و لا نهارا فسألته عن مسيرة أهل بلده من أين تأتي اليهم فاني لا أري لهم أرضا مزروعة فقال تأتيهم اليهم مسيرتهم من الجزيرة الخضراء من البحر الابيض من جزاير أولاد الامام صاحب الامر (ع) فقلت لهم تأتيکم مسيرتکم في السنة فقال مرتين و قد أتت مرة و بقي الاخري فقلت کم بقي حتي تأتيکم قال أربعة أشهر فتأثرت لطول المدة و مکثت عندهم مقدار اربعين يوما ادعو الله ليلا و نهارا بتعجيل



[ صفحه 91]



مجيئها و أنا عندهم في غاية الاعزاز و الاکرام ففي آخر يوم من الاربعين ضاق صدري لطول المدة فخرجت الي شاطي ء البحر أنظر الي جهة المغرب التي ذکر أهل البلد ان مسيرتهم تأتي اليهم من تلک الجهة فرأيت شبحا من بعيد يتحرک فسألت عن ذلک الشبح أهل البلد وقلت لهم هل يکون في البر طير أبيض فقالوا لي لا فهل رأيت شيئا قلت نعم فاستبشروا و قالوا هذه المراکب التي تأتي الينا في کل سنة من بلاد أولاد الامام فما کان الا قليل حتي قدمت تلک المراکب و علي قولهم ان مجيئها کان في غير الميعاد فقدم مرکب کبير و تبعه آخر و اخر حتي کملت سبعا فصعد من المرکب الکبير شيخ مربوع القامة بهي المنظر حسن الزي و دخل المسجد فتوضأ الوضوء الکامل علي الوجه المنقول عن ائمة الهدي و صلي الظهرين فلما فرغ من صلاته التفت نحوي مسلما علي فرددت فقال ما اسمک و اظن ان اسمک علي قلت صدقت فحادثني باللين محادثة من يعرفني فقال ما اسم ابيک و يوشک أن يکون فاضلا قلت نعم و لم أکن اشک في انه قد کان في صحبتنا من دمشق الشام الي مصر فقلت أيها الشيخ ما اعرفک بي و بأبي هل کنت معنا حيث سافرنا من دمشق فقال لا قلت و لا من مصر الي الاندلس قال لا و مولاي صاحب العصر قلت له و من اين تعرفني باسمي و اسم ابي قال اعلم انه قد تقدم الي وصفک و اصلک ومعرفة اسمک و شخصک و هيئتک و اسم ابيک (ره) و أنا اصحبک معي الي الجزيرة الخضراء فسررت بذلک حيث قد ذکرت ولي عندهم اسم و کان من عادته انه لا يقيم عندهم الا ثلاثة أيام فأقام اسبوعا و اوصل المسيرة الي اصحابها المقررة فلما أخذ منهم خطوطهم بوصول المقرر لهم عزم علي السفر و حملني معه و سرنا في البحر فلما کان في السادس عشر من مسيرنا في البحر



[ صفحه 92]



رأيت ماء أبيضا فجعلت أطيل النظر اليه فقال لي الشيخ و اسمه محمد مالي أراک تطيل النظر الي هذا الماء فقلت له اني أراه علي غير لون ماء البحر فقال لي هذا هو البحر الابيض و تلک الجزيرة الخضراء و هذا الماء مستدير حولها مثل السور من أي الجهات أتيته وجدته و بحکمة الله تعالي ان مراکب أعدائنا اذا دخلته غرقت و ان کانت محکمة ببرکة مولانا و أمامنا صاحب العصر (ع) فاستعملته و شربت منه فاذا هو کماء الفرات ثم انا لما قطعنا ذلک الماء الابيض وصلنا الي الجزيرة الخضراء لا زالت عامرة اهله ثم صعدنا من المرکب الکبير الي الجزيرة و دخلنا البلد فرأيته محصنا بقلاع و ابراج و اسوار سبعة واقعة علي شاطي ء البحر ذات أنهار و اشجار مشتملة علي أنواع الفواکه و الاثمار المنوعة و فيها أسواق کثيرة و حمامات عديدة و اکثر عماراتها بر خام شفاف و أهلها في أحسن الزي و البهاء فاستطار قلبي سرورا لما رأيته ثم مضي بي رفيقي محمد بعد ما تسترحنا في منزله الي الجامع المعظم فرأيت فيه جماعة کثيرة و في وسطهم شخص جالس عليه من المهابة و السکينة و الوقار مالا أقدر أن أصفه و الناس يخاطبونه بالسيد شمس الدين محمد العالم و يقرأون عليه في القران و الفقه و العربية باقسامها و أصول الدين و الفقه الذي يقرأونه عن صاحب الامر (ع) مسألة مسألة و قضية قضية و حکما حکما فلما مثلت بين يديه رحب بي و أجلسني في القرب منه واحفي السؤال عن تعبي في الطريق و عرفني انه تقدم اليه کل احوالي و ان الشيخ محمد رفيقي انما جاء بي معه بامر من السيد شمس الدين العالم أطال الله بقاه ثم أمرني بتخلية موضع منفرد في زاوية من زوايا المسجد و قال لي هذا يکون لک اذا أردت الخلوة و الراحبية فنهضت و مضيت الي ذلک الموضع فاسترحت فيه الي وقت العصر و اذا أنا بالموکل بي



