بازگشت

الائمة الاثنا عشرهم بنو فاطمة لا غيرهم


في ان اثني عشر لا ينطبق في بني امية کما زعم و لا في بني العباس بل في بني فاطمة (ع)

اعلم انه اذا تأمل المنصف العرف ان الاحاديث الشريفة النبوية في خصوص الاثني عشر لا تنطبق الا علي مذهبي الامامية لقرائن کثيرة منها ان



[ صفحه 247]



خليفة النبي (ص) لابد و ان يکون عالما عاملا عاقلا و رعا تقيا حاويا للخصال الحميدة و منزها عن الصفات القبيحة تارکا لما يجب و ينبغي ترکه بصيرا حاذقا الي غير ذلک مما هو من لوازم خلافة مثله (ص) المبعوث لهداية الخلق و تهذيبهم و تکميلهم و تزکيتهم و تعليمهم الکتاب و الحکمة فمن خلفه و جلس مجلسه لابد و ان يکون له حظ وافر من ذلک حتي يصدق عليه الخلافة التي أخبر بها من جهة نبوته و رسالته لا من حيث سلطنته و ملکيته و غلبته علي البلاد و العباد مع ان في طرق بعض الاخبار المذکورة يعمل بالهدي و دين الحق و جعلهم بمنزلة نقباء بني اسرائيل و حواريي عيسي و قيام الدين و عزته بهم و عزة الدين بصلاح اهله لا بسعة الملک و کثرة المال و ان لم يکن لهم حظ من الدين الا الاقرار باللسان و هذا المعني في هذا العدد من هذه القبيلة لم يتفق بالاتفاق الا في الاثني عشر الذين اتخذهم الامامية فانهم عند جمع من أهل السنة علماء حکماء صلحاء عباد زاهدون جامعون لکل ما ينبغي أن يکون في الخليفة کما لا يخفي علي المتتبع في الاخبار.

و قال السيوطي في تاريخ الخلفاء قال القاضي عياض لعل المراد بالاثني عشر في الاحاديث و ما شابهها انها يکونون في مدة عزة الخلافة و قوة الاسلام و استقامة اموره و الاجتماع علي من يقوم بالخلافة و قد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس الي ان اضطرب أمر بني امية و وقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد فاتصلت بينهم الي أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم و أيده ابن حجر في شرح البخاري قال کلام القاضي عياض احسن ما قيل في الحديث و ارجحه لان في بعض طرق الحديث کلهم يجتمع عليه الناس و هو انقيادهم



[ صفحه 248]



لبيعته و الذي وقع ان الناس اجتمعوا علي أبي بکر ثم عمر ثم عثمان ثم علي (ع) الي ان وقع أمر الحکمين في صفين فتسمي معاوية يومئذ بالخلافة ثم اجتمع الناس علي معاوية عند صلح الحسن عليه السلام ثم اجتمعوا علي ولده يزيد و لم ينتظم للحسين عليه السلام امر بل قتل قبل ذلک ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف الي ان اجتمعوا علي عبدالملک بن مروان بعد قتل ابن الزبير ثم اجتمعوا علي أولاده الاربعة الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام و تخلل بين سليمان و يزيد عمر بن عبدالعزيز فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين و الثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبدالملک اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين ثم قاموا عليه فقتلوه و اتنشرت الفتن و تغيرت الاحوال من يومئذ و لم يتفق ان يجتمع الناس علي خليفة بعد ذلک لان يزيد ابن الوليد الذي قام علي ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم ابيه مروان بن محمد بن مروان و لما مات يزيد و لي أخوه ابراهيم فقتله مروان ثم ثار علي مروان بنوا العباس الي أن قتل ثم کان أول خلفاء بني العباس السفاح و لم تطل مدته مع کثرة من ثار عليه ثم ولي عليه أخوه المنصور فطالت مدته لکن خرج عليهم المغرب الاقصي باستيلاء المروانين علي الاندلس و استمرت في أيديهم متغلبين عليها الي أن نسموا بالخلافة بعد ذلک و انفرط الامر الي ان لم يبق من الخلافة الا الاسم في البلاد بعد ان کان في أيام بني عبدالملک بن مروان يخطب للخليفة في جميع الاقطار من الارض شرقا و غربا يمينا و شمالا مما غلب عليه المسلمون و لا يتولي أحد في بلند من البلاد کلها الامارة علي شي ء منها الا بأمر الخليفة و من انفراط الامر انه کان في المأة الخامسة بالاندلس وحدها ستة انفس کلهم يتسمي بالخلافة



