السؤال عن طريق اصابة الحق حال الغيبة و جوابه
فإن قيل: کيف الطريق إلي إصابة الحق مع غيبة الامام.
فإن قلتم: لا سبيل إليها.
جعلتم الخلق في حيرة و ضلالة و شک في جميع أمورهم.
و إن قلتم: يصاب الحق بأدلته.
قيل لکم: هذا تصريح بالاستغناء عن الامام بهذه الادلة.
قلنا: الحق علي ضربين عقلي و سمعي، فالعقلي يصاب بأدلته، و السمعي عليه أدلة منصوبة من أقوال النبي صلي الله عليه و آله، و نصوصه، و أقوال الائمة عليهم السلام من ولده، و قد بينوا ذلک و أوضحوه، و لم يترکوا منه شيئا لا دليل عليه.
أن هذا و إن کان علي ما قلناه، فالحاجة إلي الامام قد بينا ثبوتها لان جهة الحاجة إليه المستمرة في کل حال و زمان کونه لطفا علي ما تقدم القول فيه، و لا يقوم غيره مقامه، فالحاجة [1] المتعلقة بالسمع أيضا ظاهرة، لان النقل و إن کان واردا عن الرسول صلي الله عليه و آله، و عن آباء الامام عليهم السلام
[ صفحه 96]
بجميع ما يحتاج إليه في الشريعة، فجائز علي الناقلين العدول عنه، إما تعمدا و إما لشبهة، فينقطع [2] النقل، أو يبقي فيمن لا حجة في نقله.
و قد استوفينا هذا الطريقة في تلخيص الشافي [3] فلا نطول بذکرها الکتاب.
فإن قيل: لو فرضنا أن الناقلين کتم بعض منهم بعض الشريعة [4] و احتيج إلي بيان الامام و لم يعلم الحق إلا من جهته، و کان خوف القتل من أعدائه مستمرا کيف يکون الحال.
فإن قلتم: يظهر و إن خاف القتل، فيجب أن يکون خوف القتل مبيح له الاستتار و يلزم ظهوره.
و إن قلتم: لا يظهر و سقط التکليف في ذلک الشيء المکتوم عن الامة، خرجتم من الاجماع، لانه منعقد علي أن کل شيء شرعه النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أوضحه فهو لازم للامة إلي أن تقوم الساعة.
و إن قلتم: إن التکليف لا يسقط، صرحتم بتکليف ما لا يطاق، و إيجاب العمل بما لا طريق إليه.
قلنا: قد أجبنا عن هذا السوأل في التلخيص [5] مستوفي، و جملته أن الله تعالي لو علم أن النقل ببعض الشرع المفروض ينقطع في حال يکون تقية الامام فيها مستمرة، و خوفه من الاعداء باقيا، لاسقط ذلک عمن لا طريق له إليه، فإذا علمنا بالاجماع أن تکليف الشرع مستمر ثابت علي جميع الامة إلي قيام الساعة، علمنا عند ذلک أنه لو اتفق انقطاع النقل بشيء [6] من الشرع لما کان ذلک إلا في حال يتمکن فيها الامام عليه السلام من الظهور و البروز و الاعلام و الانذار.
[ صفحه 97]
و کان المرتضي رحمه الله يقول أخيرا: لا يمتنع أن يکون ها هنا أمور کثيرة واصلة إلينا هي مودعة عند الامام عليه السلام، و إن کان قد کتمها الناقلون و لم ينقلوها و لم يلزم مع ذلک سقوط التکليف عن الخلق، لانه إذا کان سبب الغيبة خوفه علي نفسه (من الذين أخافوه، فمن أحوجه إلي الاستتار اتي من قبل نفسه) [7] في فوت ما يفوته من الشرع، کما أنه أتي من قبل نفسه فيما يفوته من تأديب الامام و تصرفه من حيث أحوجه إلي الاستتار، و لو زال [8] خوفه لظهر، فيحصل له اللطف بتصرفه، و تبين له ما عنده مما انکتم عنه، فإذا لم يفعل و بقي مستترا [9] أتي من قبل نفسه في الامرين و هذا قوي تقتضيه الاصول.
پاورقي
[1] في نسخ أ، ف، م و البحار: و الحاجة.
[2] في البحار: فيقطع.
[3] تلخيص الشافي: 2 / 209 - 227.
[4] في البحار: کتموا بعض منهم الشريعة.
[5] تلخيص الشافي: 1 / 80 - 82.
[6] في نسخ أ، ف، م و البحار لشيء.
[7] ما بين القوسين ليس في نسخة ف .
[8] في البحار: و لو أزال.
[9] في نسخة ف مستمرا.