بازگشت

العقيدة بالإمام الحجة


إن العقيـدة بالإمام المهدي عجل الله فرجه يجب أن تخـلق تطوراً في حياتنا، ولکن کيف نستفيد من هذه العقيدة لتحقيق ذلک؟

لقد جاءت سورة (النور) لتنظيم العلاقات في المجتمع، وبين الأسرة الواحدة بالذات، حيث يأتي الحديث في بدايتها عن المجتمع والعلاقات الاجتماعية والمعالجات والعقوبات للمفاسد التي تطرؤ علي هذه العلاقات.. «سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَآ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ» کذلک تأتي فيها آيات حول الاستخلاف في الأرض «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنکُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ» وفيها أيضا حديث عن بيت النبوة «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْکَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ»

فما هي العلاقة بين قضية النبوة والإمامة من جهة، وبين العلاقات الاجتماعية من جهة أخري؟

أن الإنسان عندما يريد أن يحسن أخلاقه وسلوکه وعلاقاته وطريقة معاملته مع الآخرين، فلابد أن يکون لديه برنامج ما ليسير عليه؛ أن تکون له أسوة وقدوة ونموذج يحتذي به ويتبعه. فإذا کنا نريد أن نقوّم ونطوّر مجتمعنا، فلابد أن تکون لدينا علاقة مع إمام، مع حجة. وبتعبير آخر، لا بد أن يکون أمامنا ضوءاً نتحرک علي أساس حرکته وکشفه للواقع. فأهم شيء في قضية علاقتنا بالإمام الحجة عجل الله فرجه هو أنه يجب أن نبرمج حياتنا بمختلف جوانبها وسلوکياتها علي أساس العقيدة به، وعلي أساس قبوله أو رفضه لما نقوم به في هذه الحياة.

فلو أنا ذهبنا علي سبيل المثال الي وليمة عند أحد الشخصيات المعروفة کأن يکون مرجعاً وعالماً کبيراً، أو شخصية جهادية بارزة، فمن الطبيعي أن الإنسان سينظر الي حرکات وسکنات تلک الشخصية، وکيف يتناول الطعام أو الشراب مثلا.. فهو ينظر اليه ويراقبه ليتعلم منه ويتخذ منه قدوة لـه. ونحن ما دمنا نعتقد بوجود الإمام المهدي عجل الله فرجه، فلماذا لا نفکر فيما يقبل به، وما الذي يرفضه منا؟ وهل نحن نقوم بالأعمال التي تلقي قبوله، أم تلک التي تؤذيه؟

أذن؛ لابد أن ننظم سلوکنا الاجتماعي مع الاخرين ومع أنفسنا والأقربين منا علي ضوء ما يريده الإمام منا من تنظيم لسلوکياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، وقد يقول البعض بأننا لا نعرف سلوک وأخلاق وأعمال الإمام المنتظر عجل الله فرجه، کيف يأکل ويشرب ويلبس ويتکلم..

يجب أن نعرف بأن الإمام الحجة عجل الله فرجه هو خلاصة الأئمة الطاهرين من قبله، فکلهم محمد صلي الله عليه وآله، وکما يقول الحديث الشريف: " أولنا محمد، أوسطنا محمد، آخرنا محمد"، فکل الأئمة عليهم السلام يمثلون اتجاها واحداً، وشخصية واحدة، وهدفا واحدا، وان اختلفت الظروف والخصوصيات لکل واحد منهم عليهم السلام. لذلک إذا ما أردنا الاستفادة من هذا السراج الوضاء، ومن هذا البرنامج السامي، فيجب أن نبرمج حياتنا علي أساس متين، وهو أن الإمام الحجة عجل الله فرجه قدوة وأسوة يجب أن نتبعها. ولذلک لابد أن نتساءل في هذا الجانب، هل أن الإمام يختار شخصاً ليکون من أعوانه وأنصاره، وهذا الشخص يقضي ليله بلعب القمار حتي الصباح مثلا، ولا يصلي صلاة الصبح، وذو أخلاق وعرة سيئة مع عائلته ومع الناس الآخرين؟

بالطبع لا؛ فانه يختار اناساً مؤمنين طيبين، رهبان الليل وفرسان في النهار، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، قائمون، صائمون، متضرعون، وفي قمة الأخلاق الکريمة. لذا يجب أن نهتم بأنفسنا ونزکيها بالأخلاق والأعمال الصالحة ونصلح من شأنها، لا أن يکون جلّ اهتمامنا هذه الحجب المادية التي سرعان ما تبلي وتنفي جانباً، أويکون اهتمامنا منصّباً علي ما يقول الناس فينا. فمثل هذه الاهتمامات تصبح عائقا أمامنا وسبباً لعدم تطورنا وتقدمنا وتزکية أعمالنا ونفوسنا.