[ صفحه 249]



و معهم صاحب مصر العبيدي و العباس ببغداد خارجا عمن کان يدعي الخلافة في أقطار الارض من العلوية و الخوارج انتهي و حاصل کلامه ان المراد بالخلفاء الاثني عشر الذين اخبر بهم النبي (ص) و انهم سبب عز الدين و کلهم يعملون بالهدي و دين الحق هم الخلفاء الاربعة و معاوية و ولده يزيد و عبدالملک بن مرون و وليد بن عبدالملک و أخوه سليمان و أخوه يزيد و أخوه هشام بن عبدالملک و عمر بن عبدالعزيز (ره) و الوليد بن يزيد بن عبدالملک الملقب بالزنديق و الفاسق و المستند ان الناس اجتمعوا عليهم دون غيرهم و اقتصروا من شروط الخلافة بما انفرد به بعضهم في بعض طرق الحديث و کلهم يجتمع عليه الناس فمع الاجتماع يصير مصدافا للحديث النبوي الشريف سوآء کان فيه العلم و الهداية و العدالة و العمل بالحق او کان فاقدا لجميعها و يرد علي هذا الکلام بوجوه:

الوجه الاول انه کما قد قيد الاخبار المطلقة بما في بعض الطرق من قوله و يعمل بالهدي و دين الحق فلابد من تقييدها أيضا بقوله (ص) في بعض طرقها و کلهم يعمل بالهدي و دين الحق و عليه فيخرج بعض هؤلاء مما لا خلاف في عام عمله بهما.

الوجه الثاني کيف اخرج الحسن بن علي (ع) من هذا العدد مع انه صرح به في الاول و عن سفينة عن رسول الله (ص) الخلافة ثلاثون عاما ثم يکون بعد ذلک الملک و عن رسول الله صلي الله عليه و آله اول دينکم بدأ نبوة و رحمة ثم يکون الخلافة و الرحمة ثم يکون ملکا و جبرية حديث حسن انتهي فالحسن خليفة بنص منه فان عدد الخلفاء الاربعة من الاثني عشر فلابد من عدة أيضا فيها و ما تشبث به من الاجتماع علي فرض التسليم لا يعارض



[ صفحه 250]



النص الصريح الصحيح مع انه لو بني علي اخراجه بعدم اجتماع أهل الشام عليه يلزم اخراج والده اميرالمؤمنين عليه السلام منها أيضا لعدم اجتماعهم عليه من أول خلافته الي آخره بل اخراجه (ع) منها اولي من اخراج المنصور منها لعدم اجتماع أهل اندلس عليه و هم في اقصي المغرب و نصاري هذه المملکة اضعاف المسلمين بخلاف الشام الواقع في بحبوحة بلاة المسلمين و من ذلک يعلم ان قوله و کلهم يجتمع الخ من زيادة الراوي لا تصلح لتقييد الاخبار المطلقة.

الوجه الثالث ان ظاهر نسبة الفعل الي أحد صدوره منه قاصدا اختيارا من غير جبر و لا اکراه فقوله يجتمع علي فرض التسليم أي باختيارهم و رضاهم و غير خفي ان اجتماع الناس علي ملوک بني ايمة کان للقهر و الغلبة و الخوف منهم و أخذهم البيعة علي الناس بسيفهم کما هو مشروح في السير و التواريخ و هل يمکن أن ينسب أحد الي أهل مکة و المدينة و فيهم وجوه الفقهاء و المحدثين و بقية الصحابة و المشايخ من اولاد المهاجرين و الانصار انهم باختياريهم اجتمعوا علي يزيد بن معاوية و اختاروه لخلافة الامة و هل هو الا لما رأوا من قهره و غلبته و تجريه علي سفک الدماء فحفظوا انفسهم و لم يلقوها الي التهلکة فبايعه من بايع و تخلف من تخلف.

