بازگشت

في امکان الغيبة و من اتفقت لهم


الاول ادريس النبي فقد غاب عن شيعته حتي آل الامر الي ان تعذر عليهم القوت و قتل الجبار من قتل منهم و أفقر و اخاف باقيهم ثم ظهر فوعد شيعته بالفرج و بقيام القائم من ولده و هو نوح ثم رفع الله عز و جل ادريس فلم تزل الشيعة يتوقعون قيام نوح قرنا بعد قرن و خلفا عن سلف صابرين من الطواغيت علي العذاب المهين حتي ظهرت نبوة نوح.

الثاني صالح فقد غاب عن قومه زمانا و کان يوم غاب عنهم کهلا فلما



[ صفحه 274]



رجع اليهم لم يعرفوه من طول المدة.

الثالث ابراهيم (ع) فان غيبته تشبه غيبة مولانا القائم عليه السلام لان الله سبحانه قد غيب أثر ابراهيم و هو في بطن امه حتي حوله عز و جل بقدرته من بطنها الي ظهرها ثم اخفي أمر ولادته الي وقت بلوغ الکتاب أجله و ذلک ان منجم نمرود أخبره بان مولودا يولد في أرضنا فيکون هلاکنا علي يده و کان فيما اوتي المنجم من العلم سيحرق بالناس و لم يکن اوتي ان الله سينجيه فحجب النساء عن الرجال فلما حملت أم ابراهيم به بعث القوابل اليها فلم يعرفن شيئا من الحمل فلما ولد ذهبت به امه الي غار ثم وضعته و جعلت علي الباب صخرة ثم انصرفت عنه فجعل الله عز و جل رزقه في ابهامه فجعل يمصها و يشرب لبنا و جعل يشب في اليوم کما يشب غيره في الجمعة فجعل يکبر في الغار و يشب حتي قام بأمر الله تعالي و قد غاب غيبة اخري سار فيها في البلاد بعد نجاته من النار و نقل انه کانت له غيبة اخري حين هاجر الي الشام و کذا ورد ان لموسي غيبة اخري في التيه و غيبة يونس بن متي حين التقطه الحوت و کذا غاب سليمان حين اخذ الماء خاتمه و نقل بعض اهل التواريخ ان مريم هربت بعيسي عن اليهود الي مصر اثنتي عشرة سنة و في نهج المحجة روي عن الصادق عليه السلام غيبة الياس في الجبل عن الملک اجب سبع سنين الي ان رفعه الله اليه و استخلف اليسع علي بني اسرائيل.

الرابع غيبة يوسف (ع) فانها کانت عشرين سنة و کان و هو بمصر و يعقوب (ع) بفلسطين و بينهما مسيرة تسعة أام فاختلف الاحوال عليه في غيبته حتي انه روي عن الصادق عليه السلام انه قدم اعرابي علي يوسف يشتري منه طعاما فباعه فلما فرغ قال له يوسف أين منزلک قال بموضع کذا



[ صفحه 275]



فقال له اذا مررت بوادي کذا و کذا فقف فنادي يا يعقوب يا يعقوب فانه سيخرج اليک رجل عظيم جميل جسيم وسيم فقل له رأيت رجلا بمصر و هو يقرئک السلام و يقول لک ان وديعتک عند الله عز و جل لن تضيع قال فمضي الاعرابي حتي انتهي الي الموضع فقال لغلمائنه احفظوا علي الابل ثم نادي يا يعقوب يا يعقوب فخرج اليه رجل أعمي طويل جميل يتقي الحايط بيده حتي أقبل فقال الرجل أنت يعقوب فقال نعم فابلغه ما قال يوسف فسقط مغشيا عليه ثم أفاق فقال يا أعرابي ألک حاجة الي الله تعالي عز و جل فقال نعم اني رجل کثير المال ولي بنت عم و ليس لي ولد منها فاحب ان تدعوا الله عز و جل يرزقني ولدا فتوضأ يعقوب و صلي رکعتين ثم دعي الله عز و جل فرزقه الله اربعة ابطن أو قال ستة ابطن في کل بطن ابنان و کان يعقوب يعلم ان يوسف حي لا يموت و ان الله تعالي ذکره سيظهره له بعد غيبته و الدليل عليه انه لما رجع اليه بنوه يبکون قال لهم يا بني ما لکم تبکون و تدعون بالويل و الثبور و مالي لا أري فيکم حبيبي يوسف قالوا يا.با نا انا ذهبنا نسبق و ترکنا يوسف عند متاعنا فأکله الذئب و ما أنت بمؤمن لنا و لو کنا صادقين و هذا قميصه قد تيناک به قال ألقوه الي فالقوه علي وجهه فخر مغشيا عليه فلما أفاق قال لهم يا بني ألستم تزعمون ان الذئب أکل حبيبي يوسف قالوا نعم قال مالي لا اشم ريح لحمه و مالي أراه صحيحا هبوا ان القميص انکشف من أسفله أرأيتم ما کان في منکبه و عنقه کيف خلص عنه الذئب من غير أن يخرقه ان هذا الذئب مکذوب عليه و ان ابني لمظلوم بل سولت لکم أنفسکم أمرا فصبر جميل و الله المستعان علي ما تصفون فتولي عنهم ليلتهم تلک لا يکلمهم و اقبل يرثي يوسف و يقول حبيبي يوسف الذي کنت اوثره علي جميع اولادي



