بازگشت

العلامة خيرالدين الالوسي


قال في غالية المواعظ: فمنها - اي علامات الساعة - خروج المهدي رضي الله تعالي عنه علي القول الاصح عند اکثر العلماء، ولا عبرة بمن انکر مجيئه من الفضلاء.. وفي مجيء المهدي احاديث عديدة.. .

وقال بعد ان استعرض قسما من احاديثه وهذا الذي ذکرناه في امر المهدي هو الصحيح من اقوال اهل السنة والجماعة (المصدر ج 2 ص 158 و 160)

الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الازهر قال في مقال نشرته مجلة التمدن الاسلامي بعنوان (نظرة في احاديث المهدي): ويلحق بالاحکام العملية في صحة الاحتجاج بخبر الاحاد اشياء يخبر بها الشارع ليعلمها الناس من غير ان يتوقف صحة ايمانهم علي معرفتها. ومن هذا القبيل حديث المهدي.. فاذا ورد حديث صحيح عن النبي - صلي الله عليه وسلم - الي ان يکثر رواة هذا الحديث حتي يبلغ حد التوتر.

ولم يرد في الجامع الصحيح للامام البخاري حديث في شأن المهدي، وانما ورد في صحيح مسلم حديث لم يصرح فيه باسمه، وحمله بعضهم علي ان المراد منه المهدي، او المشار فيها الي بعض صفاته. اما بقية کتب الحديث فرواها الامام احمد بن حنبل، وابو داود، والترمذي، وابن ماجة، والطبراني، وابو نعيم، وابن ابي شيبه وابو بعلي، والدار قطني، والبيهقي، ونعيم بن حماد، وغيرهم.. وجمعت هذه الاحاديث في رسائل مستقلة، مثل العرف الوردي في حقيقة المهدي ، للملا علي القاري، و التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح للشوکاني.

واول من اتجه الي نقد احاديث المهدي فيما عرفنا ابو زيد عبد الرحمن بن خلدون .. ثم اعترف ابن خلدون بان بعض الاحاديث خالص من النقد.. ونحن نقول متي ثبت حديث واحد من هذه الاحاديث وسلم من النقد کفي في العلم بما تضمنه من ظهور رجل في آخر الزمان يسوس الناس بالشرع ويحکم بالعدل .

... والصحابة الذين رويت من طرقهم احاديث المهدي نحو (27) صحابيا - رضي الله عنهم - والواقع ان احاديث المهدي بعد تنقيتها من الموضوع والضعيف القريب منه، فان الباقي منها لا يستطيع العالم الباحث علي بصيرة ان يصرف نظره عنه...، وقد صرح الشوکاني في رسالته المشار اليها آنفا بان هذه الاحاديث بلغت مبلغ لتواتر، قال المنجبر والاحاديث التي امکن الوقوف عليها، منها خمسون فيها الصحيح والحسن والضعيف، وهي متواترة بلا شک. بل يصدق وصف التواتر علي ما دونها علي جميع الاصطلاحات المحررة في الاصول .

يقول بعض المنکرين لاحاديث المهدي جملة: ان هذه الاحاديث من وضع الشيعة لا محالة. ويرد بأن هذه الاحاديث مروية بأسانيدها، وقد تقصينا رجال سندها فوجدناهم ممن عرفوا بالعدالة والضبط، ولم يتهمهم احد من رجال التعديل والجرح بتشيع، مع شهرة نقدهم للرجال... وقد اتخذ مسألة المهدي کثير من القائمين لانشاء دول وسيلة الي الوصول الي غاياتهم، فادعوا المهدوية ليتهافت الناس علي الالتفاف حولهم، فالدولة الفاطمية قامت علي هذه الدعوة، اذ زعم مؤسسها عبيد الله انه المهدي، ودولة الموحدين جرت علي هذه الدعوة، فان مؤسسها محمد بن تومرت اقام امره علي هذه الدعوة.

وظهر في ايام الدولة المرينية بفاس رجل يدي التوزدي واجتمع حوله رؤساء صنهاجه وقتل المصامته.

وقام رجل اسمه العباس سنة 690 هـ في نواحي الريف من المغرب وزعم انه المهدي، واتبعته جماعة، وآل امره الي انه قتل وانقطعت دعوته.

وبعد ثورة عرابي بمصر ظهر رجل في السودان يسمي محمد احمد، ادعي انه المهدي واتبعه قبيلة بقارة من جهينة علي انه المهدي سنة 1300 هـ وهو الذي خلفه بعد موته التعايشي احد زعماء البقارة.

.. واذا اساء الناس فهم حديث نبوي، او لم يحسنوا تطبيقه علي وجهه الصحيح حتي وقعت جراء ذلک مفاسد، فلا ينبغي ان يکون ذلک داعيا للشک في صحة الحديث او المبادرة الي إنکاره، فان النبوة حقيقة واقعة بلا شبهة، وقد ادعاها اناس کذبا وافتراء وأظلوا بدعواهم کثيرا من الناس، مثل ما يفعله طائفة القاديانية اليوم. والالوهية ثابتة بأوضح من الشمس في کبد السماء، وقد ادعاها قوم لزعمائهم علي معني انه - جل شأنه - يحل فيهم، مثلها يفعل طائفة البهائية في هذا العهد. فليس من الصواب انکار الحق من اجل ما ألصق به من باطل (المصدر ج 2 ص 210 - 214)