البشارة 02
لا يخفي انه يناسب بحسب الترتيب ذکر البشارة السادسة و العشرين قبل البشارة الثانية ما ذکره القاضي جواد الساباطي و کان نصرانيا فأسلم و هو من السنة و الجماعة و الف کتابا في رد القسيس البادري و اثبات حقيقة مذهب الاسلام سماه البراهين الساباطية و قد طبع ما يقر خمسين سنة قبل زمانا و هو عندنا موجود قال البرهان الاول من المقالة الثالثة من التبصرة الثالثة من البراهين الساباطية ما ورد في الفصل الثاني في الاية السابعة من الرؤيا التي ترجمتها بالعربية من کانت له اذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للکنايس اني سأطعم المظفر من شجرة الحياة التي هي في جنة الله و في الاية الحادية عشرة من کانت له اذن سامعة فليسمع ما تقول الروح للکنايس فان المظفر لا تضره الموتة الثانية و في الايد السابعة عشرة من کانت له اذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للکنايس اني سأطعم المظف من لمن المکنون و اعطيته حجرة بيضاء مکتوبا عليها اسم مرتجل لا يفهمه الا من يناله و في الاية السادسة و العشرين و ساعطي المظف الذي يحفظ جميع افعالي سلطانا علي الامم فيرعاهم بقضيب من حدود و يستحقهم کآنية الفخار کما اخذت من ابي و اعطيه أيضا نجمة الصبح فمن کانت له اذن سامعة فليسمع ما تقول الروح للکنايس و في الفصل الثالث في الاية الخامسة المظفر يلبس ثيابا بيضاء و لا امحو اسمه من سفر
[ صفحه 117]
الحياة و اعترف باسه امام ابي و امام ملائکته فمن کانت له اذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للکنايس و في الاية السادسد عشرة منه المظفر اجعله عمودا في الهيکل الالهي و لا يخرج خارجا و اکتب عليه اسم الهي و اسم مدينة الهي اورشليم الجديدة التي نزلت من الساء من عند الهي و اتب عليه اسمي الجديد فمن کانت له اذن سامعد فليسمع ما تقول الروح للکنايس و في الاية الحادية و العشرين منه المظفر اهب له الجلوس معي علي کرسيي کما ظفرت أنا أيضا و جلست مع ابي علي کرسيه فمن کانت له اذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للکنايس اقول هذه سبعة براهين متواترة مترادفة في الاصحاح الثاني و الثالث من رؤيا يوحنا بن زبدي تدل دلالة صريحة علي بعثة محمد صلي الله عليه و آله و علي نبوته العامة و قبته الجديدة و علو درجته تغافل النصاري عنها و أولوها تأويلات رکيکة لا تستقيم علي شي ء منها حجة و لا يثبت برهان و کان الاحري بها أن يکتب کل واحد منها عليحدة لکني اعرضت عن ذلک و کتبتها کلها في برهان واحد و جعلتها اول هذه المقالة و ترکت تفصيلها الي ان خروجي من الهند و بعد ذلک سأشرحها انشاء الله تعالي في المطول الذي اعدت به في صدر الکتاب و لا شرع الان في بيان معانيها و الاستدلال بمبانيها.
