الحکاية 40
مضمون ما ذکره شيخ المحدثين المولي النوري في کتابه جنة المأوي و ذکر فاضل من الواعظين باختلاف يسير کنت سنة ثلاث و ثلاثمأة والف مترددا في المذاکرة في شهر رمضان بالمسجد فرأيت ليلة من ليالي المحاق من شهر شعبان ان أحدا ناولني کتاب اکمال الدين للصدوق قدس سره الذي کان لي بالخزانه قال لي ذاکر بما في هذا فتناولته فانتبهت و اشتغلت بالمذاکرة و في کل يوم کنت اذکر شيئا مما في ذلک الکتاب امتثالا للامر ثم اني سافرت لزيارة الائمة بالعراق يوم السابع عشر من شهر صفر المظفر من السنة التالية فزرت مقابر قريش و سر من رأي و لاقيت صديقي الانور شيخ المحدثين في عصره المولي النوري نور الله قلبه و ملأ لبه حبه و فاوضنا في المطالب فحدثته بالرؤيا قال هذا ليس بشي ء و عندي رواية ليس في روايات من رأي الحجة عجل الله تعالي فرجه ما يحوي تفصيلها ثم حکاها لي فقفلت وزرت الحائر المقدس و الغري الاقدس وعدت الي المقابر و کان في عزمي ان اسمعها من لفظ الرائي الراوي بغير واسطة فنويت يوما أن أمضي الي بغداد فارسلت الي السيد السند و الحبر المعتمد السيد محمد ابن السيد احمد ابن السيد حيدر الکاظمي زيد في تأييده في أن يکتب کتابا الي أخيه المقيم ببغداد ذي السداد و الاعتماد السيد حسين سلمه الله تعالي لکي يطلب لي الرائي الراوي و يحضره عندي لاسمعه منه فکتب و أرسل الکتاب الي فاخذته و أتيت بغداد و نزلت بدار الحاج علي اکبر التاجر الهمداني فبعث من أخبره
[ صفحه 77]
بقدومنا و أوصل اليه الکتاب ثم جاء السيد المذکور و جلس هنيئة فقام و خرج في طلب الرجل و ما کان الا ساعة و اذا به قد رجع و معه الرجل قال لما خرجت من عندکم أطلبه فلاقيته في بعض السکک فحمدنا الله جل جلاله علي هذه النعمة المترقبة و اقتضينا منه ان يحکي لنا ما رأي فأبي و ضايقنا ذکر ان الشيخ محمد حسن طال بقاه منعه عن ذلک فأصر عليه السيد و الحاج و قالا ان هذا يعيناني من أهل العلم و المنبر يذاکر به الناس و المصلحة في ان يحکي له فطفق يقول و اسمه الحاج علي بن قاسم الکرادي البغدادي و کان عليه سيماء الصدق و الصمت و الامانة و لوائح الصلاح منه للمتوسمين لائحة و کان يوم الثلاثاء الرابع و العشرين من شهر الرجب من السنة المذکورة کنت ببغداد أتجر في البز و القماش و اتندبت يوما للنظر في حساب رأس مالي و ما حصل لي من الربح لاعرف ما صار علي و في ذمتي من حق السادات و سهم الامام (ع) و لاحظت و رأيت انه تعلق بذمتي ثمانمأة قران من سهم الامام (ع) فعزمت ان اتي الغري و أزور أميرالمومنين (ع) يوم الغدير و أوصل ما علي الي العلماء هناک فجئت الغري وزرت و أوصلت ما أخذته معي ست مأة قران الي ثلاثة من علماء النجف و رجعت الي بغداد کان بعزمي أن أوصل الباقي معجلا الي الشيخ محمد حسن آل ياسين فاخذت يوما ما کان نقدا بالحانوت معي و أتيته به و أوصلت اليه ذلک و قلت شيخنا عندي بعد کذا من السهم و هو لم ينقد بل جنس أبيعه و آتيک به و ان شئت فکتب للسادة حوالة علي أودي اليهم شيئا فشيئا قال نعم أکتب عليک الحوالة لهم قلت له شيخنا أريد أن تکتب لي تذکرة تکتب شهادتک بأني من موالي أميرالمومنين (ع) و أولاده المعصومين أجعلها في کفني قال اکتب لک ذلک فقمت من عنده لاخرج قال بت هنا هذه
