بازگشت

الحکاية 29


في جنة الماوي عن السيد السند و الحبر المعتمد الميرزا صالح دام علاه ابن السيد المحقق السيد مهدي القزويني الساکن بالحلة أعلي الله مقامه قال خرجت يوم الرابع عشر من شهر شعبان من الحلة أريد زيارة الحسين ليلة النصف منه فلما وصلت الي شط الهندية و عبرت الي الجانب الغربي منه وجدت الزوار الذاهبين من الحلة و أطرافها و الواردين من النجف و نواحيه جميعا محاصرين في بيوت عشيرة بني طرف من عشاير الهندية و لا طريق لهم الي کربلا لأن عشيرة عنزة قد نزلوا علي الطريق و قطعاه عن المارة و لا يدعون أحدا يخرج من کربلا و لا أحدا يلج الا انتهبوه قال فنزلت علي رجل من العرب وصليت صلاة الظهر و العصر و جلست أنتظر ما يکون من أمر الزوار و قد تغيمت السماء و مطرت مطرا يسيرا فبينما



[ صفحه 53]



من معي اخرج و اسأل ما الخبر فخرج و رجع الي و قال لي ان عشيرة بني طرف قد خرجوا بالاسلحة النارية و تجمعوا لايصال الزوار الي کربلاء و لو آل الامر الي المحاربة مع عنزة فلما سمعت قلت ان هذا الکلام لا أصل له لأن بني طرف لا قابلية لهم علي مقابلة عنزة في البر و أظن هذه مکيدة منهم لاخراج الناس عن بيوتهم لأنهم استثقلوا بقاءهم عندهم و في ضيافتهم فبينا نحن کذلک اذ رجعت الزوار الي البيوت فتبين الحال کما قلت فلم تدخل الزوار الي البيوت و جلسوا في ظلالها و السماء متغيمة فأخذتني لهم رقة شديدة و أصابني انکسار عظيم و توجهت الي الله تعالي بالدعاء و التوسل بالنبي و آله و طلبت اغاثة الزوار مما هم فيه فبينما أنا علي هذا الحال اذ أقبل فارس علي فرس رابع کريم لم أر مثله بيده رمح طويل و هو مشمر عن ذراعيه فأقبل يخب به جواده حتي وقف علي البيت الذي أنا فيه و کان بيتا من شعر مرفوع الجوانب فسلم فرددنا عليه السلام ثم قال يا مولانا يسميني باسمي بعثني من يسلم عليک و هم کنج اغا محمد و صفر اغا و کانا من قواد العساکر العثمانية يقولان فليأت بالزوار فانا قد طردنا عنزة من الطريق و نحن ننتظر مع عسکرنا في عرقوب السليمانية علي الجادة فقلت له و أنت معنا الي عرقوب السليمانية قال نعم فأخرجت الساعة فاذا قد بقي من النهار ساعتان و نصف تقريبا فقلت بخيلنا فتقدمت الينا فتعلق ذلک البدوي الذي نحن عنده و قال يا مولاي لا تخاطر بنفسک وبالزوار و اقم الليلة حتي يتضح الامر فقلت له لابد من الرکوب لادراک الزيارة المخصوصة فلما رأتنا الزوار قد رکبنا تبعوا أثرنا بين ماش و راکب فسرنا و الفارس المذکور بين أيدينا کأنه الاسد الخادر و نحن خلفه حتي وصلنا الي عرقوب السليمانية فصعد عليه فتبعناه في الصعود



[ صفحه 54]



ثم نزل و ارتقينا علي أعلي العرقوب فنظرنا و لم نر له عينا و لا أثرا فکأنما صعد من السماء أو نزل في الارض و لم نر قائدا و لا عسکرا فقلت لمن معي ما بقي شک في انه صاحب الامر (ع) فقالوا لا و اله و کنت و هو بين أيدينا أطيل النظر اليه کأني رأيته قبل ذلک لکنني لا اذکر أين رأيته فلما فارقنا تذکرت انه هو الشخص الذي زارني بالحلة و أخبرني بواقعة السليمانية الذي يذکر في حکاية البعد و أما عشيرة عنزة فلم نر لهم أثرا في منازلهم و لم نر احدا نسأله عنهم سوي اننا رأينا غبرة شديدة مرتفعة في کبد البر فوردنا کربلا تخب بنا خيولنا فوصلنا الي باب البلاء و اذا بعسکر علي سور البلد فنادوا من أين جئتم و کيف وصلتم ثم نظروا الي سواد الزوار ثم قالوا سبحان الله هذه البرية قد امتلأت من الزوار أجل أين صارت عنزة فقلت لهم اجلسوا وخذوا أرزاقکم و لمکة رب يرعاها ثم دخلنا البلد فاذا بکنج محمد اغا جالسا علي تخت قريب في البلد من الباب فسلمت عليه فقام في وجهي فقلت له يکفيک فخرا انک ذکرت باللسان فقال ما الخبر فاخبرته بالقصة فقال لي يا مولاي من أين لي علم بانک زائر حتي أرسل لک رسولا و أنا و عسکري منذ خمسة عشر يوما محاصرين في البلد لا نستطيع ان نخرج خوفا من عنزة ثم قال فأين صارت عنزة قلت لا علم لي سوي اني رأيت غبرة شديدة في کبد البر کأنها غبرة الضعاين ثم أخرجت الساعة و اذا قد بقي من النهار ساعة و نصف فکأن مسيرنا کله في ساعة و بين منازل بني طرف و کربلا ثلاث ساعات ثم بتنا تلک الليلة في کربلا فلما أصبحنا سألنا عن خبر عنزة فاخبر بعض الفلاحين الذين في بساتين کربلاء قال فبينما عنزة جلوس في أنديتهم و بيوتهم اذا بفارس قد طلع عليهم علي فرس مطهم و بيده رمح طويل فصرخ فيهم بأعلي





[ صفحه 55]



صوته يا معاشر عنزة قد جاء الموت هذا عساکر الدولة العثمانية تجبهت عليکم بخيلها و رجلها و ها هم علي أثري مقبلون فأرحلوا و ما أظنکم تنجون منهم فالقي الله عليهم الخوف و الذل حتي ان الرجل يترک بعض متاع بيته استعجالا بالرحيل فلم تمض ساعة حتي ارتحلوا بأجمعهم و توجهوا نحو البر فقلت له صف لي الفراس فوصفه و اذا هو صاحبنا بعينه و هو الفارس الذي جائنا و الحمد لله رب العالمين.