فاعلم ايدک الله بروحه القدسية و جعلک ممن يقتضي شريعة سيد البرية ان يوحنا (رض) کان في جزيرة اطموس و هي جزيرة واقعة في طول اربعة و اربعين درجة و خمسة عشر دقيقة من الطول الجديد و عرض سبعة و ثلاثين درجة و خمسة عشر دقيقة من الشمال في يوم الاحد فأتاه الوحي و حل عليه الروح القدس و سمع صوتا عظيما يقول له اني أنا الالف و الياء الاول و الاخر
[ صفحه 118]
فاکتب ما تراه و ارسله الي الکنايس السبع المشهورة اعني کنيسة افس و کنيسة سمرنا و بير غابوس و شاتيرا و سارديس و فيلا و لفية و لا ذقية ثم رأي في رؤيا سبع منائر من ذهب و في وسطها انسان يماثل عيسي عليه السلام و في يده سبعد کواکب و في فمه سيف فقال اني انا الذي کنت حيا و صرت ميتا و أنا الان حي الي الابد و عندي مفاتيح جهنم فاکتب الي الکنايس السبع ما رأيته و ما هو کائن و ما سيکون اعني سر الکواکب السبعة التي رأيت في يدي و المنائر السبع فان لانجوم ملائکة الکنايس و المنائر انفسها فاکتب الي ملک کنيسة افس هذا ما يقول ذو الکواکب السبعة المتمشي بين المنائر السبع اني قد عرفت جميع احوالک و امتحانک انبيائک الکذبة لکنک لست کما کنت فاذکر سقوطلک و تب و الا فسأجيي ء و أزيل منارتک من وسطلک من کانت له اذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للکنايس اني سأطعم المظفر من شجرة الحياة التي في جنة الله فاکتب الي ملک کنيسة سميرنا هذا ما يقول الاول و الاخر الذي مات وحيي اني قد عرفت عملک ومسألتک فلا تخف مما يحل عليک فان ابليس سيضهدکم عشرة أيام فاصبر و انا أعطيک اکليل الحياة من کانت له اذن سامعة فليستمع ما يقول الروح للکنايس فان المظفر لا تضره الموتة الثانيد و اکتب الي ملک کنيسة بئر غاموس هذا ما يقول ذو السيف الحاد اني عد علمت انک لم تنکرني مع انک مستقر في مقر الشيطان لکن بعض قومک متمسک ببدع بلعم باعور و بعضهم يبدع النيقولانيين فتب و الا حاربتک بسيف فمي من کانت له اذن فليستمع ما قتول الروح للکنايس اني سأطعم المظفر من المن المکتوم و أعطيه حصاة بيضاء مکتوب عليها اسم لا يعرفه الا ن يناله و اکتب الي ملک کنيسة تياتيرا هذا ما تقول ابن الله الذي عيناه کالنار
[ صفحه 119]
و رجلاه کالنحاس اني قد المطعت علي حسن ايمانک الا انک قبلت زابيل المتبنية ان تضل القوم و ترغبهم في الزنا و أکل ذبايح الاوثان فساقتلها و اولادها و ستعلم الکنايس اني أنا هو و سأحصي الکل و أجازيکم بحسب اعمالکم و من تمسک منکم بشريعتي فلا القي عليه ثقلا آخر بل سيکون کذلک الي آن اتياني و سأعطي المظفر الذي يحفظ أفعالي سلطانا علي الامم فيرعاهم بقضيب من حديد و يسحقهم کآنية الفخار کما اخذت أنا أيضا من ابي و أعطيه نجمة الصح فمن کانت له اذن ساعة فليستمع ما تقول الروح للکنايس و اکتب الي ملک کنيسة ساوديس هذا ما يقول ذو الارواح السبع الالهية و الکواکب السبعة التي قد عرفت اعمالکم و انک حي بالاسم الا انک ميت فتيقظ وقو اصحابک فان اعمالک لم تکمل امام الله فتذکر ما سمعت و تب والا فسأجيي ء اليک مجيي ء اللص و الذين لم يتدنسوا منکم يستحتون ان يلبسوا معي البياض فالمظفر يلبس ثيابا بيضاء و لا امحي اسمه ن سفر الحياة و اعترف باسمه امام ابي و امام ملائکته فمن کانت له اذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للکنايس و اکتب الي ملک کنيسة دلفيا هذا ما يقوله المقدس الحقيقي الذي عنده مفتاح داود فيفتح و لا احد يغلق و يغلق و لا احد يفتح قد عرفت اعمالک و فتحت لک بابا لا يستطيع أحد ان يغلقه لمحافظتک علي کلامي و سيذل لک الذين يقولون انا يهود و ليسوا بيهود و يعلمون اني احبک و سأحافظ عليک ساعة الامتحان کما حفظت علي کلامي فاني سريع الاتيان فتمسک بما عندي لئلا يؤخذ تاجک فاني سأجعل المظفر عمودا في هيکل الهي فلا يخرج منها الي خارج و اکتب عليه اسم الهي و اسم مدينة الهي اورشليم الجديدة التي نزلت من السماء من عندالهي و اکتب عليه اسمي الجديد فمن
[ صفحه 120]
کانت له اذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للکنايس و اکتب الي ملک کنيسة لاذقيد هذا ما يقوله اين الشاهد الامين الحقيقي رأس خليقة الله اني قد عرفت انک لا حار و لا بارد فياليتک کنت حارا او باردا وها أنا اتقياک لانک فاقر تدعي الغني و عدم الاحتياج و لم تعلم بفقرک و شقائک فاشتريني الذهب الابريز لتستغني و البس البياض لتستر و تکحل لتبصر فاني اؤدب من احبه فتب فاني واقف علي الباب فمن يفتح لي الباب ادخل اليه و السعي معه و سأجلس المظفر معي علي کرسيي کما ظفرت و جلست مع أبي علي کرسيه فمن کانت له اذن سامعد فليستمع ما تقول الروح للکنايس.