[ صفحه 78]
الليلة تزور انها ليلة الجمعة و کان وقت العصر من الخميس قلت له شيخنا ما أقدر لان العملة بالکارخانة يستوفون أجورهم في کل اسبوع أول النهار من يوم الجمعة فخرجت الي بغداد و ما مضيت من السبيل الا ثلثه فاذا بسيد جليل مقبل من جانب بغداد اسمر علي خده الايمن أو الايسر و الترديد من الرائي شامة سوداء لحيته خفيفة عيه ثياب خضر يري من اباء خمسة و ثلاثين و لما دنا مني سلم علي و فتح باعه و ضمني اليه و قبلني و انا ايضا قبلته و أظنه من السادة الذين کنت أعطيهم شيئا من الخمس أحيانا يعرفني و أنا لا أعرفه بشخصه و هو يرجو مني شيئا فقال (ع) حاج علي أهلا و سهلا علي خير قلت له أريد بغداد قال (ع) لي ارجع نزور جدي موسي بن جعفر هذه ليلة الجمعة قلت له سيدنا لا أقدر عندني شغل قال (ع) ارجع لاشهد أنا لک و الشيخ و ان الله أمر لشاهدين قلت أي شيخ تريد قال لي الشيخ محمد حسن آل يس قلت له ما أدراک ماجري بيني و بينه قال (ع) لي يودون حق الانسان اليه لا يدري ارجع فهبته و اکبرته و لم أقدر علي مخالفته فرجعت معه و هو آخذ يدي بيده قابض عليها و لما تأملته رأيته عظيما فقلت في نفسي اسأله عن بعض الاشياء فقلت له سيدنا کان علي من سهم الامام (ع) کذا و أوصلت بالغري الي فلان و فلان و فلان و سميتهم له فهل صار عملي صحيحا قال نعم بيد وکلائنا وصل قلت و أوصلت اليوم الي فلان و سميته له کذا ثم صار القرار علي الحوالة فهل هذا صار ايضا صحيحا قال (ع) نعم بيد وکيلنا وصل ثم نظرت و رأيت نهرا جاريا عن يميننا غير الدجلة و ماوه صاف کابيض ما يکون من الماء و اصفاه کأنه ماء صاف في بلور و قد حفت بنا من کل الطرفين اشجار کثيرة ملتفة متدلية علي رؤسنا من کل نوع و لون من الليمون و النارنج و الرمان و الکرم
[ صفحه 79]
و الکمثري قد أينعت ثمارها فقلت له سيدنا اني طرقت کثيرا من هذا الطريق و لم أر شيئا من هذه الاشياء أبدا قال (ع) اذا زارنا موالونا تباريهم هذه الاشياء قلت له سيدنا أراک فرد رؤية أريد أن أسألک عن مسألة قال (ع) بسم الله قلت له اني زرت سنة تسعة و ستين و مأتين و الف مولاي الرضا (ع) فهل زيارتي مقبولة قال (ع) مقبولة انشاء الله قلت له سيدنا مسألة قال بسم الله قلت له الحاج محمد حسين بذار باشي زيارته مقبوله قلت عند نفسي الناس يجيؤني و يسألوني هل سألک السيد عنه و کان من أهل بغداد و معنا في طريق الرضا (ع) قال العبد الصالح زيارته مقبولة قلت له سيدنا مسألة قال (ع) بسم الله قلت فلان سميته له زيارته مقبولة و کان معنا في ذلک الطريق فلم يجبني بشي ء قلت له سيدنا سألتک عنه مسألة هل سمعته فأدار وجهه عني الي جانب آخر و هذا