[ صفحه 276]



فاختلس مني حبيبي يوسف الذي کنت ارجوه بين اولادي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي کنت اوسده بيميني و اوثق شمالي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي کنت اؤمن به وحشتي واصل به وحدتي فاختلس مني حبيبي يوسف ليت شعري في أي الجبال طرحوک أو في أي البحار اغرقوک حبيبي يوسف ليتني کنت معک فيصيبني الذي أصابک و قال الصادق عليه السلام يعقوب (ع) قال لملک الموت عن الارواح تقبضها مجتمعة او متفرقة فقال بل متفرقة فقال هل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الارواح قال لا فعند ذلک قال لبنيه يا بنياذهبوا فتحسسوا من يوسف و اخيه فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب الزمان حال يعقوب في معرفته بيوسف و غيبته و حال الجاهلين به و بغيبته و المعاندين في أمره حال اخوة يوسف الذين من جهلهم بأمر يوسف و غيبته قالوا لابيهم يعقوب تالله انک لفي ضلالک القديم.

الخامس غيبة موسي فقد روي عن النبي (ص) لما حضرت يوسف الوفاة جمع شيعته و أهل بيته فحمد الله و اثني عليه ثم حدثهم شدة تنالهم يقتل فيها الرجال و تشق فيها بطون الحبالي و تذبح الاطفال حتي يظهر الحق من ولد لاوي بن يعقوب و هو رجل اسمر طويل و نعته لهم بنعته فتمسکوا بذلک و وقعت الغيبة و الشدة علي بني اسرائيل و هم منتظرون قيام القائم اربعمأة سنة حتي اذا بشروا بولادته ورأوا علامات ظهوره و اشتدت البلوي عليهم و حمل بالحجارة و الخشب و طلب الفقيه الذي کانوا يستريحون الي احاديثه فاستسر فراسلوه و قالوا کنا مع الشدة نستريح الي حديثک فخرج بهم الي بعض الصحاري و جعل يحدثهم حديث القائم و نعته و قرب الامر و کانت له فترة فبينما هم کذلک اذ طلع عليهم موسي و کان في ذلک الوقت حدث السن



[ صفحه 277]



و خرج من عند فرعون يظهر النزهة فعدل عن موکبه و اقبل اليهم و تحته بغلة و عليه طيلسان خز فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت فقام اليه و أکب علي قدمه ثم قال الحمد لله الذي لم يمتني حتي رأيتک فلما رأي الشيعة ذلک علموا انه صاحبهم فاکبوا علي الارض شکرا لله عز و جل فلم يزدهم علي ان قال ارجو ان يعجل الله فرجکم ثم غاب بعد ذلک و خرج الي مدينة مدين فاقام عند شعيب ما أقام فکانت الغيبة الثانية أشد من الاولي و کانت نيفا و خمسين سنة اشتدت البلوي عليهم و استتر الفقيه فبعثوا اليه بانه لا صبر لنا علي استتارک عنا فخرج الي بعض الصحاري و استدعاهم و طيب نفوسهم و اعلمهم ان الله عز و جل أوحي اليه انه مفرج عنهم بعد اربعين سنة فقالوا بأجمعهم الحمد لله فاوحي الله عز و جل اليه قل لهم قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم الحمد لله فقالوا کل نعمة من الله فأوحي الله قد جعلتها عشرين سنة فقالوا لا يأتي بالخير الا الله الا الله فاوحي الله عز و جل اليه قل لهم لا يرجعوا فقد أذنت في فرجهم فبينما هم کذلک اذ طلع موسي راکبا حمارا فاراد الفقيه ان يعرف الشيعة ما يستبصرون به فيه و جاء موسي حتي وقف عليهم فسلم فقال الفقيه ما اسمک قال موسي فقال ابن من فقال ابن عمران قال ابن من قال ابن قاهب بن لاوي ابن يعقوب قال بماذا جئت قال بالرسالة من عند اللخ عز و جل فقام اليه فقبل يده ثم جلس بينهم و طيب نفوسهم ثم امرهم ثم فرقهم و کان بين ذلک الوقت و بين فرجهم لغرق فرعون لعنه الله اربعون سنة.