اقول هذا ملخص الفصول الثلاثة المشتملة علي الحجج السبعة و ان أردت الاطلاع علي جميع العبارد فارجع الي سفر الرويا اذا علمت ذلک فاعلم ان هذه الرؤيا هي علي ما يعتقد النصاري رؤيا رآها يوحنا عليه السلام تشتمل علي الاخبار اي حدثت في العالم من ارتفاع المسيح الي بعثة محمد (ص) و من وفاته الي ظهور المهدي عج و من وفاته الي قيام الساعة و لا شک في انها تدل علي جميع ذلک و انها کلام الله تعلاي لکني لست بمطمئن الخاطر من تحريفها و مع ذلک ان اماکن الاستدلال فيها قائمة علي دعائمها الاصلية فمن جملة ذلک هذه الآيات الشريفة و ههنا امر يقف عليه البحث و هو معرفد الکلمات التي هي محل النزاع فمن ذلک لفظة الاوور کمن يعني المظفر و هي في الاصل اليوناني تدل علي الغالب و الغازي و القاهر في الحرب و منها الموتة الثانية و هي عند النصاري عبارة عن موت الانسان في الذنب أي انهما که فيه لا غير و اما البعث فانهم يعترفون بقيام جمع الناس عد ظهور المسيح و بخلود أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار و لم يتعرضوا للبحث في هذا المقام
[ صفحه 121]
و عند اليهود عبارة عن الموتة التي لا تکون بعدها موتة و تقرير ذلک انهم يقولون ان مدة مکث هذه الخليقة علي حالتها لا يکون الا سبعة الاف سنة فمن آدم الي موسي الفين و ثلثمائه و ثمانية و ستين سنة و من موسي الي المسيح ثلاثة الاف و ستمائه و اثنتين و ثلاثين سنة و اذا ظهر المسيح تبعث جميع الموتي و تستقيم لهم السلطنة الف نسد و بعد ذلک يفني من علي وجه الارض و تزول هي و السماء و يصير العالم کأن لم يکن ثم يستأنف الصانع صنعته الاخري ترادف هذه الصنعة او تغايرها و فيه ما فيه من عدم فساد الانفس اذ الحکاء کلهم متفقون علي عدم فسادها لانها لو قبلت الفساد لکانت مرکبة من شي ء يکون فيها بمنزلد المادة يقبل الفساد شي ء بمنزلة الصورة يفسد بالفعل و ينبغي لقائل للفساد و ان يبقي مع الفساد و للفساد الفاسد بالفعل ان لا يبقي معه و الذي يفسد بالفعل غير الذي يقبل الفساد فتکون مرکبة و ليس الامر کذلک و لانها لو کانت قابلة للفساد لاشير اليها في النواميس لانها مما عليه التعويل و لم يذر ذلک في شي ء ن نواميسهم فليس بشي ء و قال بعضهم ان انفس الاتقياء تبقي الي الابد و أنفس الاشقياء تهلک و عند المسلمين اما أهل السنة و الجماعة فالظاهر انهم لا يعترفون بموتة ثانية و لم يذکروا الا الموتة الاولي و الحياة الثانية و بعدها يساق الذين آمنوا الي الجنة و الذين کفروا الي النار و قالوا ان الاستثناء في مثل لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولي منقطع (و اما الامامية) فيقولون انه اذا ظهر المهدي عليه السلام و نزل عيسي يرجع حينئذ محمد (ص) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (ع) و يرجع معهم الابرار و الفجار و تستقل لهم المملکة و استدلوا بآيات کثيرة منها قوله تعالي انا لننصرن رسلنا في الحياة الدنيا و يوم يقوم الاشهاد و قالوا ان علي بن ابراهيم و سهل
[ صفحه 122]
