بازگشت

الحکاية 21


ذکر الفاضل المحدث الميثمي أيضا في کتابه دار السلام ما ترجمته بالعربية اني کنت في بعض السنين سنة الف و مأتين و سبعين و لعله سبع و سبعين قد تشرفت من النجف الاشرف الي زيارة ابي عبدالله الحسين عليه السلام في مخصوصة اول رجب من ذلک العام و ما کنت بانيا علي التوقف في الحاير بل کنت عازما علي الرجوع الي الغري فاتفق لي مصاحبة بعض الاصدقاء من أهل اذربيجان فمنعني عن العجلة في العود و حثني علي الاقامة عنده و في داره الي زيارة النصف فأحببت اجابته و أقمت فيها فبينا نحن ذات ليلة و قد اجتمع في تلک الدار عند صاحبنا جمع من أهل اذربايجان يريدون خطبة بنت له قد تکفلها و رباها من غير أب و لا ام و هم يتکلمون معه في خطبتها و ان هذا أمر لابد فيه المسامحة سيما مع کون الصهر شابا جديد الاسلام و ينبغي السماحة معه فلما سمعت ذلک منه دنوت اليه و قلت في أي مذهب کنت و ما شأنک و قصتک و ما سبب اسلامک فأجابني اني ترکي و لم أحسن الرطانة فقلت أنا اعرف لسان الترک و الترجمة لاهل المجلس فقال أنا رجل من أرامنة ارومية ساکن قرية من قراها و فيها الحال ابي و امي و عشيرتي و بنو عمومتي و حرفتي النجارة و عمل الرحي ولي في هاتين مهارة وافية مشهورة عند اهاليها فاتفق لي يوما أن کنت في بستان لقطع شجرة و کانت ملقاة و قد وضعنا المنشار عليها لنقدها فمضي صاحبي الي کان معي لامر فانفردت في البستان و اذا برجل جليل عظيم قد اهابتني جلالته و نبالته فعظمته و احترمته قهرا و رأيت نفسي بالنسبة اليه مقهورة



[ صفحه 36]



مغلوبة فقرب مني وقال يا فلان هات يدک واغمض عينک و افتحها لا قول لک فاعطيته يدي و غمضت عيني فلم أحس شيئا الا واسمع هبوب الريح و تسس جلدي من نسيمها ثم اطلق يدي هنيئة ثم قال افتحها فلما فتحتها ما رأيت الا و أنا في قلة جبل عظيم في قفر وسيع علي صخرة عظيمة لا يمکن الصعود عليها و النزول منها بحيث لو سقط ساقط عنها لتقطع و تلفت فرأيت ذلک الرجل في اسفل الجبل و الصخرة ثم ذهب غاب عني فاستوحشت وحشة شديدة و اضطربت اضطرابا عظيما فقلت في نفسي و لعني نائم فحرکت يدي و مسحتها علي عيني فرأيت نفس مستيقظا و مشاعري علي ما هو عليه فأعملت کل حيلة احتالها لخلاص نفسي و لم اتمکن فاستسلمت للموت و وقفت متفکرا متحيرا و اذا برجل غير الاول قد ظهر و أتاني و ارفق بي و سماني باسمي و کلمني بالترکية و تفقد عني و قال الحمد لله انک قد افلحت و نجوت فتسليت به و سألته عن الرجل و صنيعه لي ووجه للاحي و نجاتي فقال ان الرجل هو الامام الغائب المهدي عجل الله تعالي فرجه قد أتاک و نجاک من دار الشرک و الکفر و أتي بک الي هذا الوادي للهدي و الرشاد و الاسلام و السداد فلما سمعت ذلک تذکرت ما کنت کثيرا ما اسمعه من الشيعة من الامام الغائب الموعود المنتظر الحجة بن الحسن (ع) و کنت احبهم و اکتمه من أبوي و عشيرتي خوفا منهم من لومهم اياي فقلت له هل الرجل هو المهدي الغائب الموعود فقال:نعم قلت فمن أنت قال رجل من أعوانه و ملازميه فقلت ما هذا المکان قال هذه من جبال ايروان و المسافة الي رومية بعيدة قلت أجل فما أصنع ان رجوت الفلاح و الاجتناب عن الشرک قال نعم أسلم فرسخ في قلبي محبة ذلک الرجل و تجلي في شراشر وجودي نوره و قلت کيف أسلم قال قل اشهد ان لا اله الا الله و أشهد أن محمدا رسول الله (ص) و ان عليا و اولاده المعصومين



