حقيقة العدالة
والعدالة في مجمل معناها وتعريفها تعني وصول کل ذي حق إلي حقه دون زيادة أو نقصان، وتترتّب علي ذلک المساواة في المجتمع؛ أي أن لا تعيش طائفة من الناس في قمة من الثراء والعزة، بينما يبقي الآخرون في قاع الذّل والفقر والحرمان. فليس من العدل أن تتکدس المقدرات في يد مجموعة صغيرة من الناس تمکّنهم من السيطرة علي حقوق الآخرين وأرزاقهم، بل وحتي علي کراماتهم وأعراضهم وحرماتهم؛ وليس من الإنصاف أيضاً أن تتخذ هذه الشرذمة لنفسها مقاعد في القصور الضخمة لتخطط بروح شيطانية للملايين من البشر ثم تنبري مدّعية ظلماً وعدواناً أن هؤلاء ليسوا ببشر، فتنظر إليهم علي أنهم مجرد بهائم خلقت لتکون وسائل لخدمتهم بما يعزّز قوتهم وکيانهم، ويزيدهم جبروتاً وطغياناً.
والله سبحانه وتعالي إنما خلق الإنسان ليرحمه لا ليعذبه، کما يشير إلي ذلک في قـولـه: «وَمَا کُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّي نَبْعَثَ رَسُولاً»، والرسول إنما هو رحمة للناس والعالمين، ولذلک فإن الإنسان خُلق للرحمة لا للعذاب، وفي ذلک يقول عز من قائل: «وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ، إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّکَ وَلِذَلِکَ خَلَقَهُمْ». فالله جل وعلا هو الرحمان الرحيم، وآثار رحمته شاخصة في کل أرجاء الکون.