ان عبدالله قد رويا عن الصادق عليه السلام ان يوم يقوم الاشهاد يم رجعة محمد صلي الله عليه و آله و بقوله تعالي ربنا أمتنا اثنتين و احييتنا اثنتين و فيه بحث و منها بلعام بن باعور الفاثوري و فاثور بلد علي شاطي ء الفرات و قيل قبيلة من أعراب مدين و کان بالاق بن صفور ملک الموابين لما نزل بنوا اسرائيل علي شاطي ء الاردن و شاهد ما فعلوا في الامور خاف منهم و استدعي بلعم بن باعور ليدعوا عليهم بالهلاک فاستخار الله فمنعه عن ذلک فخالف حکم الله و سار اليه طمعا في اکرامه قتله موسي في حرب مدين و منها الحصاة البيضاء و هي حصاة يدفعها عيسي او الروج القدس (ع) الي المظفر و هو الي الذي يکون بعده و لا يفهم ما کتب عليها الا من يأخذها و لا يشابه ذلک في مذاهب أهل السنة و الجماعة و ذهب الامامية الي ان جبرائيل عليه السلام قد أعطي ذلک محمد صلي الله عليه و آله و هو دفعه الي علي عليه السلام و هلم جرا الي الحسن بن علي (ع) و هو دفعها الي المهدي عليه السلام و منها زابيل المتنبئة و هي زابيل بنت اشبال ملک الزبدانيين زوجة باشا ابن اهيجا ملک اسرائيل فانها لما تزوجت بياشا الجئته الي عبادة الاوثان و أفسدتهم حتي صار أکثر بني اسرائيل يعبدون التماثيل کما صرح به في الفصل السادس عشر في الاية الحادية و الثلاثين من سفر الملوک الاول و منها اورشليم الجديدة و هي عبارة عن مکة المعظمة علي بادي الرأي لقوله النازلة من السماء لان أهل الاسلام قد ذهبوا الي ان قوله ام القراي و من حولها يفيد العموم و قالوا ان الحجر الاسود کان قد نزل من السماء أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم و قد رواه الترمذي و صححه و ذهب الامامية الي مثل ذلک فيکون قوله اورشليم الجديدة النازلة من السماء کناية عن مکة و هذا من قبيل اقامة
[ صفحه 123]
الظرف مقام المظروف و هي في جزيرة العرب قريب من ساحل البحر الاحمر في محاري طول خمسة و أربعين درجة من الطول الجديد و عرض اثنتين و عشرين درجة من الشمال فالاول قوله فاکتب الي کنيسة افس الخ و هي بلدة في عرض ثمانية و ثلاثين درجة من الشمال و طول خمسة و أربعين درجة و خمسة عشر دقيقة من الطول الجديد هذا ما يقول المراد بالکواکب الملائکة الموکلة علي الکنايس من انه لکل کنيسة ملک و بالمنائر نفوس الکنائس اي هذا ما يقول مولانا و قوله امتحانک الانبياء الکذبة يشير به الي انه قد خرج في زمان الفترة بني کاذب غير بارلسوع بصيغة الجمع قوله لکنک لست کما کنت يدل علي عدم استقامة أهل افس في دينهم قوله و الا ازلت منارتک اما بتخريب البلد او بتفريق القوم قوله من کانت له اذن سامعة الخ يدل علي ان هذا هو محل يجب استماععه قوله ما تقول الروح للکنايس ذهب کافة النصاري الي ان الفاعل ههنا هو المسيح مع انه مظهر يأول الي الروح و طمسوا علي اعين القوم بأدلة فاسده و الحق ان الفاعل هو الروح قوله اني ساطعم المظفر من عود الحياة قال النصاري ان المراد بالمظفر الذي يظفر علي الشيطان من أهل کل کنيسة فيکون عاما و العهد الخارجي يمنعه فلا يقوم و الحق ان مراده محمد لان تقييد کلا المعينين يدل علي ان موضوع الثاني غير موضوع الاول و لم يأت بعد عيسي من يقوم بالامر فيکون المنصوص عليه محمد (ص) و لان قوله و امتحانک لکذبه الانبياء واضح الدلالة علي اتيان غير الکاذب و هذا يدل علي فضيلته و فيه انک قد کذبت الکاذبين فيلزمک تصديق الصادقين (و قوله) لکنک لست کما کنت أي لست مستعدا في تصديق الصادق کما کنت في تکذيب الکاذب فاحذر سقوطک يحذره بهفوة آدم عليه السلام أي
