بازگشت

البشارة 09


فيه البرهان الحادي عشر ما ورد في الفصل الثالث من الاية الرابعة من لوقا و في الفصل الخامس و الاربعين في الاية الثالثة من کتاب أشعيا ترجمته بالعربية صوت صارخ في البرية اعدوا طرق الرب و هيئوا سبله فان کل واد سيمتلي ء و کل جبل و اکمة سنتضع و تعتدل المعوجات و تلين الصعبات و يشاهد خلاص الله کل ذي جسد (اقول) هذا و من اوضح البراهين الواردة في شأن محمد (ص) و قد تغافل اليهود و النصاري عنه فأوله اليهود في شأن مسيحهم الموهوم و أوله النصاري في حق الههم المعلوم و الحق انه لا يدل علي ذلک اما انه لا يدل علي المسيح الموهوم فلأن سياقه في اشعيا سلوا شيعتي سلوهم قال الهکم سلوا اورشليم و قولوا لها ان تعبها قد تم و خطيئتها قد



[ صفحه 136]



غفرت لانه قد وقع عليها من يد الرب لخطيئتها ضعفان من العذاب و هذا صوت صارخ يقول في البرية يئسوا طريق الرب و وسئوا لاجل الهنا في البادية سبيلا مرتفعا فان کل واد سيرتفع و کل جبل و اکمة سنتضع و سيعتدل المعوج و ستلين الصعبات و سيظهر مجد الله و يشاهده کل ذي جسم لان فم الله نطق به فقال اصورت اخرج فقال بماذا اصرخ فان جميع الاجسام کلاء و کل مجد ما کم هر الحقل ما لکلاء يذبل و الزهر يسقط لان روح الرب ترف عليه و لا شک ان تملاء کلاء فيجف الکلاء و يسقط الزهرا و کلمة الله تمکث الي الابد فمن قوله سلوا الي من العذاب ظاهر الدلالة علي ان الواجب تعالي يقول لنبيه ان يسلي و يخبر امته بما هو مزمع الوقوع و باستقامتکم دعائم اورشليم في آخر الزمان و في قوله ضعفان من العذاب اشارة الي انها کانت قد اخطأت فانتقم الله منها بما احدث عليها من الذل بعد المسيح (ع) في أيام تسلط الروم و النصاري عليها الي زمان محمد (ص) و بعد محمد أيام تسلط العرب عليها و هي ايامنا هذه التي زمان ظهور القائم عليه السلام و بعد ذلک تستقيم دعائمها و تعمر رسومها و قد ذکر بعض المحققين ان المهدي عليه السلام سينطلب الي اورشليم و يصلي فيها و يجتمع هناک بالمسيح عند نزوله و من قوله هذا صوت صارخ الي قوله نطق به اشارة الي حيي بن زکريا عليه السلام لما کان يعظ بهذه الجملة علي شاطي ء شط الاردن و قوله و طئوا له في البادية سبيلا مرتفعا لا يدل علي غير السبيل المستقيم من مکة الي اورشليم البتة لان اورشليم ليست في البادية و قوله فان کل واد يريد به الجهال کاهل السواحل و الارتفاع عبارة عن الصعود علي ذروة طود الايمان و کل جبل و اکمة يشير به الي الجبابرة من الفرس و الروم و الاتضاع الانقياد الي أواخر الدين الحنيف



[ صفحه 137]



و يستعدل المعوج اشارة الي اليونانيين و حکماء الهند بقبول الشريعة الغراء لا نحرف طبائعهم عن الانعطاف الي اتباع النواميس الالهية و قوله تلين الصعاب کناية عن العرب لانهم هو أقوي الناس جنانا و أبعدهم ايمانا و الي ذلک أشار بقبوله و لو انزلناه علي بعض الاعجمين الخ و قوله سيشاهد مجد الله أي المهدي عليه السلام و السين لاستقبال البعيد و المعني انه اذا کملت جميع هذه الامور و بعث محمد صلي الله عليه و آله يظهر المهدي (ع) و قوله لان فم الرب قد نطق به اشارة الي وجوب وقوعه و من قوله فقال الصوت اصرخ الخ ضرب من شديد التأکيد لوجوب وقوعه بلا دلالة لشي ء منه علي مسيح اليهود الموهوم اللهم الا ان يريدوانا المسيح نفس المهدي عليه السلام فحينئذ يلزمهم الاعتراف بنبوة عيسي و محمد (ص) و اما انه لا يدل علي عيسي بن مريم (ع) فلأن سياقه في أشعيا قد مر بيانه و لا محتمل له غيره و لان لوقا لم يذکره مستدلا به عليه و لا قرينة هناک يؤل اليها الضمير بل انه جملة مستأنقة في أول الاصحاح و مضمون الاصحاح علي الاجمال ان لوقا اخبر انه في زمان کذا جاء يحيي بن زکريا الي البرية و يصرخ و يقول کذا و هذا لا يدل علي مسيح ابن مريم بوجه من الوجوه لکنه يدل علي بعثة محمد (ص) و قيام المهدي (ع) لان الجملة مستأنفة و القاعدة في المستأنفات ان تحمل علي ما يناسبها فيکون ما ذکره لوقا ضربا من التأکيد لکلام اشعيا لا غير فعليک ان تتأمل في هذا البرهان فانه في غاية اللطافة.