بازگشت

جيل التحدي والتمرد


ومهمه هذا الجيل هي تحدي (النظام العالمي) والتمرد عليه، وما ادراک ما النظام العالمي وکيف صمم علي خدمه القوي الکبري ومن دار في فلکها والاحتفاظ بمراکز القوه والمواقع الاستراتيجيه لها في مختلف مناطق الارض. انها مسووليه شاقه وعسيره ودقيقه يتعهد بها هذا النظام علي مستوي العالم کله، وليس علي مستوي منطقه او اقليم من الارض فحسب.

ان هذا النظام يتکون من مجموعه من المعادلات والموازنات السياسيه والاقتصاديه والعسکريه والاعلاميه الدقيقه، ومن انظمه اعضاء الاسره الدوليه ومن مجموعه من الخطوط الحمراء والخضراء والصفراء فيما بين هذه الانظمه وهذه المجموعه من الاتفاقات والتنازلات وتنظيم الادوار واقتسام الموارد والاسواق ومصادر الثروه ومناطق النفوذ، اقول: ان هذه المجموعه المعقده تمکن القوي الکبري من السيطره علي الوضع العالمي، کما تمکن العتله الصغيره (العصا الضخمه من حديد تستخدم في اعمال الهدم والحمل)، اي الانسان، من حمل الاثقال الکبيره بحرکه خفيفه. ولذلک فان النظام العالمي قبل سقوط الاتحاد السوفيتي، وبعد ذلک، يبقي امرا يحترمه الجميع، لان هولاء يستفيدون منه کل بمقدار حجمه وقوته.. وهولاء الشباب من جيل الموطئين يخترقون ببساطه ومن دون تردد هذه الخطوط الحمراء، ويغيرون هذه المعادلات والموازنات التي يتفاهم عليها الجميع ويتلقونها بالقبول والاحترام، ويفسدون علي هذه الانظمه والموسسات الدوليه استقرارها وتوازنها وهيبتها الدوليه.

ولا سبيل لها علي هولاء الشباب، ولا تستطيع ان تتحملهم ولا تتمکن من ان تدفعهم. فان اکثر قوه هذه الانظمه وهيبتها الدوليه في مواجهه انظمه وموسسات من مثلها، واقوي ما تملک من السلاح هو القتل والسجن والتعذيب والمطارده.

وهولاء لا يخافون شيئا من ذلک ولا يرهبهم شيء من ذلک.

والوصف الموجود في الروايه دقيق. في وصف هذا الجيل: (لا تزلهم الرياح العواصف، لا يملون من الحرب ولا يجبنون وعلي اللّه يتوکلون والعاقبه للمتقين). ان الذي لا يجبن لا يمل الحرب ولا تزله الرياح العواصف بطبيعه الحال، وقوه هولاء وميزتهم انهم لا يجبنون، وهذه هي مشکلتهم في حساب الانظمه والقوي الکبري.

في موسم الانتخابات العامه للرئاسه الامريکيه، في عهد الرئيس الامريکي الاسبق، جري حوار تلفزيوني ضمن النشاط الاعلامي الذي يقوم به عاده المرشحون للرئاسه الامريکيه، بين الرئيس الامريکي الاسبق کارتر والمرشح الاخر المنافس له علي الرئاسه، فقال له هذا الاخير: ان امريکا خسرت الکثير من هيبتها الدوليه في حادث تفجير مقر القوات البحريه الامريکيه في بيروت(المارينز) وتتحمل انت مخاطبا الرئيس الامريکي مباشره مسووليه هذه الخساره بالکامل، فقال له الرئيس الامريکي بالحرف الواحد: وماذا تراني قادرا ان افعل في مواجهه انسان جاء هو ليطلب الموت!؟ ان اقصي ما نتمکن منه هو ان نرد الناس بالرعب والارهاب من امثال ذلک، فاذا کان الذي يقوم علي هذا التفجير هو من يطلب الموت ويلقي بنفسه علي الموت فماذا تراني قادرا ان افعل في ردعه؟ وماذا کنت تفعل انت لو کنت في مثل موقعي في هذا الظرف!؟.

هذه هي بعض ملامح جيل التحدي الذي برز في مواجهه الانظمه والقوي الکبري في العراق وايران وافغانستان ولبنان وفلسطين والجزائر ومصر والسودان، واخيرا في الشيشان والبوسنه والهرسک.

عجيب امر هذا الجيل، يسب جلاديه ويشتمهم، وهو في قبضتهم وتحت سلطانهم وسياطهم، يصبون عليه العذاب صبا فلا ينثني ابناوه، ولا يلينون ولا يئنون ولا يصرخون. وان احدهم ليقول لجلاديه، وهم يعذبونه بما لا يعلم الا اللّه من فنون التعذيب: سوف ابقي في نفسک حسره ان تسمع مني صرخه تالم او انين او توجع.