[ صفحه 124]
ادکر سقوط آدم و کيف حبط عمله لما عصي الله و أکل من شجرة العلم أو منصوب بنزع الخافض أي احذر من سقوطک و تب عما أنت مستهيي ء له من تکذيب الصادق و الا فسأجيي ء و ازيل منارتک ثم رجع بعد ذلک و قال من کانت له اذن سامعة الخ و هذا من بليغ التأکيد و قد تحقق ان هذه الکنايس السبع قد زالت بعد ظهوره و ناهيک به من تنبي ء الصادق و من بالحق ناطق و الثاني قوله و اکتب الي ملک کنيسة سيمرنا الخ و هي بلد في عرض ثمانية و ثلاثين و خمسة و ثلاثين و طول خمسة و أربعين من الطول الجديد قوله هذا ما يقول الاول و الاخر اي الذي مات و حيي احتج النصاري بذلک علي ربوبية المسيح و قالوا ان قوله الاول و الاخر يدل علي ربوبيته اذ هما من صفات الواجب تعالي مع ان في قوله مات و حيي اضافة الموت و الحياة الي نفسه ظاهرة و الحق انه يجيز النهوض لانه ان کان المراد بالاول القديم و بالاخر الحادث فلا يجتمعان لانهما متباينان لان القديم ان کان بالذات فهو ما لا يکون وجدانه من غيره کواجب الوجود تعالي اسمه و عيسي بن مريم قد تولد في أيام هيروديس من امه مريم فليس بقديم بالذات و ان کان بالزمان فالقديم بالزمان ما لا اول لزمانه کالافلاک العلوية و عيسي متأخر بالزمان فليس بقديم بالزمان و اما ان اريد به المقدم بالرتبة في انه (ع) اقرب لمبدئه من ملک کنيسة سيمرنا و أنا اثق به و عليه جميع أهل التحقيق لکن أرادوا بالاخر المتأخر بالرتبة فمن المحال ان يجتمع المتقدم بالرتبة و المتأخر فيها في شخص واحد و ان أرادوا بهما الاول و الاخر الذين هما من صفات الواجب تعالي فينقضهما قوله الذي مات وحيي لان الموت من امارات الحدث و من المعلوم ان الوجوب مباين للحدث و اما اضافة الموت و الحياة لنفسه فمحمول علي العرف العام اذ لم يرو احد
[ صفحه 125]
من أهل لعة قتل الله او موت الله فلانا بل المطرد عندهم مات وحيي فتمسکه بهذا الدليل ليس الا کتمسک الضرير الساقط في البئر بحد السيف الطرير (قوله) اني قد عرفت عملک الي قوله فاصبر و انا اعطيک اکليل الحياة اشارة الي وفور الشبهات التي عرضت عليهم في سني الفترة عبر فيها باليوم عن خمسين سنة لتصير المدة بالنظر الي حدوث الانسان (و قوله) ان يوما عند ربک کألف سنة الخ بالنظر الي قدم الواجب فالذي يصير فيها و لا ينحرف الي عبادة الاوثان اعطيه اکليل الحياة و بديهي ان غاية الصبر لا تکون الا بلوغ المأمول و هو اکليل الحياة الذي کني به عن محمد (ص) (قوله) اذن الخ حث علي الاصغاء لان الذي يأتي بعده هو غاية الکلام قوله المظفر لاتضره الموتة الثانية يريد به محمدا (ص) و الموتة الثانية مر ذکرها في مقدمة هذا البحث.