[ صفحه 93]



قد أتي الي و قال لي لا تبرح من مکانک حتي يأتيک السيد و أصحابه لأجل العشاء معک فقلت سمعا و طاعة فما کان الا قليل و اذا بالسيد سلمه الله قد أقبل و معه أصحابه فجلسوا و مدت المائدة فأکلنا و نهضنا الي المسجد مع السيد لأجل صلاة المغرب و العشاء فلما فرغنا من الصلاتين ذهب السيد الي منزله و رجعت الي مکاني و أقمت علي هذه الحال مدة ثمانية عشر يوما و نحن في صحبته أطال الله بقاه فأول جمعة صليتها معهم رأيت السيد سلمه الله صلي الجمعة رکعتين فريضة واجبة فلما انقضت الصلاة قلت يا سيدي قد رأيتکم صليتم الجمعة رکعتين فريضة واجبة قال نعم لأن شروطها المعلومة قد حضرت فوجبت فقلت في نفسي ربما کان الامام حاضرا ثم في وقت آخر سالت منه في الخلوة هل کان الامام (ع) حاضرا فقال لا ولکني أنا النائب الخاص بأمر صدر عنه (ع) فقلت يا سيدي و هل رأيت الامام (ع) قال لا ولکن حدثني ابي ره انه سمع حديثه و لم ير شخصه و ان جدي ره سمع حديثه و رأي شخصه فقلت له و لم ذاک يا سيدي يختص بذلک رجل دون آخر فقال لي يا أخي ان الله سبحانه و تعالي يوتي الفضل من يشاء من عباده و ذلک لحکمة بالغة و عظمة قاهرة کما ان الله اختص من عباده الانبياء و المرسلين و الاوصياء و المنتجبين و جعلهم أعلاما لخلقه و حججا علي بريته و وسيلة بينهم و بينه ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة و لم يخل أرضه بغير حجة علي عباده للظفر بهم و لابد لکل حجة من سفير يبلغ عنه ثم ان السيد سلمه الله أخذ بيدي الي خارج مدينتهم و جعل يسير معي نحو البساتين فرأيت فيها أنهارا جارية و بساتين کثيرة مشتملة علي أنواع الفواکه عظيمة الحسن و الحلاوة من العنب و الرمان و الکمثري و غيرها ما لم أرها في العراقين و لا في الشامات کلها فبينما



[ صفحه 94]



نحن نسير من بستان الي آخر مر بنا رجل بهي الصورة مشتمل ببردتين من صوف أبيض فلما قرب منا سلم علينا و انصرف عنا فاعجبني هيئته فقلت للسيد سلمه الله من هذا الرجل قال لي أتنظر الي هذا الجبل الشاهق قلت نعم قال ان وسطه لمکانا حسنا و فيه عين جارية تحت شجرة ذات أغصان کثيرة و عندها قبة مبنية و بالاجروان هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلک القبة و انا امضي الي هناک في کل صباح جمعة وازور الامام (ع) منها و اصلي رکعتين و أجد هناک ورقة مکتوب فيها ما احتاج اليه من المحاکمة بين المومنين فمهما تضمنت الورقة اعمل به فينبغي لک ان تذهب الي هناک و تزور الامام (ع) من القبة فذهبت الي الجبل فرأيت القبة علي ما وصف لي سلمه الله فوجدت هناک خادمين فرحب بي الذي مر علينا و انکرني الاخر فقال له لا تنکره فاني رأيته في صحبة السيد شمس الدين العالم فتوجه لي و رحب بي و حادثاني و أتياني بخبز و و عنب فأکلت و شربت من ماء تلک العين التي عند تلک القبة و توضأت وصليت رکعتين و سألت الخادمين عن رؤية الامام (ع) فقالا لي الروية غير ممکنة و ليس معنا اذن في اخبار أحد فطلبت منهم الدعاء فدعوا لي و انصرفت عنهما و نزلت من ذلک الجبل الي ان وصلت الي المدينة فلما وصلت اليها ذهبت الي دار السيد شمس الدين العالم فقيل لي انه خرج في حاجة له فذهبت الي دار الشيخ محمد الذي جئت معه في المرکب فاجتمعت به وحکيت له عن مسيري الي الجبل و اجتماعي بالخادمين و انکار الخادم علي فقال ليس لأحد رخصة في الصعود الي ذلک المکان سوي السيد شمس الدين و أمثاله فلهذا وقع الانکار منه لک فسألته عن أحوال السيد شمس الدين أدام الله أفضاله فقال انه من أولاد أولاد الامام (ع) و ان بينه و بين الامام خمسة آباء و انه