الوجه الرابع کيف جوزوا الخلافة المنعوتة علي لسان النبي (ص) في جمع من بني امية و قد رووا فيهم من الذموم ما رووا ففي کشف الاستار عن الامام الثعلبي في قوله تعالي و ما جعلنا الرؤيا التي اريناک الا فتنة للناس قال رأي بني امية علي المنابر فساءه ذلک فقيل له انها الدنيا يعطونها فنزل عليه (ص) الا فتنة للناس قال بلاء الناس (و فيه) عن سهل بن سعد عن أبيه



[ صفحه 251]



قال رأي رسول الله بني امية ينزون علي منبره نزو القردة فساءه فما استجمع ضاحکا حتي مات فأنزل الله عز و جل في ذلک و ما جعلنا الرؤيا التي أريناک الا فتنة للناس و الشجرد الملعونة في القرآن (و فيه) عن عمر بن الخطاب في قوله تعالي الذين بدلوا نعمة الله کفرا و أحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها و بئس القرار قال هما الا فجران من قريش بنو المغيرة و بنو امية فاما بنو المغيرة فکفيتموهم يوم بدر و اما بنو امية فتمتعوا الي حين (و عن) الثعلبي في قوله تعالي فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض و تقطعوا أرحامکم نزلت في بني امية و بني هاشم انتهي اتري النبي (ص) يراهم کالقردة و يري ان الله تعالي کني عنهم بالشجرة الملعونة ثم يقول في سبعة منهم انهم خلفاء يهدون بالحق و يعملون به و يعز في عصرهم الدين حاشا افعاله و أقواله من التناقض (و فيه) عن ابن مسعود قال لنا رسول الله (ص) أحذرکم سبع فتن تکون بعدي فتنة تقبل من المدينة و فتنة تقبل من مکة و فتنة تقبل من اليمن و فتنة تقبل من الشام و فتنة تقبل من المشرق و فتنة تقبل من المغرب و فتنة من المغرب الي بطن الشام و هي السفياني قال ابن مسعود فمنکم من يدرک اولها و منکم من يدرک آخرها فکانت فتنة المدينة من قبل طلحة و الزبير و فتنة مکة من قبل عبدالله بن الزبير و فتنة الشام من قبل بني امية و فتنة بطن الشام من قبل هؤلاء.

الوجه الخامس ثم کيف جوزوا في خصوص بني مروان منهم ان يکون فيهم خلفاء هادون و قد لعنهم رسول الله (ص) و کان لا يولد لاحد مولود الا أتي به رسول الله (ص) فيدعوا له فادخل عليه مروان بن الحکم فقال هو الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون (و فيه) عن عمر بن يحيي قال اخبرني



[ صفحه 252]



جدي کنت جالسا مع ابي هريرة في مسجد رسول الله (ص) يوما بالمدينة و معنا مروان فقال أبو هريرة سمعت الصادق عليه السلام المصدق يقول هلاک امتي علي يدي غلمة من قريش قال مروان لعنه الله غلمة و عن زيد بن وهب انه کان عند معاوية و دخل عليه مروان في حوائجه فقال اقض حوائجي يا اميرالمؤمنين فاني اصبحت أبا عشرة و أخا عشرة و قضي حوائجه ثم خرج فلما أدبر قال معاوية لابن عباس و هو معه علي السرير انشدک الله يابن عباس اما تعلم ان رسول الله (ص) قال ذات يوم اذا بلغ بنوا الحکم ثلاثين اتخذوا مال الله عليهم دولا و عباد الله خولا و کتابه دخلا فاذا بلغوا تسع و تسعين و أربعمأة کان هلاکهم أسرع من أول فقال ابن عباس اللهم نعم ثم ان مروان ذکر حاجته لما حصل في بيته فوجه ابنه عبدالملک الي معاوية فکلمه فيها فقضاها فلما أدبر عبدالملک قال معاوية لابن عباس أنشدک الله يابن عباس اما تعلم ان رسول الله (ص) ذکر هذا فقال هذا أبو الجبابرة الاربعة فقال ابن عباس اللهم نعم فعند ذلک ادعي معاوية زيادا.