و الثالث قوله و اکتب الي ملک کنيسة بئر غاموس و هي بلد في عرض تسعة و ثلاثين درجة و عشرين دقيقة من الشمال و طول خمسة و اربعين درجة من الطول الجديد (قوله) هذا ما يقول ذو السيف الحاد اني قد عرفت الخ اشارة الي حسن اعتقادهم و عدم انحرافهم عن دينه في اوان الشبهات الا ان بعضهم کانوا يستعملون الرياضات و الطلاسم مثل بلعام بن باعور فمنع عن ذلک و بعضهم النيقوذ يمسيين و هي اضافة الي نيقوذ يمس و هو شماس دهري فمنعهم (ع) عن اتباع شبهاته و نيقوذ ذيمس هذا ليس بنيقوذ يمس الذي ذکر في الفصل الثالث في الاية الاولي من يوحنا فان ذلک من مقدسي النصاري رحمه الله ثم قال ان ترکت هذين الامرين و سلکت في سبيل الرشاد الذي امرتک بسلوکه و الا جئت و حاربتک بسيف فمي قال بعض النصاري
[ صفحه 126]
انه يريد بسيف فمه سيف الله ابيه فعلي هذا التقرير يکون المراد به عليا (ع) لانه هو سيف الله الذي قاتل مشترکي اليهود و النصاري ثم قال من کانت له اذن سامعة الخ حث علي الاصغاء لان هذا هو مقام البحث و النزاع لا تشتبهوا فيه لما مر فيما قبله قوله اني سأطعم المظفر من المن المکتوم يريد به محمد (ص) و المن المکتوم هو علم النبوة و المن هو ما کان ينزل من الطل علي الاشجار لبني اسرائيل في بريته فارو اعطيه حصاة بيضاء اختلف النصاري في تأويلها فأکثرهم لم يبحث في الرؤيا و الذي بحث في أولها قال هذه کناية عن ما يتفضل به عليهم من الثواب لان اللذة لا يعرفها الا من ينالها و ليس بشي ء اذ تشبيه اللذة لا يعرفها الا من ينالها و ليس بشي ء اذ تشبيه اللذة بالحصاة امر ما ابرده و الحق ما ذهب اليه الامامية في مقدمة هذا الحبث (و قال) بعض أهل التحقيق هذه حصاة نزل بها آدم عليه السلام و أعطاها عند وفاته شيثا و لم تزل تنتقل من يد الي يد حتي اتت الي عيسي عليه السلام و منه الي محمد (ص) و لا شک ان محمدا اما ان يکون دفعها الي علي (ص) أو سيدفعها الي المهدي عليه السلام لا سبيل الي الثاني لان علمائنا لم يعترفوا بالرجعة و انما هي من خصائص مذهب الامامية فيکون قد فوضها الي علي (ع) و هذا مما يؤيد مذهبهم و الرابع قوله و اکتب الي ملک کنيسة تاتير الخ و هي بلد في عرض ثمانية و ثلاثين درجة و خمسة و أربعين دقيقة من الشمال و طول خمسة و أربعين درجة و عشرين دقيقة من الطول الجديد (قوله) هذا ما يقول الذي عيناه اشارة الي شدة غضبه (و قوله) رجلاه کالنحاس اشارة الي استقامة رأيه و عزمه (قوله) قد اطلعت يريد به حسن ايمانه الذي ثبت عليه في زمان الفترة ثم جرحه بأنه قد اهمل يزابيل ان تنصرف في الکنيسة بفجورها و لم تکن في ذلک الزمان باغية تسمي يزابيل
