بازگشت

الاستماته و حب الشهاده


(يدعون بالشهاده ويتمنون ان يقتلوا في سبيل اللّه). ان الموت الذي يرعب الشيوخ في التسعينات، وبعد المئه من اعمارهم، وقد فقدوا جميع لذات الحياه وشهواتها.. اقول ان الموت الذي يرعب الشيوخ يهيم به هولاء الشباب وهم في غضاضه العمر، وحب الشهاده ينبع من امرين وينتج امرين في حياه الناس.

اما الامران اللذان هما مصدر حب الشهاده في النفس فهما الاعراض عن الدنيا والاقبال علي اللّه، فاذا کافح الانسان حب الدنيا في قلبه وازال منه التعلق والاغترار بها فقد قطع الشوط الاول من الطريق وهو اشق الشوطين. والشوط الاخر هو ان يتعلق القلب بحب اللّه تعالي ويهيم بذکره وحبه، وينصرف صاحبه الي اللّه تعالي بکل قلبه ووجهه، وهولاء لا يهمهم من امر الدنيا شيء يعيشون مع الاخرين في الدنيا ويحضرون معهم الاسواق والاجتماعات غير انهم غائبون عنها بقلوبهم، ويصدق فيهم الحاضر الغائب. هولاء المستميتون الذين يحبون الموت الذي يخيف الناس ويدعون بالشهاده ويجدون فيها لقاء اللّه ويشتاقون اليها کما يشتاق الناس الي لذاتهم في الدنيا او اعظم من شوق الناس الي لذاتهم من الدنيا.

وقليل من الناس من يفهم هولاء، اما الناس في الغرب فلا سبيل لهم الي ان يفهموهم.. فهم يصفونهم حينا بالانتحاريين، والمنتحر هو الذي يمل الدنيا وينتهي فيها الي طريق مسدود، وهولاء الشباب يجدون ابواب الدنيا امامهم مفتوحه، تضحک لهم الدنيا وتظلل عليهم بکل بهجتها وزينتها واغرائها. فلم يملوا الدنيا ولم يصلوا فيها الي طريق مسدود، وانما اعرضوا عنها، لانهم اشتاقوا الي لقاء اللّه، ويصفونهم بالارهاب، وهولاء ليسوا بارهابيين ولو قالوا انهم لا يخافون الارهاب لکانوا اقرب الي الواقع. وهذان هما مصدر حب الشهاده والقتل في سبيل اللّه. اما الذي ينتج عن حب الشهاده فهو العزم والقوه، ان المستميت الذي تمکن من ان يحرر نفسه من الدنيا يجد في نفسه من العزم والقوه ما لا يجده سائر الناس. وهذان، اي العزم والقوه، لا علاقه لهما بما في ايدي الناس من الجبهه الاخري من اسباب القوه الماديه، من دون ان ننفي ضروره تلک الاسباب واهميتها في ظهور الامام وقرب الفرج.