[ صفحه 95]



النائب الخاص عن أمر صدر منه (ع) قال الشيخ الصالح زين الدين علي بن فاضل المازندراني المجاور بالغري علي مشرفه السلام و استأذنت السيد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه في نقل بعض المسائل التي يحتاج اليها عنه و قراءة القرآن المجيد و مقابلة المواضع المشکلة من العلوم الدينية و غيرها فأجاب الي ذلک و قال اذا کان و لا بد من ذلک فابدأ أولا بقراءة القرآن العظيم فکان کلما قرأت شيئا فيه خلاف بين القراء أقول له قرأ حمزة کذا و قرأ الکسائي کذا و قرأ عاصم کذا و ابو عمرو بن کثير کذا فقال السيد سلمه الله نحن لا نعرف هؤلاء و انما القرآن نزل علي سبعة أحرف قبل الهجرة من المکة الي المدينة و بعدها لما حج رسول الله (ص) حجة الوداع نزل عليه الروح الامين جبرئيل (ع) فقال يا محمد (ص) اتل علي القرآن حتي أعرفک أوائل السور و أواخرها و شأن نزولها فاجتمع اليه علي بن ابي طالب (ع) و ولداه الحسن و الحسين و ابي بن کعب و عبدالله بن مسعود و حذيفة بن اليماني و جابر بن عبدالله الانصاري و ابو سعيد الخدري و حسان بن ثابت و جماعة من الصحابة رض عن المنتجبين منهم فقرأ النبي (ص) القرآن من أوله الي آخره فکان کلما مر بموضع فيه اختلاف بينه له جبرئيل و اميرالمومنين (ع) يکتب ذاک في زوج من ادم فالجميع قراءة اميرالمومنين (ع) و وصي رسول رب العالمين فقلت يا سيدي أري بعض الايات غير مرتبطة بما قبلها و بما بعدها کمان فهمي القاصر لم يصل الي غور ذلک فقال نعم الامر کما رأيته و ذلک لما انتقل سيد البشر محمد بن عبدالله صلي الله عليه و آله من دار الفناء الي دار البقاء و فعل صنما قريش ما فعلاه من غصب الخلافة الظاهرية و جمع اميرالمومنين (ع) القرآن کله و وضعه في أزار واتي به اليهم و هم في المسجد فقال لهم هذا



[ صفحه 96]