[ صفحه 127]
لکنه کني بها عن يزابيل المذکورة في مقدمة هذا البحث لما اتبعوها في عبادة الاوثان و أنذرهم بأنهم ان لم يرتعوا عما هم عليه و الا سيجي ء اليهم و يهلکهم و يجزيهم بحسب أعمالهم في زمان الرجعة مع المهدي (ع) و الا فلا معني لاتيانه و مجازاتهم (قوله) من تمسک بشريعتي فلا الفي عليه ثقلا آخر من البحث فيه في البرهان الثالث عشر من المقالة الثانية من التبصرة الثالثة أراد بذلک انه لا يکلف باتباع شريعة اخري و فوات المشروط يمنع وقوع الشرط لکنه سيکلفه به بعد اتيانه (قوله) و سأعطي المظفر الذي يحفظ افعالي و في بعض التراجم کلامي و ايما کان المراد بحفظ أفعاله او کلامه هو مطلق اوامره فيرعاهم بقضيب من حديد و قد رعاهم بحد ذي الفقار وسحقهم سحق آنية الفخار (قوله) کما اخذت من ابي اي اعطيه فکما اعطاني ابي علي حسب مرتبة النبوة المهدي عليه السلام لانه ظهر في صبح اليوم الاول من الشهر الاول من السنة الاولي من العشر الاولي من المأة الاولي من الالف السابع (ثم قال) فمن کانت الخ يحث علي امتثال امره و اتباع حکمه اذا بعث و الاستضائة بضياء نجمة الصبح جعليني الله و اياک ممن يستضي ء و يهتدي بهداه.
و الخامس قوله فاکتب الي ملک کنيسة سارديس و هي بلدة في عرض سبعة و ثلاثين درجة و خمسة و خمسين دقيقة من الشمال و طول خمسة أربعين درجة و خمسين دقيقة من الطول الجديد (قوله) هذا ما يقول ذو الارواح السبع الالهية الخ الارواح السبع هي ارواح المنائر هذا کما قال في الاول ذو الکواکب السبعة المتمشي في وسط المنائر السبع قوله قد عرفت اعمالک الصالحة و انک لتمر حيا مع انک ميت اي ان عملک ليس بشي ء ثم اخذ يرغبهم
[ صفحه 128]
في التهيؤ لاتباع محمد (ص) و قال ان الذين لم يتدنسوا منهم بعصيان الاعراض عن اتباعه (ص) يلبسون معه البياض أي يدخلون معه تحت ظلال نجمة الصبح ثم قال فان المظفر يلبس ثيابا بيضاء أي يدخل تحت راية نجمة الصبح و هذا مصادق ما ذهب اليه الامامية من باب الرجعة فانهم قد اتفقوا علي ان محمدا و عليا و فاطمة و الحسنين (ع) يرجعون بالاجسام اذا ظهر المهدي عليه السلام (قوله) و لا امحي اسمه ترغيب آخر لهم في اتباع شريعته حيث قال انه يظهر فضيلتهم امام الله و امام ملائکته اي يعترف بأن هؤلاء الذين اتبعوني و امتثلوا امري ثم ازاد الترغيب بالتأکيد و التخصيص (و قال) فمن کانت له الخ يريد به ان هذا کلام روح الله و لا شک في وقوعه فاسمعو وعده فانکم مسئولون.
