بازگشت

الاجر و الثواب الإلهيان


فالله تبارک وتعالي يکتب لنا الأجر الجزيل لرسوخ عقيدتنا بالمهدي، ولدعائنا الکثير الدائم لـه بالظهور ووقوع الفرج بهذا الظهور المبارک، وقد جاء في الحديث الشريف: "أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج"، وجاء أيضاً: "أفضل العبادة انتظار الفرج"، فلولا انتظار الفرج ليأس المؤمنون من جهادهم وعملهم في سبيل الإسلام ورفعة کلمته، ولضاقت صدورهم حيـن وقوع البلايا والمصائب وتوالي المحن والآلام عليهم؛ بلي لولا انتظار الفرج لما وثبوا إلي ساحات العمل والجهاد والبذل والتضحية بالمال والأنفس في سبيل الله.

فلا يبررن أحد تقاعسه وتکاسله ويدّعي أن لا فائدة ولا جدوي من الجهاد والعمل، إن کان يؤمن ويعتقد بإمامه المهدي عليه السلام، وانتظار ظهوره، وحلول الفرج. فالمنتظر لظهور إمامه عليه السلام يعتبر کل جهد يبذلـه في سبيل الله تعالي ريحانة يغرسها علي طريق الظهور، يستقبل بها إمامه الظاهر لا محالة، والذي سيملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، وهذه حقيقة ثابتة.

ونحن لو نظرنا إلي کل المجاهدين والعاملين في طريق الإسلام وفي مجالات الخير والصالحات لوجدناهم جميعاً ممّن يحبّون الإمام، وينتظرون خروجه وفرجه، وهذا يعود إلي کون قلوبهم حيّة طريّة عامرة بالإيمان والأمل.

وهنا أعـود لأذکّر علي أن مـجرّد انتظار الفـرج من شأنه أن يخلق الحيوية والنشاط والأمل لدي المؤمن، فيحفزه علي العمل والنشاط الدؤوب والبذل وخوض غمار العمل والجهاد، فنراه ينفق ماله في الخيرات ومشاريع الخير والصلاح إن کان ذا مال، أو يجنّد نفسه وطاقاته إن کان صاحب جسم قوي ونشاط، أو يوظف فکره وقابلياته ومواهبه علي هذا الطريق إن کان ذا ثقافة وعلم وأدب وفن.

وهکذا فان انتظار الفرج هو الأمر الأول الذي نستفيد منه کفائدة معنوية من فوائد عصر الغيبة الکبري.

أما الأمر الأساسي الثاني فهو حبّنا للإمام عليه السلام وولاؤنا له. فالإنسان الذي يؤمن بفلسفة الغيبة ولديه اليقين بوجود الإمام وکونه ناظراً علي أعمالنا وسلوکنا وتعاملنا مع المجتمع والأمة في الحياة، فإنه يکون علي صلة قلبية وروحية مع الإمام؛ أي أنه يصبح ويمسي محباً، ذائباً في إمامه وقائده الذي غيّبته الدهور عنه، فحرمته حلاوة لقائه، والتمتع برؤيته.

ونحن کشيعة مؤمنين نعتبر الإمام المنتظر النموذج الأعلي لنا، ولما کان هذا الإمام مغيباً عنا کان علينا الرجوع إلي ممثّليه الشرعيين، ومن ينوب عنه في غيبته وهم العلماء والفقهاء والمراجع العظام، نتبعهم ونقلّدهم ونعمل بوصاياهم علي أساس من النيابة أو الوکالة. فالإمام مفروض الطاعة ولا جدال في طاعته واتباعه، أما الوکيل أو النائب عنه فانه واجب الطاعة أيضاً مادام مستقيماً علي خط الإمام ونهجه، وفي حالة انحرافه - لا قدّر الله - ولو بأدني مقدار فان علي الأمة أن تميل عنه إلي من هو أعدل منه، وأکثر استقامة وورعاً وتقوي.

وهکذا فان الإمام الحجة عليه السلام هو المقياس لدي الشيعة، وهذه العقيدة هي التي أعطت الفکر الشيعي، وأغنته بالحيوية والاستقامة والثبات، ولذلک لم نجد في تأريخ التشيع أن مرجعاً ما انحرف عن الطريقة بأن جبن، أو صار عميلا، أو خان دينه وأمته، ذلک لأن أبناء الأمة المؤمنة بمهديِّها تراقب بکل دقة مراجعها وسيرتهم وهم يؤدون ما عليهم من التکاليف الشرعية؛ فهم لا محالة سيسقطون من أعين الجماهير أن انحرفوا عن الطريقة أدني انحراف. فعلاقة الشيعة بمراجعهم لم تکن في يوم من الأيام علاقة شخصية عاطفية، بل هي علاقة قيم ومبادئ، وعلاقة نيابة عن إمامهم الغائب الذي هو قدوتهم الأولي والأخيرة، ومثالهم الحقيقي.