الحکاية 30
و فيه عن السيد السند الميرزا صالح المزبور عن بعض الصلحاء الابرار من أهل الحلة قال خرجت غدوة من داري قاصدا دارکم لأجل زيارة السيد أعلي الله مقامه فصار ممري في الطريق علي المقام المعروف بقبر السيد محمد ذي الدمعة فرأيت علي شباکه الخارج الي الطريق شخصا بهي المنظر يقرأ فاتحة الکتبا فتأملته فاذا هو غريب الشکل و ليس من أهل الحلة فقلت في نفسي هذا رجل غريب قد اعتني بصاحب هذا المرقد و وقف و قرأ له فاتحة الکتاب و نحن أهل البلد نمر و لا نفعل ذلک فوقفت و قرأت الفاتحة و التوحيد فلما فرغت سلمت عليه فرد السلام و قال لي يا علي أنت ذاهب لزيارة السيد مهدي قلت نعم قال فاني معک فلما صرنا ببعض الطريق قال لي يا علي لا تحزن علي ما أصابک من الخسران و ذهاب المال في هذه السنة فانک رجل امتحنک الله بالمال فوجدک موديا للحق و قد قضيت ما فرض الله عليک و أما المال فانه عرض زائل يجيي ء و يذهخب و کان قد أصابني خسران في تلک السنة لم يطلع عليه أحد مخافة الکسر فاغتممت في نفسي و قلت سبحان الله کسري قد شاع و بلغ حتي الي الاجانب الا اني قلت له في الجواب الحمد لله علي کل حال فقال ان ما ذهب من مالک سيعود اليک بعد مدة
[ صفحه 56]
و ترجع کحالک الاول و تقضي ما عليک من الديون قال فسکت و أنا متفکر في کلامه حتي انتهينا الي باب دارکم فوقفت و وقف فقلت ادخل يا مولاي فانا من أهل الدار فقال (ع) لي ادخل أنا صاحب الدار فامتنعت فاخذ بيدي و أدخلني أمامه فلما صرنا الي المجلس وجدنا جماعة من الطلبة جلوسا ينتظرون خروج السيد قدس سره من داخل الدار لاجل البحث و مکانه من المجلس خال لم يجلس به احد احتراما له و فيه کتاب مطروح فذهب الرجل فجلس في الموضع الذي کان السيد ره يعتاد الجلوس فيه ثم أخذ الکتاب و فتحه و کان الکتاب شرايع المحقق ره ثم استخرج من الکتاب کراريس مسودة بمحط السيد ره و کان خطه في غاية الضعف لا يقدر کل أحد علي قراءته فاخذ يقرأ في تلک الکراريس و يقول للطلبة ألا تعجبون من هذه الفروع و هذه الکراريس هي بعض من جملة کتاب مواهب الافهام في شرح شرايع الاحکام و هو کتاب عجيب في فنه لم يبرز منه الا ست مجلدات من أول الطهارة الي أحکام الاموات قال الوالد أعلي الله درجته لما خرجت من داخل الدار رأيت الرجل جالسا في موضعي فلما رآني قام و تنحي عن الموضع و الزمته بالجلوس فيه و رأيته رجلا بهي المنظر و سيم الشکل في زي غريب فلما جلسنا أقبلت عليه بطلاقة وجه و بشاشة و سوال عن حاله و استحييت ان أسئله من هو و أين موطنه ثم شرعت بالبحث فجعل الرجل يتکلم في المسألة التي نبحث عنها بکلام کأنه اللؤلؤ المتساقط قبهرني کلامه فقال له بعض الطلبة اسکت ما أنت و هذا فتبسم و سکت قال رحمه الله فلما انتهي البحث قلت له من أين کان مجيئک الي الحلة فقال من بلد السليمانية فقلت متي خرجت فقال بالامس خرجت منها حين دخلها نجيب باشا فاتحا لها عنوة بالسيف و قد قبض علي احمد باشا
[ صفحه 57]
الباباني المتغلب عليها و أقام مقامه أخاه عبدالله باشا و قدکان احمد باشا المتقدم قد خلع طاعة الدولة العثمانية و ادعي السلطنة لنفسه في السليمانية قال الوالد ره فبقيت متفکرا في حديثه و ان هذاالفتح و خبره لم يبلغ الي حکام الحلة و لم يخطر لي أن أسأله کيف وصلت الي الحلة و بالامس خرجت من السليمانية و بين الحلة و السليمانية ما يزيد علي عشرة أيام للراکب المجد ثم ان الرجل أمر بعض خدمة الدار أن يأتيه بماء فأخذ الخادم الاناء ليغترف به ماء من الحب فناداه لا تفعل فان في الاناء حيوانا ميتا فنظر فيه فاذا سام ابرص ميت فاخذ غيره فجاء بالماء اليه فلما شرب قام للخروج قال الوالد فقمت لقيامه فودعني و خرج فلما صار خارج الدار قلت للجماعة هلا أنکرتم علي الرجل خبره في فتح السليمانية فقالوا هلا أنکرت عليه قال فحدثني الحاج علي المتقدم بما وقع له في الطريق و حدثني الجماعة بما وقع قبل خروجي من قراءته في المسودة مو اظهار العجب من الفروع التي فيها قال الوالد أعلي الله مقامه فقلت اطلبوا الرجل و ما أظنکم تجدونه هو و الله صاحب الامر روحي فداه فتفرق الجماعة في طلبه فما وجدوا له عينا و لا أثرا فکأنما صعد في السماء أو نزل في الارض قال فضبطنا اليوم الذي أخبر فيه عن فتح السليمانية فورد الخبر ببشارة الفتح الي الحلة بعد عشرة أيام من ذلک اليوم و أعلن ذلک عند حکامها بضرب المدافع المعتاد ضربها عند البشاير عند ذوي الدولة العثمانية قال صاحب الکتاب قلت الموجود فيما عندنا من کتاب الانساب ان اسم ذي الدمعة حسين و يلقب ايضا بذي العبرة و هو ابن زيد الشهيد ابن علي بن الحسين (ع) و يکني بابي عاتقة و انما لقب بذي الدمعة لبکائه في تهجده في صلاة الليل و رباه الصادق (ع) فاورثه علما جما و کان
[ صفحه 58]
زاهدا عابدا و توفي في سنة خمس و ثلاثين و مأة و زوج ابنته بالمهدي الخليفة العباسي و له أعقاب کثيرة.