السادس غيبة اوصياء موسي أولهم يوشع بن نون فانه قام بالامر بعد موته صابرا من طواغيت زمانه علي الجهد و البلاء حتي مضي منه ثلاث طواغيت



[ صفحه 278]



فقوي بعدهم أمره فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسي بصفراء بنت شعيب مرأة موسي في مائة الف رجل فقاتلوا يوشع بن نون فغلبهم و قتل منهم مقتلة عظيمة و هزم الباقين باذن الله تعالي و اسر صفراء بنت شعيب ثم قال لها قد عفوت عنک في الدنيا الي أن تلقي نبي الله موسي فاشکو ما لقيت منک و من قومک فقالت صفراء و اويلاه و الله لو ابيحت لي الجنة لاستحييت ان أري فيها رسول الله (ص) و قد هتک حجابه علي و خرجت علي وصيه بعده.

و اعلم انه قد وقع مثل هذا في هذه الامة حذو النعل بالنعل فان وصي نبي هذه الامة انما استقل بالامر بعد مضي الثلاثة و لما استقل خرجت عليه اخت صفيراء و هي حميراء أخرجها المنافقان الي ان اسرها علي (ع) في حرب البصرة و لکن الفرق بين الامرأتين ان الاولي ندمت علي ما فعلته و الثانية لم تندم ثم ان الائمة قد استتروا بعد يوشع الي زمان داود اربع مأة سنة و کانوا أحد عشر فکان قوم کل واحد منهم يختلفون اليهم و يأخذون معالم دينهم حتي انتهي الامر الي آخرهم فغاب عنهم ثم ظهر و بشرهم بداودو اخبرهم ان داود هو الذي يأخذ الملک من جالوت و جنوده و يکون فرجهم في ظهوره و کانوا ينتظرونه فلما کان زمان داود کان له اربعة اخوة و کان لهم أب شيخ کبير و کان داود من بينهم خامل الذکر و هو اصغرهم فخرجوا الي قتال جالوت و خلفوا داود يرعي الغنم تحقيرا لشأنه فلما اشتدت الحرب و اصاب الناس جهد رجع أبوه و قال لداود (ع) احمل الي اخوتک طعاما فخرج داود و القوم متقاربون فمر داود علي حجر فناداه يا داود خذني و اقتل بي جالوت فاني خلقت لقتله فأخذه و وضعه في مخلاته التي کانت فيها حجارته التي يرعي بها غنمه فلما دخل العسکر رآهم يعظمون امر جالوت فقال تعظمون من أمره



[ صفحه 279]



فو الله لئن اتيته لاقتلنه فادخلوه علي طالوت فقال له يا بني ما عندک من القوة قال قد کان الاسد يعدو علي الشاة من غنمي فادرکه و افک لحييه عن الشاة و اخلصها من فيه و کان اوحي الله الي طالوت انه لا يقتل جالوت الا من لبس درعک فملأها فدعا بدرعه فلبسها داود فاستوي عليه فراع ذلک طالوت و من حضره من بني اسرائيل فلما اصبحوا و التقي الناس قال داود عليه السلام اروني جالوت فلما رآه اخذ الحجر فرماه فصک بين عينيه و قتله و قال الناس قتل داود عليه السلام جالوت فاجتمعت عليه بنو اسرائيل و أنزل الهل عليه الزبور و لين له الحديد و أمر الجبال و الطيران تسبح معه و أعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا و أقام في بني اسرائيل نبيا و هکذا يکون سبيل القائم (عج) فان له سيفا مغمدا اذا حان وقت خروجه اقتلع ذلک السيف من غمده و انطقه الله عز و جل فناداه السيف اخرج يا ولي الله فلا يحل لک ان تقعد عن اعداء الله فيخرج فيقتلهم ثم ان داود أراد ان يستخلف سليمان لان الله عز و جل اوحي اليه يأمره بذلک فلما أخبر بني اسرائيل ضجوا من ذلک و قالوا تستخلف علينا حدثنا و فينا من هو أکبر منه فدعا اسباط بني اسرائيل و قال لهم قد بلغتني مقالتکم فاروني عصيکم فأي عصا اثمرت فصاحبها ولي الامر من بعدي فقالوا رضينا قال ليکتب کل واحد منکم اسمه علي عصاه فکتبوا ثم جاء سليمان بعصاه فکتب عليها اسمه ثم ادخلت بيتا و اغلق الباب و حرسته رؤس اسباط بني اسرائيل فلما اصبح فتح الباب فاخرج عصيهم و قد اورقت عصا سليمان و اثمرت فسلموا ذلک لداود فقال ان هذا خليفتي من بعدي ثم اخفي سليمان بعد ذلک و تزوج بامرأة استتر في بيتها عن شيعته ما شاء الله ثم ان امرأته قالت له ذات يوم بأبي أنت و امي ما اکمل خصالک و اطيب