کتاب الله سبحانه أمرني رسول الله (ص) أن أعرضه اليکم لقيام الحجة عليکم يوم العرض بين يدي الله تعالي فقال له فرعون هذه الامة و نمرودها لسنا محتاجين الي قرآنک فقال لقد أخبرني حبيبي محمد (ص) بقولک هذا و انما أردت بذلک القاء الحجة عليکم فرجع اميرالمومنين (ع) به الي منزله و هو يقول لا اله الا أنت وحدک لا شريک لک لاراد لما سبق في عملک و لا مانع لما اقتضته حکمتک فکن أنت الشاهد لي عليهم يوم العرض عليک فنادي ابن ابي قحافة بالمسلمين و قال لهم کل من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها فجاءه أبو عبيدة ابن الجراح و عثمان و سعد ابن ابي وقاص و معاوية ابن ابي سفيان و عبدالرحمن بن عوف و طلحة بن عبدالله و ابوسعيد الخدري و حسان ابن ثابت و جماعات المسلمين و جمعوا هذا القرآن و أسقطوا ما کان فيه من المثالب التي صدرت منهم بعد وفاة سيدالمرسلين فلهذا تري الايات غير مرتبطة و القرآن الذي جمعه امير المومنين (ع) بخطه محفوظ عند صاحب الامر (ع) فيه کل شي ء حتي ارش الخدش و أما هذا القرآن فلا شک و لا شبهة و انما کلام الله سبحانه هکذا صدر عن صاحب الامر (ع) قال الشيخ الفاضل علي ابن فاضل و نقلت عن السيد شمس الدين حفظه الله مسائل کثيرة تنوف علي تسعين مسألة وهي عندي جمعتها في مجلد و سميتها بالفوائد الشمسية و لا أطلع عليها الا الخاصة من المومنين و ستراه انشاء الله فلما کانت الجمعة الثانية وهي الوسطي من جمع الشهر و فرغنا من الصلاة و جلس السيد سلمه الله في مجلس الافادة للمومنين و اذا أنا اسمع هرجا و مرجا و جزلة عظيمة خارج المسجد فسألت من السيد عما سمعته فقال لي ان امراء عسکرنا يرکبون في کل جمعة من وسط کل شهر و ينتظرون الفرج فاستأذتنه في النظر اليهم فاذن



[ صفحه 97]



بي فخرجت لرويتهم فاذا هم جمع کثيرون يسبحون الله و يحمدونه و يهللونه جل و عز و يدعون بالفرج للامام القائم (ع) بأمر الله و الناصح لدين الله م ح م د ابن الحسن المهدي الخلف الصالح صاحب الزمان (ع) ثم عدت الي مسجد السيد سلمه الله فقال رأيت العسکر فقلت نعم قال فهل عددت امراءهم قلت لا قال عدتهم ثلاثماة و بقي ثلاثة عشر ناصرا و يجعل الله لوليه الفرج بمشيئته انه جواد کريم قلت يا سيدي و متي يکون الفرج قال يا أخي انما العلم عند الله و الامر متعلق بمشيئته سبحانه و تعالي حتي انه ربما کان الامام لايعرف ذلک بل له علامات و امارات تدل علي خروجه و من جملتها أن ينطق ذو الفقار بان يخرج من غلافه و يتکلم بلسان عربي مبين قم يا ولي الله علي اسم الله فاقتل بي أعداء الله و منها ثلاثة أصوات يسمعها الناس کلهم الصوت الاول أزفت الازفة يا معشر المومنين و الصوت الثانية ألا لعنة الله علي القوم الظالمين لآل محمد (ص) الصوت الثالثة بدن يظهر فيري في قرن الشمس يقول ان الله بعث صاحب الامر م ح م د بن الحسن المهدي (ع) فاسمعوا له و أطيعوا فقلت يا سيدي قد روينا من مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الامر (ع) و انه قال لما أمر بالغيبة الکبري من رآني بعد غيبتي فقد کذب فکيف فيکم من يراه فقال صدت انه (ع) انما قال ذلک في ذلک الزمان لکثرة أعدائه من أهل بيته و غيرهم من فراعنة بني العباس حتي الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذکره و في هذا الزمان تطاولت المدة و ايس منه الاعداء و بلادنا نائية عنهم و عن ظلمهم و عنائهم و ببرکته لا يقدر أحد من الاعداء علي الوصول الينا قلت يا سيدي قد روت علماء الشيعة حديثا عن الامام انه (ع) أباح الخمس لشيعته فهل رويتم عنه ذلک قال نعم انه رخص و أباح الخمس لشيعته من ولد



[ صفحه 98]