و في حديث أبي هريرة اذا بلغ بنوا العاص ثلاثين رجلا کان مال الله دولا و عباده خولا و نشاء للحکم بن العاص احد و عشرون ابنا و ولد لمروان الحکم تسعة بنين انتهي و مع ذلک کله کيف رضي هؤلاء الاعلام اني جعلوا الذين لعنهم رسول الله وعدهم من الجبابرة من خلفائه الاثني عشر الذين يعملون بالهدي و دين الحق و کان الاسلام في عهدهم عزيزا منيعا مع ما وقع في عهدهم من سفک الدماء المحرمد و هتک الفروج المحرمة حتي المحارم و حل الاموال المعتصمة ما لا يحصي و التجاهر بشرب الخمور و اللعب بالقمار و غيرها با لم يقع في عصر فکان الاسلام بهم ذليلا مهانا.



[ صفحه 253]



الوجه السادس ان هؤلاء الاجلة کيف استحسنوا ان يکون يزيد بن معاوية من الخلفاء الاثني عشر العاملين بالحق مع ما کان عليه من الفساد و ما صدر منه مما بکت و تبکي منه السبع الشداد من وقعة الطف و من وقعة الحرة و هتک بيت الحرام و قد الف فيها بالانفراد کتب و رسائل سوي ما في التواريخ و السير.

في کشف الاستار عن صالح بن احمد بن حنبل قال قلت لابي ان قوما ينسبوني الي تولي يزيد فقال يا بني هل يتولي يزيد أحد يؤمن بالله فقلت فلم لا تلعنه فقال و متي رأيتني العن شيئا و لم لا تلعن من لعنه الله في کتابه فقلت و أين لعن الله يزيد في کتابه فقرأ فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض و تقطعوا ارحامکم اولئک الذين لعنهم الله فأصمهم و اعمي أبصارهم فهل يکون فساد اعظم من القتل (و عن) ابن حنظلة غسيل الملائکة الذي بايعه أهل المدينة قال و الله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا ان نرمي بالحجارة من السماء ان رجلا ينکح الامهات و البنات و الاخوات و يشرب الخمر و يدع الصلاة و الله لو لم يکن معي أحد من الناس لا بليت الله فيه بلاء حسنا و عن الزهري انه قال کان القتلي يوم الحرة سبعمأة من وجوه الناس من قريش و الانصار و المهاجرين و وجوه الموالي و ممن لا يعرف من عبد و حر و امرأة عشرة آلاف (و عن) تاريخ عبدالملک العصامي ان رجلا من أهل الشام وقع علي امرأة في مسجد النبي (ص) و لم يجد خرقة ينظف بها و وجد ورقة من القرآن المجيد فنظف نفسه بها فسبحان من لم يهلکهم بصاعقة من السماء أو بحجارة من سجيل و انما يعل من يخاف الفوت (و فيه) عن باي عبيدة قال رسول الله (ص) لا يزال أمر امتي قائما بالقسط حتي يکون أل من



[ صفحه 254]



يثلمه رجل يقال له يزيد و کفاک الاستعجاب من هؤلاء الاعلام الذين عدوه من الخلفاء الاثني عشر العاملين بالحق مع هذه المفاسد العظيمة و الرزايا الجليلة التي اصيب بها الاسلام في زمانه و لم يصب بعشر معشاره بعده و بعد الخلفاء الذين عدوهم من الاثني عشر الذين قام بهم الدين و أخبر النبي (ص) بأن بعدهم هرج و اعجب من ذلک اخراجهم الحسن بن علي من العدد مع ما عرفت من نصه بخلافته بل انقضائها به و ان الذين يلون الامر بعده ملوک جبارون لا خلفاء هادون و ما کان عليه من الفضل و العلم و التقي و السخا و السيادد و الشرافة و النسب الذي لا يدانيه أحد و المناقب التي لا يحصيها عدد.

