بازگشت

الحکاية 10


في جنة الماوي للمحدث النوري طاب ثراه عن السيد المعظم المبجل بهاء الدين علي بن عبدالحميد الحسيني النجفي عن الشهيد الاول في کتاب الغيبة عن الشيخ العالم الکامل القدوة المقري ء الحافظ المحمود الحاج المعتمر شمس الحق و الدين محمد بن قارون قال دعيت الي امرأة فاتيتها و أنا أعلم انها مؤمنة من أهل الخير و الصلاح فزوجها أهلها من محمود الفارس المعروف باخي بکر و يقال له و لا قاربه بنو بکر و أهل فارس



[ صفحه 15]



مشهورون بشدة التسنن و النصب و العداوة لاهل الايمان و کان محمود هذا أشدهم في الباب و قد وفقه الله تعالي للتشيع دون اصحابه فقلت و اعجباه کيف سمح ابوک لک و جعلک مع هولاء النصاب و کيف اتفق لزوجک مخالفة اهله حتي رفضهم فقالت يا أيها المقري ء ان له حکاية عجيبة اذا سمعها أهل الادب حکموا انها من العجب قلت و ما هي قالت سله عنها سيخبرک قال الشيخ فلما حخضرنا عنده قلت له يا محمود ما الذي أخرجک عن ملة أهلک و أدخلک مع الشيعة فقال يا شيخ لما اتضح لي الحق تبعته اعلم انه قد جرت عادة أهل الفرس انهم اذا سمعوا بورود القوافل يتلوقنهم فاتفق انا سمعنا بورود قافلة کبيرة فخرجت و معي صبيان کثيرون و انا اذ ذاک صبي مراهق فاجتهدنا في طلب القافلة بجهلنا و لم نفکر في عاقبة الامر و صرنا کلما انقطع منا صبي من التعب يرمونه الي الضعف فضللنا عن الطريق و وقعنا في واد لم نکن نعرفه و فيه شوک و شجر و دغل لم نر مثله قط فاخذنا في السير حتي عجزنا و تدلت ألسنتنا علي صدورنا من العطش فالقينا بالموت و سقطنا لوجوهنا فبينما نحن کذلک اذا بفارس علي فرس أبيض قد نزل منا و طرح مفرشا لطيفا لم نر مثله تفوح منه رائحة طيبة فالتفتنا اليه و اذا بفارس آخر علي فرس احمر عليه ثياب بيض و علي رأسه عمامة له ذوابتان فنزل علي ذلک المفرش ثم قام فصلي بصاحبه ثم جلس للتعقيب فالتفت الي و قال (ع) يا محمود فقلت بصوت ضعيف لبيک يا سيدي قال ادن مني فقلت لا استطيع لما بي من العطش و التعب قال عليه السلام لا بأس عليک فلما قالها حسبت کان قدحدثت في نفسي روح متجددة فسعيت اليه حبوا فامر يده علي وجهي و صدري و رفعها الي حنکي فرده حتي لصق بالحنک الاعلي و دخل لساني في فمي و ذهب مابي وعدت



[ صفحه 16]