[ صفحه 37]



أوصياء رسول الله (ص) و خلفاؤه فاقررت بها ثم قال اسسک هذا ينافي مذهبک فقد سميتک سلمان فقبلت ذلک ثم أخذ بيدي و قال لي غمض عينک واقتحها ففعلت فرأيت نفسي في أسفل جبل عظيم فاطلق يدي واراني طريقا واسعا و قال لي سر فيه الي فرسخين فتدخل قرية فلان فتسأل عن دار شيخهم فلان فتنزل عنده فيدلک علي ما أحببت و شئت من طريقک ثم غاب عني و مضيت الي أن أتيت تلک القرية فدخلت فيها و سألت عن دار الشيخ فدللت عليه فوقفت و طرقت عليه الباب فخر الي شيخ فلما رآني قال لي أنت سلمان قلت نعم قال فادخل فلما دخلت رأيت رجلا في زي عثمانلو جالسا و قد حفت به جماعة فنظر الي و تبسم و اظهر الرأفة و الملاطفة و سماني و رحب بي و أجلسني عنده ثم قضي مابه من الجماعة من عملهم فمضوا واستفردنا فتوجه عند ذلک الي و هنأني و بشرني ثم أمر بالطعام فاحضر و أکلنا و أقامني عنده الي ثلاثة أيام و علمني اصول اعتقادات الشيعة و اسما ءالائمة و أمرني بالتقية ثم قال لابد لک و ان تذهب حينئذ الي قرية کذا عند فلان فيوصلک الي ما شئت و احببت و المسافد الي هناک أربع فراسخ فانطلقت مع الرجل الاول حتي دلني علي الطريق فمشيت الي أن أتيت القرية و دخلت فيها و وقفت علي الدار المعلوم و طرقتها عليه فخرج رجل في زي الروم فلما رآني استبشر و تلاطف معي کالأول و سماني و هنأني و أدخلني معه و رحب بي و أقامني عنده ثلاثة أيام و علمني أحکام الصوم و الصلاة و بعض الضروريات العملية ثم دلني علي رجل آخر في قرية أخري علي مسافة اکثر من القريتين فلما ذهبت و دخلت علي الرجل رأيته ايضا في زي الروم بل هو أشبه منهما و له الرياسة الشرعية و المنصب من سلطان الروم فلما رآني سماني و لا طفني و استبشر و أقامني عنده



[ صفحه 38]



و ختنني و عاد علي بتلقين الاحکام و أمر الشريعة و أمرني بالتقية و طريقتها الي أن قال لي يوما يا سلمان لابد لک اليوم من الرواح الي کربلا قلت و ما کربلا و أين هي فعلمني بها و أعلمني انها ارض فيها بقعة الامام الثالث سبط الرسول المختار (ص) و مزا للزوار و الشيعة الاخيار فقلت و کم المسافة اليها قال اکثر من أربعين منزلا فقلت کيف أقطع هذا المقدار من الطريق بلا زاد و راحلة و رفيق فقال اذهب فان الله سيعينک فيها ثم دفع الي اثني عشر من الدراهم المسکوکة بسکة العثماني فبعث معي من يرشدني الي الطريق الشارع العام فمشيت فلما سرت و بعدت من القرية يسيرا صاحبني رجل خفيف الثقل فسأل عن مقصودي فاخبرته بالمقصود فقال و اني ايضا لسائر الي نواحي کربلا و ذاهب معک فقلت هل قطعت من هذا الطريق شيئا قبل ذلک و هل تعرفها قال نعم فسررت بذلک و مضيت معه فرأيته علي طريقة الشيعة و الامامية الا اني سترت عنه رعاية للاحتياط کما أمرني ساداتي و لم يتفحص هو عن عقيدتي ايضا و أنا لم اتق عنه لاني رأيته شيعي فسرت معه مسرورا به يومين حتي اذا کان الثالث فظهر نخيل و قبتين من ذهب متصلتين فقال لي الرجل هذا نخيل بغداد و توابعه و هاتان القبتان لموسي بن جعفر الامام السابع و محمد بن علي النقي الامام التاسع و تلک السواد المعمورة تسمي کاظمين و منها الي کربلا مسافة يومين فادخلها و زر الامامين وقف بها حتي يخرج منها قافلة الزوار الي کربلا فسر معهم ثم فارقني و ذهب عني من غير تکلم ثم أتيت حتي اتنهيت الي الشط فعبرته بالعبرة و دخلت الکاظمين و بقيت متشرفا بالزيارة الي يومين فخرجت الثالث الي بغداد للسياحة فبينما أسير في السياحة فمررت علي دکة بحار هناک فلما عرف اني اهل حرفته و صنعته أحب أن اشتغل عنده أيام