[ صفحه 280]



ريحک و لا اعلم لک خصلة اکرهها الا انک في مؤنة ابي فلو دخلت السوق فتعرضت لرزق الله رجوت ان لا يخيبک فقال لها سليمان اني و الله ما عملت عملا قط و لا احسنه فدخل السوق يومه ذلک فرجع و لم يصب شيئا فقال لها ما اصبت شيئا قالت لا عليک ان لم يکن اليوم کان غدا فلما کان من الغد خرج الي السوق فجال يومه فلم يقدر علي شي ء فرجع فاخبرها فقالت غدا يکون انشاء الله فلما کان اليوم الثالث مضي حتي انتهي الي ساحل البحر فاذا هو بصياد فقال له هل لک ان اعينک و تعطيني شيئا قال نعم فأعانه فلما فرغ أعطاه الصياد سمکتين فأخذهما و الحمد الله ثم انه شق بطن احداهما فاذا هو بخاتم في بطنها فأخذه و صيره في ثوبه و حمد الله عز و جل و اصلح السمکتين و جاء بهما الي منزله و فرحت امرأته بذلک فرحا شديدا و قالت له اني أريد ان تدعو والدي حتي يعلما انک قد کسبت فدعاهما فأکلا معه فلما فرغوا قال لهم هل تعرفوني قالوا لا و الله الا انا لم نر منک الا خيرا قال فأخرج خاتمه فلبسه و خر عليه الطير و الريح و غشيه الملک و حمل الجارية و والديها الي بلاد اصطخر و اجتمعت اليه الشيعة و استبشروا به ففرج الله عنهم مما کانوا فيه من حيرة غيبته فلما حضرته الوفاة اوحي الي آصف بن برخيا بأمر الله تعالي فلم يزل بينهم تختلف اليه الشيعة و يأخذون منه معالم دينهم ثم غيب الله تعالي آصف غيبة طال امدها ثم ظهر لهم فبقي بين قومه ما شاء الله ثم انه ودعهم فقالوا له أين الملتقي قال علي الصراط غاب عنهم ما شاء الله فاشتدت البلوي علي بني اسرائي لبغيبته و تسلط عليهم بخت نصر فجعل يقتل من يظفر به منهم و يطلب من يهرب و يسبي ذراريهم فاصطفي من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال و اصطفي من ولد هرون عزيرا و هم حينئذ



[ صفحه 281]



