الحکاية 22
ممن أدرکه و تشرف برؤيته في غيبته الکبري الرجل الهرم الفلاح السهلاوي اليزدي ذو الصلاح و السداد و محصله و ان ذکره الفاضل الميثمي في کتابه دار السلام المشتمل بذکر من فاز بسلام الامام من انه کان من فلاليح المرحوم الحاج ملا باقر البهبهاني ساکن الغر و هو رجل من الاخيار و النساک و مشهور بالخلوص لابي عبدالله الحسين (ع) و اشتغل في أواخر عمره بتجارة الکتب و السير في الحجرة الواقعة في الزاوية الشرقية من الصحن الشريف من مشهد الغري وهو ان لم يکمن له حظ من العلم و لا يعد من الافاضل الا انه ألف کتابا وافيا جامعا في شرح ترجمة أحوال الائمة الاثنتي عشر و فضايلهم و مراثيهم و خمس مجلدات موسوما بالدمعة الساکبة بحيث وقع مطرحا لانظار العلماء و المحدثين ثم ان المولف الضعيف علي بن ابراهيم زين العابدين البارجيني اليزدي يقول بعد ما راجعت شرح هذه القصة مع المرحوم الحاج ملا باقر المزبور في الکتاب المذکور اتفقت لي صحبة المرحوم الحاج علي محمد بياع الکتب نجل الحاج المزبور فسألته عن بستانهم المعروف بالصاحبية و وجه اشتهارها بها و اخبرته بما ذکره هذا الفا ضل من شرحه في کتابه فقال المرحوم أهل البيت أدري بما في البيت ثم أخذ في بيان القصة مشروحا حيث ما جري بتفاوت يسير مما ذکره الفاضل المذکور فرأيت الاقتصار علي ما ذکره المرحوم أضبط فاقتصرت عليه فاقول
[ صفحه 41]
قال المرحوم الحاج علي محمد نجل المرحوم الحاج ملا باقر البهبهاني المزبور لما اتسعت الامور علينا قليلا بعد ما کنا في الشدة و الضيق أراد الحاج الوالد تعمير بستان في اراضي قرب مسجد السهلة بغرس الاشجار فيها فعارضوه الاصدقاء و أظهروا ان هذا الأمر لا يکون من عهدتک و أنت لا تقدر عليه لما فيه من التعب و المشقة الشديدة وأنت علي ما أنت فيه من شيبک و نقاهتک و بقائک في المشهد فابتع بستانا معمورا قريبا منه فتمه فاجابهم المرحومن کثيرا ما أحب غرس الاشجار و الاشتغال بالعمارة و اشتغل بما هم فيه الي ان وقف و لم يستطع اتمامه فطلب من يبيعه نصفه بمأة تومان فيستعين بثمنه علي تعمير النصف الباقي و لم يجد أحدا يعينه و فيها العمال و الفلايح مشتغلين بوظيفتهم وفيهم رجل يزدي من أهل الصلاح و السداد و کان بعد المغرب و فراغته من فلاحته يأتي مع ساير الفلاليح مسجد السهلة و يبيت فيه و کان مطلعا بما قصده الحاج الوالد من بيع نصفها فبينما هو ذات ليلة في المسجد فرأي بين النوم و اليقظة ان احد يدعوه قائلا لا فلان أجب السلطان يقول فقمت مهربا فرأيت المسجد منورا أضوء من الشمس الطالعة و رأيت جماعة في صحن المسجد جلوس و قد حفوا بهم جمع کثير و فيهم سيد جليل عظيم و النور يسطع منه الي عنان السماء و عن يمينه رجلان جليلان و کذلک عن يساره فاخذوني اليه فسالني السلطان من أنت و ما وظيفتک فاخبرته اني من فلاليح البستان الواقع قرب هذا المسجد للحاج ملا باقر البهبهاني نأتي بعد فراغنا عن فلاحتنا کل ليلة المسجد و نبيت فيه فقال نعم قال قل للحاج ملا باقر ان يزرع فيها حملا من بذور الزيت الذي في خارج المسجد فرجعت بعد ذلک فقمن من النوم و أنا لا أري المسجد الا في ظلمة الليل و الوقت قريت من
[ صفحه 42]
الفجر فاسبغت الوضوء لاصلي في ذلک المکان لشرافته فرأيت ان احدا يوذن فيه ثم اشتغل بعد ذلک بالصلاة فائتممت به وصليت معه الفجر لما وقع في قلبي من جلالته و نبالته فلما سعت أتيته و قصصت عليه منامي فقال أما عرفت قلت لا قال اما السلطان فهو امام زمانک و الرجلان الجليلان اللذان عن يمينه الخضر و الالياس و اللذان عن يساره هو الهود و الصالح و الحافون به المحدقون حوله أرواح الانبياء المؤمنين فاخبرني ان الحاج ملا باقر هل يريد بيع البستان فاخبرته انه منذ مدة يريد بيع نصفه بمأة تومان فقال لي بعه لي الان فقلت اني لا اقدر الي أن أستاذنه في ذلک فاعطاني صرة فيها مأة تومان و قال اشتره لي بها فقلت اني لا أقبضها الي ان اخبره أين ألقاک بعد ذلک فقال اذا جري الماء في الغري أنا اظهر و بالجملة فاتي الفلاح الي الحاج الوالد و أخبره بما رأي و قص عليه فاعترض عليه المرحوم بما توقف من بيعه لم ثم أخذ في تجسس هذا الشخص بهذه الصفة في أراضي السهلة و الکوف و جميع النجف فاستياس ثم قال المرحوم الحاج علي محمد ان الحاج الوالد أتاني يوما بعد مدة من ذلک و دفع الي صرة خضراء فيها مأة باجوقلي يساوي قيمتها مأة تومان أي مأة دينار و لما کانت العادة بکتابة النقود و الاجناس في الدفتر باسم دافعيها و معطيها فسألته عن ذلک لاقيده باسمه فاخذ يماطلني في ذلک ليلا و نهارا الي أن انقضي علينا ايام فأصررت عليه فيه فقال اخبرک به علي ان لاتخبر احدا بذلک ما دمنا انا و المعطي حيا ثم قال رأيت امام زماني في الطيف و سألني عن بيع البستان فبعته اياه و اشتراه مني بمأة تومان و حول المبلغ الي السيد العالم الفاضل السيد اسد الله ابن حجة الاسلام السيد محمد باقر أعلي الله مقامه و هو الذي سعي في جري الماء في النجف الاشرف و السيد المرحوم
[ صفحه 43]
حينئذ کان مقيما في النجف فقمت فزعا متحيرا في اظهاره اياه و کنت احاذر تکذيبه اياي فقلت في نفسي ان حالي غير خفي علي کل أحد و الي مأمور معذور فأتيته لاخبره فلما صرت بالباب و قرعته فاذا به قد صاح من داخل الدار اصبر اصبر فقد أتيتک فتحيرت في ذلک و قلت فلعله و آني من شق الباب فخرج الي و أخذ يقبلني و يقول قبول قبول ثم دخل و اخرج هذه الصرة و أعطاني اياها و هذا ما حول الامام فاضمره و لا تخبر به احدا ما عشت أنا و السيد و اشتهرت بعد ذلک ببستان الصاحبية.