[ صفحه 39]



فوقفت عنده فلما رأي مهارتي تلاطف معي و عين لي کذا فکنت بالنهار مقيما هناک و بالليل أبيت بالکاظميين فأتي علي ذلک أيام فبينما أنا ذات يوم ارجع الي کاظمين و اذا بدرويش صاحبني و أظهر الملاطفة معي الي أن انتهينا الي المسجد الخرب الذي في طريق بغداد و الکاظمين الي يدعي ببراثا فاظهر لي ان منزلي في هذا المسجد و أحب أن يضيفني الليلة فاستدعي ذلک و أصر عليه فاجبته و دخلت منزله و اذا بجماعة آخرين في زيه ثم اجتمع جماعة آخرين في زيهم و معهم شيئا من مأکلهم فاجتمعوا بعد صلاة العشاء و أحضروا ما کان معهم في کيفية من الاتحاد و اشتغلوا بالاکل ثم اشتغلوا بالعبادة و احياء الليل فاعجبني ما کانوا عليه و لم أکن أعهد من نظايرهم هذه الصفة فاضفت عندهم يومين فلما کان الثالث خرج أحدهم و قال لي يا فلان ان قافلة الزوار قد خرجت من الکاظمين يريدون کربلا فالحق بهم و امض معهم فلحقتهم حتي أتيت کربلاء فبقيت أنا أياما مشتغلا بالعبادة والزيارة فقلت في نفسي اني علي ما أمرت لابد لي من الاقامة فيه أياما و معي حرفتي و صنعتي النجارة فاشتغل بها و لا بد من دکة اکون عليها فاتيت اليخ الجليل العالم الفاضل شيخ العراقين شيخ عبدالحسين الطهراني لاجارة دکة تناسبني و هو حينذ مشغول بعمارة الصحن الشريف فلما ظهر له حالي و قصتي قال لي الاصلح حينئذ أن تقيم علي العمالة و البنائين بالصحن الشريف حتي تتهيأ الاسباب و الالة المحتاجة الي النجارية ثم اختر ما شئت و أجري لي أجرة معلومة فوقفت کما أمرني علي وظيفتي السر کاري ثم ذکر اسمه و اسم قريته و اسم أبيه و أمه و اخوته و بعض عمومته و عشيرته و ذکر ان له عيالا و أولادا في بلدته و قال يعرفني أکثر أهل ارومية و لابد من مجي ء زوار من الارومية فليتحقق و ليسأل



[ صفحه 40]



عني و لم اکن احتاج اليهم و اني علي صنعتي و حرفتي بحيث اعيش عشرة رووس و اتکفل بهم و قد قطعت النظر عن العيال و الاطفال و التجأت الي هذه البقعة المطهرة و جاورت کربلا و اني في زيهم مشتغل بکسبي و زيادتي و عبادتي الي أن أدرک الاجل المحتوم فهنيئا له ثم هنيئا له