بازگشت

الانتظار مفهوم رسالي نهضوي


يتصور البعض أن مفهوم الانتظار مفهوم رجعي جامد يدعونا الي السکون والسکوت عن الظالمين والعياذ بالله، في حين أن العکس هو الصحيح. فلو نظرنا الي التاريخ لوجدنا أن الشيعة منذ البداية وحتي يومنا الحاضر، ويسبقون حتي ساعة الظهور المبارکة، أصحاب الثورات وأهل النهضات والمقاومة الرسالية للظلم والظالمين، وما ذلک إلا لعقيدتهم بالإمام الحجة عجل الله فرجه، والمفهوم الرسالي الإيجابي للانتظار لديهم.

فهذه العقيدة وهذا المفهوم هما اللذان يعطيان الأمل والحيوية للإنسان، لأن هناک قانون أو سنة الهية تتمثل في أن الذي يکون مظلوماً، أو الذي يکون مع الحق فإن الله ناصره. وهذه السنة تتحقق في أجلي صورها بالإمام الحجة عجل الله فرجه، لأنه عبد صالح وولي لله سبحانه، ومع الحق، ولأنه مظلوم ومضطر وصابر و.. وأي إنسان تتحقق فيه هذه السنة الإلهية، وهذه الصفات بنسبة معينة، فإن الله سبحانه ينصره بمقدار تلک النسبة.

والدليل علي ذلک أن النبي صلي الله عليه وآله هو أول من بشر المسلمين بظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه، حيث أن هناک أکثر من إحدي وخمسين رواية مذکورة عن النبي صلي الله عليه وآله في کتب علماء السنة فقط تتحدث عن الإمام المهدي عجل الله فرجه، ومن بين علماء السنة من کتب کتاباً خاصاً عنه عليه السلام في سنة 127 هـ أي قبل أن يولد، مثلما کتب علماء الشيعة عنه أيضا قبل ولادته. وبالإضافة الي الشيعة فإن أکثر علماء السنة الموجودين حالياً يذکرون في کتبهم بأن العقيدة بالإمام المهدي عجل الله فرجه جزء من العقائد الإسلامية الثابتة. وهکذا کان النبي صلي الله عليه وآله هو المبشر الأول بالحجة عجل الله فرجه.

إن الإيمان بالمهدي عجل الله فرجه کامل مکمل للمنظومة الإمامية، فکما أن الطائرة لا يمکنها التحليق في الجو اذا أصابها عطب أو خلل في أحد جناحيها أو أجهزتها العديدة التي تکون بمجموعها وحدة واحدة لا يمکن الاستغناء عن إحداها أو إلغائها، وکما أن الذي يؤمن بالزکاة والحج والخمس ولکنه لا يؤمن بالصلاة وينکرها يعتبر کافراً وليس مسلماً لأنه يفتقد جزءاً رئيسياً من منظومة الإيمان.. کذلک الذي لا يؤمن بالإمام الحجة عجل الله فرجه فهو لديه مشکلة رئيسية وخلل عميق في رکن أساس من الإيمان، ولذلک لا ينصره الله تعالي.

فالإيـمان بالحجة، والإيمان بأن الله سينصر المظلوم، والثائر القائم بالحق الذي يدعو الي الله سبحانه، هذا الإيمان هو الذي يبعث النهضة في صفوف المسلمين، حيث نري أن الشيعة الرساليين في جنوب لبنان قد طردوا الصهاينة ولا يزالون يجابهون العدو بروح التضحية والأمل بالنصر بفضل کلمة يا مهدي أدرکني. وهذا الإيمان بصاحب الزمان عجل الله فرجه هو الذي أعطاهم الحيوية والأمل بالنصر والسعي له!

والقرآن الکريم عندما يتکلم عن قضية الاستخلاف في الأرض لا يخصص ذلک بالإمام الحجة عجل الله فرجه بل يعممه، لأن سنة الله في الأرض تحققت مرة لبني إسرائيل حينما أنقذهم الله بموسي بن عمران عليه السلام، وتحققت للنبي صلي الله عليه وآله والمسلمين علي عهده الشريف، وستتحقق إنشاء الله في عهد الإمام المنتظر عجل الله فرجه. فالأرض لا تتحرر بکاملها إلا بعد قيام إمامنا عليه الصلاة والسلام.