بما کنت اولا فقال (ع) قم وائتني بحنظلة من هذا الحنظل و کان في الوادي حنظل کثير فأتيته بحنظلة کبيرة فقسمها نصفين و ناولنيها و قال (ع) کل منها فاخذتها منه و لم أقدر علي مخالفته و عندي امرني ان اکل الصبر لما عهد من مرارة الحنظل فلما ذقتها فاذا هي أحلي من العسل و أبرد من الثلج شبعت و رويت ثم قال لي ادع صاحبک فدعوته فقال بلسان مکسور ضعيف لا اقدر علي الحرکة فقال (ع) قم لا بأس عليک فاقبل حبوا و فعل معه کما فعل معي ثم نهض ليرکب فقلنا بالله عليک يا سيدنا الا ما أتممت علينا نعمتک فاوصلنا الي أهلنا فقال لا تعجلوا و خط حولنا برمحه خطة و ذهب هو و صاحبه فقلت لصاحبي قم بنا حتي ثقف بازاء الجبل و نقع علي الطريق فقمنا و سرنا و اذا بحائط في وجوهنا فاخذنا في غير تلک الجهة فاذا بحائط آخر و هکذا من اربع جوانبنا فجلسنا و جعلنا نبکي علي أنفسنا ثم قلت لصاحبي ائتني من هذا الحنظل لنأکله فاتي به فاذا هو امر من کل شي ء واقبح فرمينا به ثم لبثنا هنيئة و اذا قد استدار بناالوحش ما لم يعلم الا الله عدده و کلما أرادوا القرب منا منعهم ذلک الحائط فاذا ذهبوا زال الحائط و اذا عادوا عاد قال فبتنا تلک الليلة آمنين حتي اصبحنا و طلعت الشمس و اشتد الحر و اخذنا العطش فجزعنا أشد الجزع و اذا بالفارسين قد أقبلا و فعلا کما فعلا بالامس فلما أراد مفارقتنا قلنا له بالله عليک الا اوصلتنا الي أهلنا فقال ابشرا فسيأتيکما من يوصلکما الي أهليکما ثم غابا فلما کان آخر النهار اذا برجل من فراس و معه ثلاث احمرة قد أقبل ليحتطب فلما رآنا ارتاع منا وانهزم و ترک حميره فصحنا اليه باسمه و تسيمنا له فرجع و قال ياويلکما ان اهاليکما أقاموا عزاء کما قوما لاحاجة لي في الحطب فقمنا و رکبنا تلک الاحمرة فلما



[ صفحه 17]



قربنا من البلد دخل امامنا و خبر أهلنا و فرحوا فرحا شديدا و أکرموه و أخلعوا عليه فلما دخلنا الي أهلينا سألونا عن حالنا فحکينا لهم بما شاهدناه فکذبونا و قالوا هو تخييل لکم من العطش قال محمود ثم انساني الدهر حتي کان لم يکن و لم يبق علي خاطري شي ء منه حتي بلغت عشرين سنة و تزوجت و صرت أخرج في المکاراة و لم يکن في أهلي أشد مني نصبا لاهل الايمان سيما زوار الائمة بسر من رأي فکنت اکريهم الدواب بالقصد لاذيتهم بکل ما اقدر عليه من السرقة و غيرها و أعتقد ان ذلک مما يقربني الي الله تعالي فاتفق ان اکريت دوابي مرة لقوم من أهل الحلة و کانوا قادمين الي الزيارة و منهم ابن السهيلي و ابن عرفة و ابن جارب و ابن الزهدري و غيرهم من أهل الصلاح و مضيت الي بغداد و هم يعرفون ما انا عليه من العناد فلما خلوا بي من الطريق و قد امتلاوا علي غيظا و حنقا لم يترکوا شيئا من القبيح الا فعلوه بي و أنا ساکت لا أقدر عليهم لکثرتهم فلما وصلنا بغداد و ذهبوا الي الجانب الغربي فنزلوا هناک و قد امتلا فوادي حنقا فلما جاء اصحابي قمت اليهم و لطمت علي وجهي و بکيت فقالوا ما لک و ما دهاک فحکيت لهم ما جري من اولئک القوم فاخذوا في سبهم و لعنهم و قالوا طب نفسا فانا نجتمع معهم في الطريق اذا خرجوا و نصنع بهم أعظم ما صنعوا فلما جن الليل أدرکنني السعادة فقلت في نفسي ان هولاء الرفضة لا يرجعون عن دينهم بل غيرهم اذا زهد يرجع اليهم فسا ذلک الالان الحق معهم فبقيت متفکرا في ذلک و سألت ربي بنبيه محمد (ص) يريني في ليلة علامة استدل بها علي الحق الذي فرضه الله تعالي علي عباده فاخذني النوم فاذا أنا بالجنة قد زخرفت فاذا فيها اشجار عظيمة مختلفة الالوان و الثمار ليست مثل اشجار الدنيا لان اغصانها مدلاة و عروقها الي



[ صفحه 18]



