بازگشت

انتظار الفرج


والحديث عن هذا الانتظار طويل وذو شجون، ولکننا نستطيع أن نوضح مفهومه من خلال ضرب المثل التالي: أن الواحد منّا عندما ينتظر ضيفاً عزيزاً عليه يقدم إليه فان حالته ووضعه سيکونان غير الحالة والوضع الطبيعيتين، حيث سترتسم معالم اللهفة والشوق علي وجهه، فنجده يترقب قدوم الضيف عليه دقيقة بعد اخري، وعيناه مشدودتان إلي الطريق بعد أن يکون قد هيّأ في بيته کل ما تستلزمه الضيافة الکريمة من فراش جيد وطعام وشراب لذيذين، وما إلي ذلک... فکل هذه الأمور إلي جانب الأمور المعنوية التي يعيشها الإنسان تعکس معني الانتظار.

فإن کان هذا الاستعداد للصديق العادي الذي يأتيک زائراً، فکيف الحال بالنسبة لإمام معصوم يأتي لينقذ البشرية المعذبة، وينجّيها مـن آلامها ومعاناتها. وهمومهـا إلي الأبد، أفلا تنتظره القلوب والأرواح قبل الأبدان؟

أن ساعة الظهور هي أمر غيبي حُجب عنّا، وعن الإمام عليه السلام نفسه، فلا يعلمها إلا الله سبحانه. فنحن لا ندري هل ستحل هذه الساعة بعد شهر أو سنة أو ربما دهر، فذلک في علم الله وحده کما أکدت علي ذلک الکثير من الروايات، ولذلک فما علي المؤمن المنتظر إلا أن يدعو دائماً للتعجيل في ظهوره عجل الله فرجه. وهذه الدعوة يجب أن لا تکون مجرد ترديد لسان فحسب، بل دعاءً نابعاً من الصميم، ومن أعماق القلب الملهوف، التوّاق إلي ظهور الفرج ليعکس ويتجسد في سلوک الداعي وأعماله وجهاده الذي يبرهن من خلاله علي صدق دعوته، وشوقه إلي ظهور المهدي، والله سبحانه وتعالي يقول: « إدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَکُمْ» فلا يستخفّن مؤمن عامل بدعائه فيقول: وما قيمة دعائي؟ فللدعاء أهميته ودوره في تعجيل ظهوره عليه السلام، وحدوث الفرج.

فالخالق جل وعلا يدعو عباده إلي الدعاء، والإلحاح في الطلب، حيث يقول: «وَقَالَ رَبُّکُمُ إدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَکُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ»، وفي موضع آخر يقول عز من قائل:

« وَإِذَا سَاَلَکَ عِبَادِي عَنِّي فَاِنِّي قَرِيبٌ اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِيْ وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»

فالله تبارک وتعالي يستجيب لدعوة عبده المؤمن إذا اخلص العبادة والدعاء، فهو سبحانه يحب إلحاح الملحّين. فلا ينسي أحد منّا عندما يفرغ من کل صلاة يؤدّيها أن يدعو بتعجيل الفرج بظهور مهدي أهل البيت عليه السلام، وهذا ما يجب أن يتخذه کل مؤمن صادق الولاء لأهل بيت العصمة منهاجاً وسيرة، ألا وهو الدعاء بالفرج في عصر الانتظار فهو لا محالة يقرّب الفرج.