علي و قال هم في حل من ذلک قلت و هل رخص للشيعة ان يشتري الاماء و العبيد من سبي العامة قال نعم و من سبي غيرهم لانه (ع) قال عاملوهم بما عاملوا به أنفسهم و هاتان المسألتان زائدتان علي المسائل التي سميتها لک و قال السيد سلمه الله انه يخرج من مکة بين الرکن و المقام في سنة وتر فليرتقبها المومنون فقلت يا سيذي قد أحببت المجاورة عندکم الي أن يأذن الله بالفرج فقال لي اعلم يا أخي تقديم الي کلام بعودک الي وطنک لا يمکنني و اياک المخالفة لانک ذو عيال وغبت عنهم مدة طويلة و لا يجوز لک التخلف عنهم اکثر من هذا فتأثرت من ذلک و بکيت قلت يا مولاي و هل تجوز المراجعة في أمري قال لا قلت يا سيدي و هل تأذن لي ان احکي کلما قد رأيته و سمعته قال لا بأس أن تحکي للمومنين لتطمئن قلوبهم الا کيت و کيت و عين مالا أقوله فقلت يا سيدي ما يمکن النظر الي جماله و بهائه قال لا و لکن اعلم يا أخي ان کل مومن مخلص يمکن أن يري الامام و لا يعرفه فقلت يا سيدي أنا من جملة العبيد المخلصين و لا رأيته فقال لي بل رأيته مرتين منها لما أتيت الي سر من رأي و هي أول مرة جئتها و سبقک أصحابک و تخلفت عنهم حتي وصلت الي نهر لا ماء فيه فحضر عندک فارس علي فرس شهباء و بيده رمح طويل و له سنان دمشقي فلما رأيته خفت علي ثيابک فلما وصل اليک قال لک لا تخف اذهب الي اصحابک فانهم ينتظرونک تحت تلک الشجرة فاذکرني و الله ما کان فقلت قد کان ذلک يا سيدي قال و المرة الاخري حين خرجت من دمشق تريد مصرا مع شيخک الاندلسي و انقطعت عن القافلة و خفت خوفا شديدا فعارضک فارس علي فرس غراء محجلة بيده رمح ايضا و قال لک سر و لا تخف الي قرية علي يمينک ونم عند أهلها الليلة و اخبرهم بمذهبک الذي ولدت عليه و لا تتق



[ صفحه 99]



منهم فانهم مع قري عديدة جنوبي دمشق مومنون مخلصون يدينون بدين علي ابن أبي طالب و الائمة المعصومين من ذريته أکان يا ابن فاضل قلت نعم و ذهبت الي عند أهل القرية و نمت عندهم فأعزوني و سألتهم عن مذهبهم فقالوا لي من غير تقية مني نحن علي مذهب أميرالمومنين و وصي رسول رب العالمين علي بن أبي طالب (ع) و الائمة المعصومين من ذريته فقلت لهم من أين لکم هذا المذهب و من أوصله اليکم قالوا أبوذر الغفاري رحمه الله حين نفاه عقمان الي الشام و نفاه معاوية الي أرضنا هذه فعمتنا برکته فلمااصبحت طلبت منهم اللحوق بالقافلة فجهزوا معي رجلين الحقاني بها بعد ان صرحت لهم بمذهبي فقلت له يا سيدي هل يحج الامام في کل مدة بعد مدة قال لي يا ابن فاضل الدنيا خطوة مومن فکيف بمن لم تقم الدنيا الا بوجوده و وجود آبائه نعم يحج في کل عام و يزور آباءه في المدينة و العراق و الطوس علي مشرفها السلام و يرجع الي أرضنا هذه ثم ان السيد شمس الدين حث علي بعدم التأخير بالرجوع الي العراق و عدم الاقامة في بلاد المغرب و ذکر لي ان دراهمهم مکتوب عليها لا اله الا الله محمد رسول الله علي ولي الله محمد بن الحسن القائم بأمرالله و أعطاني السيد منه خمسة دراهم و هي محفوظة عندي للبرکة ثم انه سلمه الله وجهني مع المراکب التي أتيت معها الي أن وصلنا الي تلک البلدة التي أول ما دخلتها من ارض البربر و کان قد أعطاني حنطة و شعيرا فبعتها في تلک البلدة بمأة و اربعين دينارا ذهبا من معاملة بلاد المغرب و لم أجعل طريقي علي الاندلس امتثالا لأمر السيد شمس الدين أطال الله بقاه و سافرت منها مع الغربي الي مکة شرفها الله تعالي و حججت و جئت الي العراق و اريد المجاورة في الغري علي مشرفيه السلام حتي الممات قال الشيخ زين



[ صفحه 100]



الدين علي بن فاضل المازندراني و لم أر لعلماء الامامية ذکرا سوي خمسة السيد مرتضي الموسوي و الشيخ أبوجعفر الطوسي و محمد بن يعقوب الکليني و ابن بابويه و الشيخ أبوالقاسم جعفر بن سعيد الحلي هذا آخر ما سمعته من الشيخ الصالح النقي و الفاضل الزکي علي بن فاضل المذکور أدام الله أفضاله و أکثر من علماء الدهر و أتقيائه أمثاله و الحمد لله أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلي الله علي خير خلقه سيد البرية محمد و علي آله الطاهرين المعصومين و سلم تسليما کثيرا کثيرا.