بازگشت

وصيتان إلهيتان


وفي هذا المجال يقول تبارک وتعالي: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُکُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَي أَهْلِهَا وإِذَا حَکَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ» وهاتان وصيتان إلهيتان عظيمتان للبشرية لهذا الإنسان الذي جعل الله تعالي لـه عينين ولساناً وشفتين وهداه النجديـن، وليـس هناک من هو أعلم منه سبحانه بهذا الإنسان وما يکتمه في قلبـه، وما يدور في ذهنه من أفکار، وما يهيج في نفسه من عواطف.

والوصيتان -کما هو واضح من صريح الآية الکريمة- هما:

1- أداء الأمانات إلي أهلها، أي إلي أصحابها، وهذا هو موضوع الأمانة.

2- ان الحکم بين الناس ينبغي أن يکون بالعدل، وهنا تأتي الإشارة إلي موضوع العدالة.

کيف نحقق مجتمع الأمانة والعدالة؟

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو: کيف السبيل إلي تجسيد هاتين الوصيتين الإلهيتين في حياتنا العملية، وبتعبير آخر: کيف نحقق ونبني مجتمع الأمانة والعدالة في هذه الأرض؟

الجواب: ليس بعيداً عنا، ويمکننا الوصول إليه عبر الآية التالية: «يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأمْرِ مِنْکُمْ». فلکي نحقق مجتمع العدل والکرامة لابد أن نخلق في أنفسنا فضيلة الطاعة لله جل وعلا، ولمن بعثه إلينا رسولاً، ومن ثم لمن استخلفه الرسول إماماً، أو لمن استخلفه الإمام ولياً للأمر، وهذا هو السبيل وإلا فبدونه لن يتحقق العدل، ولن يتم الوفاء بعهد الأمانة، ولعل المشکلة الکبري التي تعاني منها البشرية بالأمس واليوم ومن الممکن أن تبقي متورطة فيها مستقبلاً، هي ضلالها عن هذا السبيل، فالجميع يتشدقون بالعدالة ويتمنونها، ولو نظرنا إلي جميع القوانين لوجدناها تحکم باســم العدالة، ولعرفنا أن هذه العدالة ليست إلا ديباجة برّاقة لکل الدساتير الموجودة في مختلف أنحاء العالم، وکلها تدعي ارتکازها واستنادها إلي مبدأ العدالة. ولکن أين هي العدالة حقـاً؟

إن البشرية مادامت قد ضلت الطريق اليها فلا يمکن أن تصلها وتبلغها وإن کان طعمها مرّاً في بعض الأحيان عندما تصطدم بالأهواء وما تشتهيه الأنفس.