اخبار ام القائم
(في البحار) عن بشر بن سليمان النحاس و هو من ولد ابي أيوب الانصاري أحد موالي ابي الحسن و ابي محمد و جارهما بسر من رأي قال أتاني کافور الخادم فقال مولانا ابوالحسن علي بن محمد العسکري يدعوک اليه فأتيته فلما جلست بين يديه قال عليه السلام لي يا بشر انک من ولد الانصار و هذه الموالاة لم تزل فيم يرثها خلف عن سلف و أنتم ثقاتنا أهل البيت و اني مزکيک و مشرفک بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسر اطلعک عليه و انفذک في ابتياع امة فکتب کتابا لطيفا بخط رومي و لغة رومية و طبع عليه خاتمه و اخرج شقة صفراء فيها مأتان و عشرون دينارا فقال عليه السلام خذها و توجه الي بغداد و احضر معبر الفرات ضحوة يوم کذا فاذا و صلت الي جانبک زواريق السبايا و تري الجواري فيها ستجد طوائف المبتاعين من وکلاء قواد بني العباس و شرذمة من فتيان العرب فاذا رأيت ذلک فاشرف من البعد علي المسمي عمر بن يزيد النخاس عامة نهارک
[ صفحه 313]
الي ان تبرز للمبتاعين جارية صفتها کذا و کذا لابسة حريرين صفيفين (ثوب کثير الغزل) تمتنع من العرض و لمس المعترض و الانقياد لمن يحاول لمسها و تسمع صرخة رومية من وراء ستر رفيق فاعلم انها تقول و اهتک ستراه فيقول بعض المبتاعين علي ثلثمأة دينار فيد زادني العفاف فيها رغبة فتقول بالعربية لو برزت في زي سليمان بن داود و علي شبه ملکه ما بدت لي فيک رغبة فاشفق علي مالک فيقول النخاس و ما الحيلة و لابد من بيعک فتقول الجارية و ما العجلة و لابد من اختيار مبتاع يسکن قلبي اليه و الي وفائه و أمانته فعند ذلک قم الي عمر بن يزيد النخاس و قل له ان معي کتابا ملطفا لبعض الاشراف کتب بلغة رومية و خط رومي و وصف فيه رمه و وفائه و سخائه فناولها اياه لتتأمل منه أخلاق صاحبه فان مالت اليه و رضيته فأنا وکيله في ابتياعها منک قال بشر بن سليمان فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية فلما نظرت في الکتاب بکت بکاء شديدا و قالت لعمر بن يزيد بعني من صاحب هذا الکتاب و حلفت بالمحرجة و المغلظة انه متي امتنع من بيعها منه قتلت نفسها فما زلت اشاحه في ثمنها حتي استقر الامر فيه علي مقدار ما کان اصحبنيه مولاي من الدنانير فاستوفاه و تسلمت الجارية ضاحکة مستبشرة و انصرفت بها الي الحجرة التي کنت أوي اليها ببغداد فما أخذها القرار حتي أخرجت کتاب مولانا (ع) من جيبها و هي تلثمه و تطبقه علي جفنها و تضعه علي خدها و تمسحه علي بدنها فقلت تعجبا منها تلثمين کتابا لا تعرفين صاحبه فقالت أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل اولاد الانبياء اعرني سمعک و فرغ لي قلبک أنا مليکة بنت يشوعا بن قيصر ملک الروم و امي من ولد الحواريين تنسب الي وصي المسيح شمعون انبئک بالعجب ان جدي قيصر
[ صفحه 314]
أراد أن يزوجني من ابن أخيه و أنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحورايين من القسيسين و الرهبان ثلاثمأة رجل و من ذوي الاخطار منهم سبعمأة رجل و جمع من امراء الاجناد و قواد العسکر و نقباء الجيوش و ملوک العشائر أربعة آلاف و أبرز من بهي ملکه عرشا مصاغا من اصناف الجواهر و رفعه فوق اربعين مرقاة فلما صعد ابن اخيه و أحدقت الصلب و قامت الاساقفة عکفا و نشرت أسفار الانجيل تسأفلت الصلب من الاعلي فلصقت الارض و تعوصب أعمدة العرش فانهارت الي القرار و خر الصاعد من العرش مغشيا عليه فتغيرت الوان الاساقفة و ارتعدت فرائصهم فقال کبيرهم لجدي أيها الملک اعفنا من ملاقة هذه النحوس الدالة علي زوال هذا الدين المسيحي و المذهب الملکاني فتطير جديد من ذلک تطيرا شديدا و قال للاساقفة اقيموا هذه الاعمدة و ارفعوا الصلبان و احضروا اخا هذا المدبر العاهر المنکوس جده لا زوجه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنکم بسعوده و لما فعلوا ذلک حدث علي الثاني مثل ما حدث علي الاول و تفرق الناس و قام جدي قيصر مغتما فدخل منزل النساء و ارخيت الستور و رأيت في تلک الليلة کأن المسيح (ع) و شمعون و عدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي و نصبوا فيه منبرا من نور يباري السماء علوا و ارتفاعا في الموضع الذي کان نصب جديد فيه عرضه و دخل عليه محمدا صلي الله عليه و آله و ختنه و وصيه (ع) و عدة من ابنائه فتقدم المسيح اليه فاعتنقه فقال له محمد (ص) يا روح الله اني جئتک خاطبا من وصيک شمعون فتاته مليکة لابني هذا و أومي بيده الي ابي محمد ابن صاحب هذا الکتاب فنظر المسيح الي شمعون و قال له قد أتاک الشرف فصل رحمک الي رحم آل محمد (ص) قال قد فعلت فصعد ذلک المنبر