صبية صغار فمکثوا في يده و بنو اسرائيل في العذاب المهين و الحجة دانيال اسر في يد بخت نصر لعنه الله تسعين سنة فلما عرف فضله و سمعه ان بني اسرائيل ينتظرون خروجه و يرجون الفرج من ظهوره و علي يده امر ان يجعل في جب عظيم واسع و يجعل معه اسد ليأکله فلم يقربه و أمر ان لا يطعم و کان الله تبارک و تعالي يأتيه بطعامه و شرابه علي يدي نبي من أنبيائه فکان دانيال يصوم النهار و يفطر بالليل علي ما يدلي اليه من الطعام و اشتدت البلوي علي شيعته و قومه المنتظرين لظهوره و شک أکثرهم في الدين لطول الامد فلما تناهي البلاء بدانيال و قومه رأي بخت نصر لعنه الله في المنام کأن ملائکة السماء هبطت الي الارض أفواجا الي الجب الذي فيه دانيال مسلمين عليه يبشرونه بالفرج فلما أصبح ندم علي ما اتي الي دانيال فأمر بأن يخرج من الجب فلما خرج اعتذر اليه ما ارتکب منه ثم فوض اليه النظر في امور ممالکه و القضاء بين الناس فظهر من کان مستترا من بني اسرائيل و رفعوا رؤسهم و اجتمعوا الي دانيال موقتين بالفرج فلم يثبت الا القليل علي ذلک الحال حتي مات و افضي الامر بعده الي عزيز فکانوا يجتمعون اليه و يأنسون به و يأخذون منه معالم دينهم فغيب الله تعالي عنهم شخصه مأة عام ثم بعثه و غابت الحجج بعده اشتدت البلوي علي بني اسرائيل حتي ولد يحيي بن زکريا و ترعرع فظهر و له تسع سنين فقام في النسا خطيبا فحمد الله و اثني عليه و ذکرهم بأيام الله عز و جل و أخبرهم ان محن الصالحين انما کانت لذنوب بني اسرائيل و ان العاقبة للمتقين و وعدهم الفرج بقيام المسيح بعد نيف و عشرين سنة من هذا القول فلما ولد المسيح اخفي الله ولادته و غيب الله شخصه لان مريم لا حملته انتبذت به مکانا قصيا ثم ان زکريا و خالتها اقبلا يقصان امرها حتي هجما



[ صفحه 282]



عليها و قد وضعت ما في بطنها و هي تقول يا ليتني مت قبل هذا و کنت نسيا منسيا فأطلق الله تعالي ذکر لسانه بعذرها و اظهار حجتها فلما ظهر اشتدت البلوي و الطلب علي بني اسرائيل واکب الجبابرة و الطواغيت عليهم حتي کان من أمر المسيح ما قد أخبر الله تعالي به واستتر شمعون بن حمون و الشيعة ثم افضي بهم الاستتار الي جزيرة من جزاير البحر فأقاموا بها ففجر الله لهم فيها العيون العذبة و اخرج لهم من کل الثمرات و جعل لهم فيها الماشية و بعث اليهم سمکة تدعي القمل لا لحم لها و لا عظم و انما هي جلد ودم فخرجت من البحر فأوحي الله عز و جل الي النحل ان يرکبها فرکبها فأتت بالنحل الي تلک الجزيرة و نهض النحل و تعلق بالشجر فعرس و بني و کثر العسل و لم يکونوا يفقدون من أخبار المسيح شيئا فقد روي ان له غيبات يسيج فيها في الارض فلا يعرف قومه و شيعته خبره ثم ظهر فأوحي الي شمعون ابن حمون فلما مضي شمعون غاب الحجج بعده و اشتد الطلب و عظمت البلوي و درس الدين و اميتت الفروض و السنن و ذهب الناس بمينا و شمالا لا يعرفون أيا من أي فکانت الغيبة مأتين و خمسين سنة.

و عن الصادق (ع) کان بين عيسي و بين محمد صلي الله عليه و آله خمسمائة عام منها مأتان و خمسون عاما ليس فيها نبي و لا عالم ظاهر قيل فما کانوا قال کانوا متمسکين بدين عيسي و اما النبي فغيبته المشهورة کانت في الغار و کل المسلمين اطبقوا علي ان غيبته في الغار انما کانت تقية عن المشرکين و خوفا علي نفسه حتي انه لو لم يذهب الي الغار لقتلوه لانهم مهدوا له القتل و سول لهم الشيطان و علمهم لطايف الحيل في قتله و أخذ معه أبابکر خوفا منه أيضا لئلا يدل الناس عليه کما قالوه في کتبهم و استشهد العامة بهذا بأنه



[ صفحه 283]



فوق الصحابة و جوابه هو الذي أجاب به امام زماننا في سؤالات سعد بن عبدالله و ذکرناه بعيد هذا في الفرع التاسع من الغصن الخامس في عداد التوقيعات أقول الثامن ممن غاب سليمان بن داود و التاسع آصف بن برخيا غاب عن قومه مدة طال أمدها ثم رجع اليهم و العاشر دانيال و الحادي عشر عزيز و الثاني عشر مسيح و غيبة نبينا ثلاث سنين في شعب ابي طالب حين حاصر قريش بني هاشم و له غيبة اخري قبلها بمعني اختفائه بالدعوة خمس سنين و ذلک بعد البعثة حتي انزل الله عز و جل فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشرکين و له (ص) غيبة اخري في الغار.