الرجل فحصنا عن حاله فبان أنه کان قد قتل امه قلت له سيدنا فرمان هل هو من موالي أميرالمومنين (ع) و کان رجلا من قرائبي قال هو و جميع من يلوذ بک من موالي أميرالمومنين (ع) قلت سيدنا أنا قليل المعرفة بالمسألة أسألک عن مسالة قال (ع) بسم الله فلت له لقينا في ذهابنا الي زيارة مولانا الرضا (ع) بمرحلة دروت رجلا من المعدان راجعا من الزيارة أقريناه بالليل و سألناه عن بلد الرضا (ع) کيف هو فقال الجنة الجنة کنت هناک خمسة عشر يوما بالمهمانخانة أتغدي و أتعشي و أي جراة للنکير و المنکر يجيئاني و يسألاني في القبو و قد نبت لحمي من طعامه کلامه هذا صحيح قال نعم جدي ضامن قلت له سيدنا أنا قليل المعرفة بالمسألة أريد أن أسألک مسألة قال بسم الله قلت سمعت الشيخ عبدالرزاق و کان رجلا ببغداد و يقرأ لنا الاخبار و المرثية و يقول من حج اربعين و اعتمر اربعين عمرة و کان تمام
[ صفحه 80]
عمره صائما نهاره قائما ليله ثم مات بين الصفا و المروة و لم يوال أميرالمومنين (ع) و أولاده الائمة المعصومين فليس بناج و لا له من عمله شي ء هذا صحيح قال (ع) اي و الله ليس له شي ء قلت له سيدنا مسألة قال أسال قلت له و کان يقول روي ان سليمان الاعمش قال کان لي جار أتيته ليلة جمعة فقلت له ما تقول في زيارة الحسين (ع) قال بدعة فقمت من عنده و أتيت الي مضجعي و قلت في نفسي آتيه ثانيا فان أصر قتلته فلما کان وقت السحر أتيت بابه فقرعته فاذا بزوجته تقول لي انه قصد الي زيارة الحسين (ع) من أول الليل فذهبت في أثره فلما دخلت الروضة فاذا بالشيخ باک وداع فقلت له بالامس کنت تقول زيارته بدعة و الان أتيت تزوره فقال رأيت رؤيا هالتني رأيت ناقة من نور عليها هودج من نور و فيه امرأتان و الناقة تطير بين السماء و الارض فقلت لمن هذه فقيل لخديجة الکبري و فاطمة الزهراء سلام الله عليهما قلت أين يريدون قيل ليلة الجمعة يزورون الحسين (ع) ثم دنوت من الهودج و اذا برقاع تنساقط من السماء قلت ماهذه الرقاع قيل هذه فيها أمان من النار لزوار الحسين (ع) ليلة الجمعة فطلبت رقعة فقيل انک تقول زيارته بدعة لا تنالها حتي تعرف فضله و تزوره فاتنبهت فزعا و قصدت الي زيارته هل هذا صحيح قال صدق قلت له سيدنا سمعته يقول روي انه من زار الحسين (ع) ليلة الجمعة فله أمان من النار هذا صحيح قال (ع) اي والله و عيناه تدمعان ثم مضينا حتي وصلنا الي موضع من الجادة جانباه بساتين و کان هناک موضع عن يمين الخارج من بغداد الي کاظمية لبعض السادة و فيهم أيتام أدخله الحکام في الجادة غصبا و تعرف ببستان السادة و المحتاطون من البلدتين لايمرون منه و رأيته يمشي في هذا الموضع فقلت له سيدنا يقال ان المرور من هناک
[ صفحه 81]