السادس قوله و اکتب الي ملک کنيسة دلفية و هي بلدة في عرض ثمانية و ثلاثين درجة و عشرين دقيقة من الشمال و طول ستة و اربعين درجة و عشرين دقيقة من الطول الجديد (قوله) هذا ما يقول الخ يريد بالمقدس الحقيقي درجة النبوة لان السلطان ملک غير حقيقي أي زايد المملکة و اما النبي فان ملکه حقيقي و هذا أيضا مما يشير الي عدم احتياج امة احد الانبياء الي نقيد الاخر و المراد بالمفتاح هو الاقتدار الحقيقي کأنما قال اني انتهز القاضي و المفتي فأفتي بالاطلاق و اطلق و امني بالحبس و احبس و لم نجمع هاتان الصفتان في شخص واحد و اطهر له انه عرفت کيفية اعماله و افتح له بابا لن يغلق و انه سيذل له المتهودون الکذابون أي الذين لم يتمکسوا بتوراة موسي و قد فعل ذلک و سلط عليهم اليونانيين و الروم فأخذوهم أخذ عزيز مقتدر و انه سيحافظ عليه ساعة الامتحان
[ صفحه 129]
أي ساعة خروج الدجال المسيح الکذاب لعنه الله ثم أخذ يحذره و حيث قال فتمسک بما عندک لئلا يؤخذ تاجک اشارة الي ما يجب علي النصراني المشرک اذا لم يعترف بنبوة رب الجنود من اداء الجزية ثم أکد ذلک و قال فاني سأجعل المظفر الخ العمود الدعامة و هيکل الهه هو هيکل الهنا اعني الکعبة شرفها الله تعالي و مدينة الهه اورشليم الجديدة هي مکة زادها الله شرفا و المراد بنزولها من السماء هو نزول الحجر الاسود کما مر في مقدمة هذا البحث ثم زاده تأکيدا و قال و کتب عليه اسمي الجديد يعني الفار قليطاثم زاد في التأکيد بالتخصيص حيث قال فمن کانت له اذن الخ حثا علي ترغيب القوم و تخويفهم بالوعد و الوعيد.
السابع قوله و اکتب الي ملک کنيسة لاذقية و هي بلدة في عرض ثلاثين درجة و ثلاثين دقيقة من الشمال و طول سبعة و اربعين درجة من الطول الجديد (قوله) هذه هو ما يقول الخ أي غاية قوله و امين عجمة عبرانية بمعني ليکن کذلک و تکلف المفسرين لها جهل بحث و نصيرها علما للمتکم اشارة الي نفوذ الکلام و وصفه نفسه بالشاهد الامين بيانا لانه لم يأت الا شاهدا لمحمد (ص) ثم وصف الشاهد بالامين اخراجا له من الخائن يريد به انه لم يکتم شهادته بل انه أداها علي سبيل اعلام و ضرب بها الامثال و الحقيقي الذي يباين المجازي يريد به انه ليس بشاهد مجازي يشهد امام القاضي الحقيقي علي الامر الحقيقي و اتصافه برأس خليفة الله اشار الي فضيلة الانبياء (و قوله) انه قد عرف انه فاتر و سيتقياه لفتوره اشارة الي عدم تعصب أهل کنيسته في مذهبهم و مداهنتهم مع اليونانيين و الملاحدة ثم وصفه بالفقر و أمره بشراء الذهب اشارة الي تبشيره بالشريعة الغراء و لباس البياض حث الي
[ صفحه 130]
الاعراض عن سبيل الضلال و التکحل أمر بامعان النظر في معاني کلامه ليحصل له الغني الحقيقي في الدين و يستر بالسهرور الذي لا زوال له و يشاهد حقايق الاشياء کما هي عليه في نفس الامر (و قوله) اؤدب من أحبه بيان لکمال اللطف علي أهل کنيسته ثم امره بالتوبة بعد ما هدده بالتأديب و أخبره بسرعة اتيانه و قرب زمانه ثم قال و سأجلس المظفر معي علي کرسيي تأکيد آخر برجعة محمد (ص) زمان ظهور المهدي عليه السلام و تأييد لما يزعمه الامامية من باب الرجعة فمن کانت له اذن سامعة فليستمع ما يقول الروح للکنايس و يرغب في أجل الثواب و يحذر من عاجل العقاب و يتهي ء بشريعة رب الجنود و يدلي بحاجته الي النجاح و ينتظم في حزب نجمة الصباح جعلي الله و اياک ممن يفوز بلقائه و يسلک في سلسلة اوليائه.