الرحمة الإلهية تقتضي الظهور
ولأن الخالق عز وجل هو أرحم الراحمين، فلابد أن ينتهي الظلام، ولابد أن ينجلي الليل عن نهار مشرق، ولا مناص من أن ترسو سفينة البشرية علي شاطئ السلام والأمن والرحمة، لأنه تعالي إنما خلق الخلق ليشملهم برحمته ومن المستحيل لمن يعرف رب العباد، ويعرف أسماءه الحسني أن يعتقد أن هذه الدنيا وما فيها هي مراد الله، والهدف الذي خلق الکون من أجله. فحاشي لـه عز وجل أن يخلق البشر ليکونوا ألعوبة بيد الطغاة، ويرسفوا تحـت نير الظالميـن، وليکونـوا تحت سحابـة قاتمة من الفقر والمرض والحروب الطاحنة.
فلو فرضنا أن الله تعالي ترک هذه البشرية علي ما هي عليه، فما هي - إذن- حکمة بعثة الأنبياء عليهم السلام، وما هي حکمة الکتب والرسالات إذا کان عز وجل يريد للبشرية أن تنتهي إلي ما انتهت إليه الآن؟
وبناءً علي ذلک لابد أن تکون لرب العالمين حکمة، وهي أنه إنما أخر إذنه لوليه الأعظم وخاتم الأوصياء بالظهور لأن ظهوره هذا ستکون فيه غاية ونهاية وذروة التقدم البشري، ولذلک فقد أخر هذا الظهور.