الوجه السابع انهم لم يذکروا المهدي في هذا العدد مع نص النبي (ص) عليه بالخلافة فان عد في قبال الاثني عشر يزيد في عدد الخلفاء و ظاهر تمام النصوص السابقة حصر العدد فيها و الا فيلزم دخوله فيبطل ما عينوه بالحدس و قال رسول الله (ص) يکون في آخر الزمان خليفة يقسم المال و لا يعده و عن رسول الله (ص) يخرج المهدي و علي رأسه غمامة فيها ملک ينادي هذا هو المهدي خليفة الله فاتبعوه الي غير ذلک و حيث انهم لم يشترطوا التوالي و جوزوا تخلل زمان بلا خليفة من الاثني عشر المنصوصة کما بين يزيد و عبدالملک ابن مروان بعد قتل ابن الزبير فاللازم عليهم أن يخرجوا يزيد بن معاوية منهم يتموا العدد بالمهدي صونا للاخبار النبوية عن الاختلاف و المعارضة.

الوجه الثامن عدهم عبدالملک بن مروان من الخلفاء الاثني عشر العاملين بالحق الين بعد انقضائهم يصير الهرج و في عصرهم يکون الدين قائما عزيزا و هذا موضع التعجب أليس في عهدهم هدم الحجاج و أصحابه الکعبة الشريفة



[ صفحه 255]



و رموه بالمنجنيق و فعلوا ما فعلوا في حرم الله تعالي من الهتک أليس في عهده استخفوا بأهل المدينة و ختموا في أعناق بقية الصحابة و أيديهم کجابر بن عبدالله و أنس بن مالک و سهل بن سعد الساعدي ليذلوهم بذلک و جعلوهم بمنزلة العبيد بل المواشي و الانعام و من عظم هذه المصيبة الفادحة قال السيوطي بعد نقلها انا لله و انا اليه راجعون أليس في عهده ولي الحجاج العراق و ما و الاها في عشرين سنة و فعل ما فعل من القتل و الحبس و النهب و الهدم و غيرها من الامور الفظيعة الشنيعة ما لا يدانيه أحد قبله و لا بعده قال عمر بن عبدالعزيز لو ان الامم تخابثت يوم القيامة فأخرجت کل امة خبيثها ثم اخرجنا الحجاج لغلبناهم روي لما ولي عمر بن عبدالزيز جعل لا يدع شيئا مما کان في يده و في يد أهل بيته من المظالم الا ردها مظلمة فبلغ ذلک عمر بن وليد بن عبدالملک فکتب اليه انک ازدريت علي من قبلک من الخلفاء و سرت بغير سيرتهم و خصصت أهل قرابتک بالظلم و الجور فکتب اليه عمر اما اول شانک يا ابن الوليد کما تزعم و امک بناند تطوف في سوق حمص و الله اعلم بها اشتراها ذيبان من فيي ء المسلمين ثم أهداها لابيک فحملت بک فبئس المحمول و بئس المولود ثم نشأت فکنت جبارا عنيدا تزعم اني من الظالمين و ان اظلم مني و اترک لعهد الله من استعملک صبيا سفيها علي جند المسلمين تحکم فيهم برأيک فويل لک و ويل لابيک ما أکثر خصماؤکما يوم القيامة و کيف ينجو أبوک من خصمائه و ان اظلم مني و اترک لعهد الله من استعمل الحجاج بن يوسف ليسفک الدم الحرام و يأخذ المال الحرام و ان اظلم مني و اترک لعهد الله من استعمل قرة بن شريک اعرابيا حافيا علي مصر اذن له في المعازف و اللهو و الشرب و ان اظلم مني و اترک لعهد الله من جعل للغالية البربريد سهما في