[ صفحه 315]
فخطب محمد (ص) و زوجني من ابنه و شهد المسيح و شهد ابناء محمد و الحواريون فلما استيقظت اشفقت ان اقص هذه الرؤيا علي ابي وجدي مخافة القتل فکنت أسرها و لا أبديها لهم و ضرب صدري بمحبة ابي محمد عليه السلام حتي امتنعت من الطعام و الشراب فضعفت نفسي و دق شخصي و مرضت مرضا شديدا فما بقي من مداين الروم طبيب الا احضره جدي و سأله عن دوائي فلما برح به اليأس قال يا قرة عيني هل يخطر ببالک شهوة فازودها في هذه الدنيا فقلت يا جدي أري أبواب الفرج علي مغلقة فلو کشفت العذاب عن في سجنک عن اساري المسلمين و فککت عنهم الاغلال و تصدقت عليهم و مننتهم الخلاص رجوت ان يهب المسيح و امه عافية فلما فعل ذلک تجلدت في اظهار الصحة من بدني قليلا و تناولت يسيرا ن الطعام فسر بذلک و أقبل علي اکرام الاساري و اعزازهم فرأيت أيضا بعد اربع عشر ليلة کأن سيدة نساء العالمين قد زارتني و معها مريم بنت عمران و الف من وصايف الجنان فتقول لي مريم هذه سيدة النساء (ع) ام زوجک ابي محمد (ع) فاتعلق بها و أبکي و اشو اليها امتناع ابي محمد من زيارتي فقالت سيدة النساء (ع) ان ابني أبا محمد لا يزورک و أنت مشرکة بالله علي مذهب النصاري و هذه اختي مريم بنت عراه تبرء الي الله من دينک فان ملت الي رضاء الله تعالي و رضا المسيح و زيارة ابي محمد اياک فقولي أشهد ان لا اله الا الله و ان أبي محمدا رسول الله (ص) فلما تکلمت بهذه الکلمة ضمتني الي صدرها سيده نساء العالمين و طيبت نفسي و قالت الان توقعي زيارة ابي محمد و اني منفذة اليک فانتبهت و أنا أقول و اتوقع لقاء ابي محمد فلما نمت من الليلة القابلة رأيت أبا محمد عليه السلام و کأني أقول قد جفوتني يا حبيبي بعد ان اتلفت
[ صفحه 316]
نفسي معالجة حبک فقال ما کان تأخري عنک الا لشرکک فقد أسلمت و أنا زائرک في کل ليلة الي أن يجمع الله شملنا في العيان فما قع عني زيارته بعد ذلک الي هذه الغاية قال بشر فقلت لها و کيف وقعت ف الاساري فقالت اخبرني أبو محمد عليه السلام ليلة من الليالي ان جدک سيسير جيشا الي قتال المسلمين يوم کذا و کذا ثم يتبعهم فعليک باللحاق بهم متنکرة في زي الخدم مع عدة من الوصايف من طريق کذا ففعلت ذلک فوقفت علينا طلائع المسلمين حتي کان من أمري ا رأيت و شاهدت و ما شعر بأني ابنة ملک الروم الي هذه الغاية أحد ساک و ذلک باطلاعي اياک عليه و لقد سألني الشيخ الذي وقعت اليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنکرته و قلت نرجس اسم الجواري قلت العجب انک رومية و لسانک عربي قالت نعم من ولع جدي و حمله اياي علي تعلم الاداب ان اوعز الي امرأة ترجمانة له في الاختلاف الي و کانت تقصدني صباحا و ساء و تفيدني العربية حتي استمر لساني عليها و استقام قال بشر فلما انکفات بها الي سر من رأي دخلت علي مولاي ابي الحسن (ع) فقال أراک الله عز الاسلام و ذل النصرانية و شرف محمد و أهل بيته قالت کيف اصف لک يابن رسول الله ما أنت أعلم به مني قال عليه السلام فاني احب ان اکرمک فايما احب اليک عشرة الاف دينار ام بشري لک بشرف الابد قالبت بشري بولد لي قال لها ابشري بولد يملک الدنيا شرقا و غربا و يملأ الارض قسطا و عدلا ما ملئت ظلما و جورا قالت ممن قال ممن خطبک رسول الله (ص) له ليلة کذا في شهر کذا من سنة کذا بالرومية قال لها ممن زوجک المسيح و وصيه قالت من ابنک ابي محمد (ع) فقال هل تعرفينه قالت و هل خلت ليلة لم يزرني فيها منذ الليلة التي اسلمت علي يد سية النساء (ع)
[ صفحه 317]
قال فقال مولانا يا کافور ادع اختي حکيمة (رض) فلما دخلت قال لها هاهيه و اعتنقتها طويلا و مالت بها کثيرا فقال لها ابوالحسن يا بنت رسول الله خذيها الي منزلک و علميها الفرائض و السنن فانها زوجة ابي محمد و ام القائم (عج).