بازگشت

التوقيع و الناحية المقدسة


اصطلاح التوقيع کما تعلمون من جملة اصطلاحات هذا العالم، عالم الغيبة، المقصود بالتوقيع في هذا المقام يعني الکتاب الموقع يعبر عنه بأنه توقيع، من باب تسمية الکتاب بأهم ما فيه أو أبرز ما فيه أو ما يختم به وهو التوقيع تسمية الشيء بخاتمته، فيعبّر عنه بأنّه توقيع، والمقصود ليس خصوص الامضاء للامام سلام الله عليه، إنّما المقصود هو الکتاب.

الکتب الصادرة والرسائل الصادرة من الامام سلام الله عليه کان يعبر عنها بأنّها توقيعات الناحية المقدسة، والناحية المقدسة أيضاً فيه إشارة أو قولوا اصطلاح يراد به خصوص الحضرة المقدسة لصاحب الامر صلوات الله وسلامه عليه باعتبار ظروف التقية.

وهذا باب من الابواب الملفتة للنظر: أنّ الامام سلام الله عليه نادراً ما کان يسمّي باسمه، بل ورد النهي عن التسمية وأنّه إذا سمي عرف وإذا عرف مثلاً دلّ علي مکانه إلي آخره، ففي هذا المورد هنالک تکتّم باعتبار ظروف التقية، فلهذا الامام کان يعبّر عنه بالناحية المقدسة ويعبّر عنه بالسيد، قال لي السيد وکتبتُ للسيد، ويعبّر عنه بالعالم، ولفظة العالم



[ صفحه 31]



أطلقت علي بعض الائمة سلام الله عليهم السابقين أيضاً کموسي بن جعفر (عليه السلام)، ولکن أيضاً ورد إطلاقها علي الامام المهدي سلام الله عليه.

فالسيد، والعالم، والناحية المقدسة، والغريم أيضاً مما کان يعبّر عنه (عليه السلام).

وعبّر عنه (عليه السلام) بالصاحب وصاحب الدار وصاحب العصر وولي العصر وولي الامر.

فالناحية المقدسة المقصود بها الامام سلام الله عليه، والتوقيعات يعني الرسائل والکتب الصادرة من الامام (عليه السلام).

وهذه الکتب الصادرة کانت بخطّه (عليه السلام)، لم تکن بخط غيره، ولم تکن مطبوعة مثلاً حسب الفرض، وفي ذلک الزمن لم تکن هنالک أدوات طبع بالنحو الموجود اليوم، المهم أنه لم تکن بخط غيره، إنّما کانت بخط نفسه (عليه السلام) وموقعة بتوقيعه.

وهذا الموضوع في غاية الاهمية في العملية التوثيقية، لانّ هذا الخط خط مشهود لخواص الاعلام والعلماء الذين عاصروا الامام العسکري سلام الله عليه والذين تعرفوا علي الامام المهدي (عليه السلام)، لانه سيأتينا إن شاء الله أن الامام المنتظر عجل الله تعالي فرجه لم يکتم ولم يحجب عن تمام الناس، إنّما حرص الامام العسکري سلام الله عليه علي عرض ولده الامام المهدي (عليه السلام) علي أعداد کبيرة من الناس من جهة، وإعلام أعداد أخري وإن لم يروه، وهاتان نقطتان في غاية الاهمية.



[ صفحه 32]



عدم السرّية في مبدأ القيادة الاسلامية:

هاتان النقطتان ترتبطان بقضية عدم السرّية في مبدأ القيادة الاسلامية وفي الثقافة الاسلامية، أو في النظام السياسي الاسلامي، السريّة ربما تکون في العمل، أما السرية في القيادة لا وجود لها في الاسلام، ولهذا نجد أنّ الائمة صلوات الله عليهم يصرّون علي مختلف مراحلهم ورغم ظروف التقية التي کانوا يمرّون بها کانوا يحرصون سلام الله عليهم علي قضية أن ينص السابق علي اللاحق.

نعم ربما کان هذا النص في ضمن إطار تقية في ضمن الخواص، أما أن تکون سريّة بتمام المعني فهذا في واقع الامر ليس من شؤون الامامة، فالحجة بوجه عام نبوة أو إمامة، فاصرار الائمة سلام الله عليهم علي قضية أن يشخص السابق منهم اللاحق ولو في أحلک الفترات وأدقّ الظروف، هذا الواقع متفرع علي قضية علنية القيادة قدر الامکان، لما في سرية القيادة من مشکلات مبسوطة في محلّها له بحث علمي آخر في باب النظام السياسي الاسلامي، أو متبنّيات النظام السياسي الاسلامي.

لکن في حدود هذا المعني الامام العسکري سلام الله عليه رغم شدّة الظروف الخانقة الارهابية التي کان يمرّ بها، مع ذلک أوّل إجراء اتخذه (عليه السلام) رغم أنّ أمر الامام المهدي (عليه السلام) من حمله إلي ولادته إلي نشأته مبني علي التکتم کما تعلمون، حمله کتم بقضية کرامة کما کتم حمل أم موسي بموسي (عليه السلام) بالقصّة المعروفة، وهکذا ولادته (عليه السلام) أيضاً ما کانت بشکل علني، إنّما کانت بتمام الواقع والحيطة والحذر، کما نقرأ في قصة السيدة حکيمة رضوان الله عليها بنت الامام الجواد (عليهما السلام)التي حضرت ولادة الامام المهدي سلام الله عليه، والتي رواها بطريق معتبر شيخنا الصدوق أعلي الله مقامه الشريف في کتاب إکمال الدين وإتمام النعمة [1] ، حکيمة حضرت وکان الموضوع بتمام الکتمان.



[ صفحه 34]




پاورقي

[1] کمال الدين: 424 ح 1.