[ صفحه 256]



خمس العرب فرويدا لو تفرغت لک و لاهل بيتک لحملتهم علي المحجة البيضاء فطال ما ترکتم الحق و أخذتم في تيهات الطريق و ما وراء هذا ما ارجو ان أکون رائده ابيع رقبتک و اقسم الثمن بين اليتامي و المساکين و الا رامل فان لکل فيک حقا (و عن تفسير النيسابوري) في قوله تعالي و لا تنابزوا بالالقاب ان الحجاج قتل مأة الف و عشرين الف رجل صبرا و انه وجد في سجنه ثمانون الف رجل و ثلاثون امرأة منهم ثلاثة و ثلاثون الفا ا يجب عليهم قطع و لا صلب (و عن تاريخ الخميس) و توفي في حبوسه خمسون الف رجل و ثلاثون الف رجل و ثلاثون الف امرأة منهم ثلاثة و ثلاثون الفا ما يجب عليهم قطع و لا قتل بسببه في الحروب اضعاف ذلک و فضايح اعماله و شنايع أفعاله التي هلکت بها العباد و خربت بک البلاد مشروحة في السير.

و عن الفقهاء و المؤرخين انه کان ارتفاع العراق بعد التفح الي زمان الحجاج ثلاث مأة و ستين الف الف درهم و رجع ارتفاعها في زمان الحجاج الي ثمانية عشر الف الف درهم وليت شعري بأي خصلة استحق بها الخلافة المعهودة بصالحه و علمه و زهده في نفسه أو بنشره و ترويجه معالم الاسلام او بحفظه و حراسته نفوس المسلمين و قد بلغت قتلاه ما بلغت او بعمارته و احيائه الارضين فاذا کان تعيين الخلفاء المنصوصة بالميل و الجزاف لا بشواهد من الکتاب و السنة و سقط شرط التوالي فيما بينهم فکان ينبغي أن يخرجوا هؤلاء الملعونين علي لسان النبي (ص) و يجعلوا بدلهم من بني العباس خصوصا بعد ما رووا في حقهم ما يقتضي ذلک.

و عن تاريخ الخلفاء للسيوطي عن الطبراني عن رسول الله (ص) رأيت بني مروان يتعاورون علي منبري فساءني ذلک و رأيت بني العباس يتعاورون



[ صفحه 257]



علي منبري فرني ذلک فلا أقل من اخراج بني مروان منهم وعد بعض العباسيين الذين بالغوا في مدحهم و حسن سيرتهم و سياستهم مثل المهتدي بالله الذي هو في بني عباس کعمر بن عبدالعزيز في بني امية و احمد الناصر الذي قال الذهبي ولم يل الخلافة أحد اطول مدة منه فانه اقام فيها سبعة و اربعين سنة و لم يزل مدة حياته في عز و جلالة و قمع الاعداء و استظهار علي الملوک و لم يجد ضيما و لا خرج عليه خارجي الا قمعه و لا مخالف الا دفعه و کل من اضمر له سوء رماه الله بالخذلان و کان مع سعادة جده شديد الاهتمام بمصالح الملک لا يخفي عليه شي ء من احوال رعيته کبارهم و صغارهم.

الوجه التاسع انمقتضي کلام هؤلاء المشايخ العظام انقضاء مدة خلافة الخلفاء الاثني عشر المنصوصة بهلاک الثاني عشر منهم و هو الوليد بن يزيد ابن عبدالملک الذي قال السيوطي في تاريخه کان فاسقا شريبا للخمر متهتکا حرمات الله أراد ان يشرب فوق ظهر الکعبة فمقته الناس لفسقه و خرجوا عليه فقتل.

و نقل عن تاريخ الخميس انه ولد لاخي ام سلمة ولد سموه الوليد فقال (ص) سميتموه باسم فراعنتکم ليکونن في هذه الامة رجل يقال له الوليد لهو أشد لهذه الامة من فرعون لقومه.