مشکل قال يجوز لموالينا المرور منه فقلت له سيدنا اني أراک فرد رؤية هذا بستان ميرزا هادي يقولون ان قاعه وقف علي موسي بن جعفر (ع) فقال تمام مالنا اسأل غير هذا فوصلنا الي ساقية أخرجت من الدجلة لاجل البساتين فيها يفترق الطريقان طريق السادة و الطريق السلطاني فرأيته مال الي الاول فقلت سيدنا نمضي من السلطاني قال لا نمضي من هذا فمشينا و ما خطونا الا خطوات فرأيت أنفسنا عند الکفشوان الصاعد الي يسار الايوان الشرفي و باب المراد للداخل اليه فخلع نعليه و خلعت و مضي من الايوان و لم يقف بباب الرواق و دخله و وقف بباب الحرم و قال لي زر قلت له سيدنا أنا عامي لم أقرأ قال أزورک قلت له نعم فقال (ع) ءأدخل يا الله السلام عليک يا رسول الله السلام عليک يا أميرالمومنين السلام عليک يا فاطمة الزهراء و انتهي الي السلام علي علي بن محمد و الحسن العسکري (ع) و سلم عليه فالتفت الي و قال أتعرف امام زمانک قلت نعم قال (ع) فما تقول أنت اذا انتهيت في السلام الي هنا قلت أقول السلام عليک يا صاحب الزمان السلام عليک يا حجة الله قال و عليک السلام و رحمة الله و برکاته فدخل و دخلت و قبل الضريح و قبلت ثم قال لي زر قلت له سيدنا قلت لک اني لم أقرأ قال (ع) أزورک قلت له نعم قال بأي زيارة قلت له سيدنا اني أراک فرد رؤية بايها أفضل قال أمين الله ثم قال عليه السلام عليکما يا أميني الله في أرضه السلام عليکما يا حجتي الله علي عباده و انتهي الي آخرها و شموع الحرم مشعلة غير اني أري جو الحرم مضيي ء بضوء غير ضوء السراج بل کضوء الشمس عند ارتفاعها و أري ضوء تلک الشموع بجنبه کضوئها اذا اشتعلت بالنهار وقت الضحي قبالة الشمس ثم تحول من طرف الرجلين الي خلف الضريح و وقف بالجانب الشرقي منه مستقبلا و قال نزور
[ صفحه 82]
الحسين (ع) من هنا فزاره بزيارة الوارث وزرت و لما فرغنا فاذا بالمؤذنين لفريضة المغرب قد فرغوا فقال لي الحق الجماعة وصل و أشار الي المسجد الذي خلف الحرم و منه اليه باب مشروع و الشيخ المذکور يصلي بالناس هناک فدخل المسجد و وقف عن يمينه محاذيا له وصلي بنفسه و أنا وقفت في الصف و فرج لي مکاني وصليت جماعة و لما انفلت نظرت اليه فلم أره فقمت أطلبه بالحرم لاعطيه شيئا لانه زورني واضيفه بالليل فدرت الحرم و الرواق و الايوان و لم أره و أنا أتفکر في نفسي من هذا و ما هذه الأمور التي شاهدتها منه و الکلمات التي سمعتها فعلمت انه الامام (ع) فأتيت الي الکفشوان و سألته عنه قال خرج و مضي ثم قال هو رفيقک قلت نعم فتبسم فاتيت الي منزلي و نمت فلما قمت أتيت الشيخ بکرة و حکيت له ذلک فقال الله موفقک لا تحکه ببغداد ثم اني بعد ذلک بشهر کنت بالحرم الشريف يوما بالمحل الذي يوضع المصاحف أتلو القرآن اذا به عليه السلام عن لي و قال لي ماذا رأيت أنت قلت لم أر شيئا ثم قال لي ثانيا ماذا رؤيت قلت له لم أر شيئا فغاب عني قال أقول و هذا الرجل کان يبدو منه عند حکايته لي الاسف و التحسر کمن فات عنه شي ء لا مندوحة عنه ثم قبلت فاه فقام و فارقنا و لعمرک لو طلب حريص و ضرب اباط الابل فيه حولا لکان قليلا هذا ما رويته و بحق روايتي عنه بيد ان ما رقمته معني ما سمعته منه بلفظ و لغته المتداولة اليوم.