فوق و رأيت اربعة انهار من خمر و لبن و عسل و ماء وهي تجري و ليس لها زاجر بحيث لر أرادت النملة أن تشرب منها لشربت و رأيت نساء حسنة الاشکال و رأيت قوما ياکلون من تلک الثمار و يشربون من تلک الانهار و أنا لا أقدر علي ذلک فکلما أردت أن أتناول من الثمار تصعد الي فوق و کلما هممت أن أشرب من تلک الانهار تغور الي تحت فقلت للقوم مابالکم تأکلون و تشربون و أنا لا أطيق ذلک فقالوا اننک لم تأت الينا بعد فبينا أنا کذلک و اذا بفوج عظيم فقلت ما الخبر فقالوا سيدتنا فاطمة الزهراء (ع) قد أقبلت فنظرت فاذا بافواج من الملائکة علي أحسن هيئة ينزلون من الهواء الي الارض و هم حافون بها فلما دنت فاذا بالفارس الذي خلصنا من العطش باطعامه لنا الحنظل قائم بين يدي فاطمة فلما رأيته عرفته و ذکرت تلک الحکاية و سمعت القوم يقولون هذا م ح م د بن الحسن القائم (ع) المنتظر فقام الناس و سلموا علي فاطمة (ع) فقمت أنا و قلت السلام عليک يا بنت رسول الله فقالت و عليک السلام يا محمود أنت الذي خلصک ولدي هذا من العطش فقلت نعم يا سيدتي فقالت أن دخلت مع شيعتنا أفلحت فقلت أنا داخل في دينک و دين شيعتک مقر بامامة من مضي من بنيک و من بقي منهم فقالت ابشر فقد فزت قال محمود فانتبهت و أنا أبکي و قد ذهل عقلي مما رأيت فانزعج أصحابي لبکائي و ظنوا انه ما حکيت لهم فقالوا طب نفسا فوالله لننتقمن من الرفضة فسکت عنهم حتي سکتوا و سمعت الموذن يعلن بالاذان فقمت الي الجانب الغربي و دخلت منزل أولئک الزوار فسلمت عليهم فقالوا لا أهلا و لا سهلا اخرج عنا لا بارک الله فيک فقلت اني قد عدت معکم و دخلت عليکم لتعلموني معالم الدين فبهتوا من کلامي و قال بعضهم کذب و قال آخرون جاز أن يصدق فسألوني



[ صفحه 19]



عن سبب ذلک فحکيت لهم ما رأيت فقالوا ان صدقت فانا ذاهبون الي مشهد الامام موسي بن جعفر (ع) فامض معنا حتي نشيعک هناک فقلت سمعا و طاعة و جعلت أقبل أيديهم و أقدامهم و حملت اخراجهم و أنا أدعو لهم حتي وصلنا الي الحضرة الشريفة فاستقبلنا الخدام و معهم رجل علوي کان اکبرهم فسلموا علي الزوار فقالوا له افتح لنا الباب حتي نزور سيدنا و مولانا فقال حبا و کرامة ولکن معکم شخص يزيد ان يتشيع و رأيته في منامي واقفا بين يدي سيدتي فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فقالت لي يأتيک غدا رجل يريد أن يتشيع فافتح له الباب قبل کل أحد و لو رأيته الان لعرفته فنظر القوم بعضهم الي بعض متعجبين قالوا فشرع ينظر الي واحد واحد فقال الله اکبر هذا و الله هو الرجل الذي رأيته ثم أخذ بيدي فقال القوم صدقت يا سيد و بررت و صدق هذا الرجل بما حکاه و استبشروا باجمعهم و حمدوا الله تعالي ثم انه أدخلني الحضرة الشريفة و شيعني و توليت و تبريت فلما تم أمري قال العلوي و سيدتک فاطمة (ع) تقول لک سيلحقک بعض حطام الدنيا فلا تحفل به و سيخلفه الله عليک و ستحصل في مضايق فاستغث بنا تنجو فقلت السمع و الطاعة و کان لي فرس قيمتها مأتا دينار فماتت و خلف الله علي مثلها و اضعافها و اصابني مضايق فندبتهم و نجوت و فرج الله عني بهم و أنا اليوم أوالي من و الاهم و أعادي من عاداهم و أرجو بهم حسن العاقبة ثم اني سعيت الي رجل من الشيعة فزوجني هذه المرأة و ترکت أهلي فما قبلت التزوج منهم و هذا ما حکي لي في تاريخ شهر رجب سنة ثمان و ثمانين و سبعمأة من الهجرة و الحمد لله رب العالمين و الصلاة علي محمد وآله.