و نقل في التاريخ المذکور عنه من کفرياته کثيرا من ذلک انه دخل يوما فوجد ابنته جالسة مع دادتها فبرک عليها و أزال بکارتها فقالت له الدادة هذا دين المجوس فأنشد:



من راقب الناس مات غما

و فاز باللذة الجسور



و أخذ يوما المصحف ففتحه فأول ما طلع و استفتحوا و خاب کل جبار



[ صفحه 258]



عنيد قال اتهددني ثم أغلق المصحف و لا زال يضربه بالنشاب حتي فرقه ثم أنشد:



اتوعد کل جبار عنيد

فها أنا ذاک جبار عنيد



اذا لاقيت ربک يوم حشر

فقل يا رب مزقني الوليد



و اذن للصبح مرة و عنده جارية يشرب الخمر معها فقام فوطأها و حلف لا يصلي بالناس غيرها فخرجت و هي جنب سکرانة فلبست ثيابه و تنکرت و صلت بالناس و نکح امهات اولاد أبيه انتهي الي غير ذلک من شنايع الاعمال المذکورة في التواريخ و مع ذلک کيف يکون من الخلفاء الذين کان الدين في زمنهم عزيزا منيفا و بمدتهم و هلاک آخرهم في سنة ست و عشرين و مأة صار الاسلام ذليلا و الدين مهينا و وقع الهرج و الفتن مع انه خلاف الحسن و الوجدان فان قوة الدين و عزه بعز حملته و نقلته و سدتنه و کثرتهم و عز من يرعاهم و يحرسهم و يعينهم و لا شک ان في دولة بني العباس الي ان يرجع الامر الي سلاطين آل عثمان حماة الدين و حفظة الاسلام ملأ الافاق من العلماء و الفقهاء و المحدثين و الادباء و القراء الجامعين للسنن و الحافظين للقرآن المؤلفين في العلوم الشرعية و المعالم الدينة بما لا يحضي عده و هم مع ذلک فارغوا البال من هموم تهيئة امور المعاش باهتمام ولاة الامور في اصلاح شؤونهم و يدخلنهم شيعتهم لاهتک بيت الله الحرام في عصرهم و لا صلت الجنب السکرانة بالناس في مسجد دار خلافتهم و لا مزق المصحف من نشاب خليفتهم فأي عز کان في عصر بني امية فقد بعدهم و أي ذل ورد علي الدين الحنيف بعدهم افظع و أشنع مما فعلوا و من جميع ذلک يظهر ان ما ورد في الاخبار النبوية الشريفة من ذکر الخلفاء الاثني عشر بمعزل عما ذکروا و رجحوا و صححوا.



[ صفحه 259]



الوجه العاشر ظاهر جملة من الاخبار و صريح بعضها ان بانقضاء الثاني عشر منهم ينقضي أمر الدين و تظهر علامات الساعة و تقوم اشراط القيامة و يصير الهرج و ينخرم نظام الامور فلا آمر و لا مأمور و لا امام و لا مأموم (عن أنس) قال قال رسول الله (ص) لا يزال هذا الدين قائما الي اثني عشر من قريش فاذا مضوا ساخت الارض بأهلها و في نسخة ماجت و نظيره اخبار اخر و من تأمل في هذه الاخبار و دوام قيام الدين و ظهوره و غلبته و سکون الارض و قرارهابوجود الخلفاء الاثني عشر و بانقضاء خاتمهم تقوم الساعة فيکون الثاني عشر هو المهدي بالاتفاق اذ هو الخليفة المنصوص الذي بانقضاء مدته تظهر اعلام القيامة بل ظهور وجوده المقدس عد منها فلو فرض خلو زمانه بعد النبي (ص) الي زمان ظهوره (عج) من خليفة منهم لزم عدم قيام الدين و ذلته اضطراب الارض و ظهور الفتن و الهرج قبل انقضاء الاثني عشر و هو خلاف صريح هذه الاخبار الصحيحة فيکون زمان وجودهم منطبقا علي زمان رحلته الي زمان ظهور اعلام الساعة.