احاديث الانتظار عند الشيعه الاماميه
اما احاديث انتظار الامام المهدي(عج) عند الشيعه الاماميه فهي کثيره، متواتره، وردت طائفه منها بطرق صحيحه.
وقد جمع بعض العلماء هذه الاحاديث في منهج علمي قيم، منهم: الشيخ لطف اللّه الصافي الگلپايگاني في کتابه القيم (منتخب الاثر)، ومنهم الشيخ علي الکوراني في موسوعه الامام المهدي وغيرهما.
ولسنا الان بصدد استعراض هذه الروايات عن اي من الطريقين.
فليس موضوع دراستنا هذه دراسه الاحاديث الوارده في الامام المهدي(عج) ومناقشه هذه الروايات من حيث السند والدلاله، وانما نطلب في هذه الدراسه امرا آخر نساله تعالي ان يوفقنا له، ونترک مساله الاحاديث الوارده في الامام المهدي الي مجالها المخصص من کتب الحديث. والمساله التي نريد ان نتحدث عنها، هنا، ان شاء اللّه هي: ما هو الانتظار؟ وما قيمته الحضاريه؟ الانتظار مفهوم اسلامي وقيمه حضاريه وعلي هذا المفهوم يترتب سلوک حضاري معين، فقد يفهم الناس الانتظار بطريقه سلبيه يتحول فيها هذا المفهوم الي عامل للتخدير والاعاقه عن الحرکه.
وقد يفهم بطريقه ايجابيه تجعل منه عاملا من عوامل التحريک والبعث والاثاره في حياه الناس.
اذن لا بد لنا من ان نقدم تصورا دقيقا لمساله الانتظار، وهذه هي مهمتنا الاساسيه في هذه الدراسه.
الانتظار ثقافه ومفهوم حضاري يدخل في تکوين عقليتنا واسلوب تفکيرنا ومنهج حياتنا ورويتنا الي المستقبل، وبشکل فاعل وموثر، وله تاثير في رسم الخط السياسي الذي نرسمه لحاضرنا ومستقبلنا.
وللانتظار عمق حضاري في حياتنا يقرب من الف وتسعين سنه لان الغيبه الصغري انتهت سنه 329ه، وقد مر علي هذا التاريخ الف وتسعون سنه تقريبا..وخلال هذا التاريخ دخلت هذه المساله في صياغه عقليتنا السياسيه والحرکيه بشکل موثر. ولو قمنا نظريا بعمليه تجريد لتاريخنا السياسي والحرکي عن عامل (الانتظار) لکان لهذا التاريخ الطويل شان آخر.
والذي يقرا (دعاء الندبه) الذي يداب عليه المومنون ايام الجمعه يعرف عمق هذه المساله ونفوذها في نفوس المومنين وعقليتهم ومنهجهم في التفکير والحرکه.