بازگشت

البشرية بانتظار الأمل الواعد


«وَکَيْفَ تَکْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَي عَلَيْکُمْ ءَايَاتُ اللَّهِ وَفِيکُمْ رَسُولُـهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُون» (آل عمران/101-102)

مثَلُ الرسالة الإسلامية الخاتمة مَثلُ الثمرات التي أنعم الله بها علي الإنسان؛ هذه الثمرات التي إذا اجتمعت صنعت إنساناً متکامل الجسد، صحيح البنية، سوياً مقتدراً.. ولکنها لو اختلفت ولم يحسن الاستفادة منها، لم تعطِ النفع المرجوّ، لاسيما وأن البدن فقير الي جميع ما تحويه تلکم الثمرات، حيث تساهم في صناعة القوة والحيوية والفاعلية، وأن الحکمة الإلهية قد قدرت توزيع احتياجات الجسم الإنساني علي خواص الثمرات، حتي أن الإنسان إذا ما استفاد من ثمرة دون أخري لأحس بالنقص وبالفقر الي ميزات ما لم يتناوله.

أقـول: إن مثل الدين مثل الثمرات، نظراً الي أن الدين عبـارة عن وحدة متکاملة ينبغي الاستفادة منه بعمومه، دون تعمد أخذ نبذة منه وإلقاء الباقي، وإن المجتمع البشري لو انصاع إلي جميع بنود منهجه وتعليماته ووصاياه لسعد کل السعادة.

أما إذا استفاد من جزئه، فإنه سيستفيد – في واقع الأمر- من جزئه الذي به عمل.

فصحيح أن المجتمع الذي يترک بعض الوصايا ويعمل بالبعض الآخر لن تتحقق له السعادة المطلقة، ولکنه في الوقت ذاته سوف لن يشقي الشقاء المطلق.

فلو فرضنا أن مجتمعاً ما قد التزم بفريضة الإحسان إلي الوالدين ولم يلتزم بالوصايا الدينية الأخري، فإنه سيستفيد بمقدار ما التزم. ولو أن أمة عملت بالمبادئ الإسلامية في مجال الاقتصاد، کتحريم الربا والغش والسرقة والکسل، فإنها ستکون أمة سعيدة من الناحية الاقتصادية، أوَلا تري الشعوب الغربية کيف حققت لنفسها نمواً اقتصادياً مذهلاً حينما عملت بوصايا الإسلام في هذا المجال، رغم أنها قد لا تعلم بالجهة المشرّعة التي تلتزم بتعاليمها، ورغم أنها لا تؤدي التعاليم الإسلامية الأخري، کالصلاة والصيام والأمر بالمعروف والنهي عن المنکر...

إن الحديث هذا ليس إلاّ تمهيداً لما أريد قوله في مناسبة ولادة الإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف.

فالإيمان بوجود هذا الإمام العظيم والاهتمام الجدي بعقيدة انتظار ظهوره، يعتبران من أهم وصايا الأنبياء لأممهم علي مرّ التأريخ، حيث لم يبعث الله نبياً إلاّ وبيّن لـه ان خاتمة هذه الدنيا ستکون الي خير وسعادة وأن العاقبة للمتقين، وأن الأرض سيورثها الله عباده الصالحين، حيث سيمکّن الله المستضعفين في نهاية المطاف.

ولقد آمن جميع الأنبياء والمرسلين والأئمة والصالحين بحقيقة ظهور الإمام الحجة المنتظر عليه السلام في آخر الزمان، وبحقيقة ان الله سيملأ به الأرض عدلاً وسعادة بعد أن ملأها الظالمون وأتباعهم جوراً وبؤساً. کما ان الأنبياء وعلي رأسهم سيدنا وحبيبنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم قد بشروا بذلک الظهور الموعود طيلة حياتهم، کما کان الأئمة من أهل البيت عليهم السلام يبشرون به أيضاً.

ولو أننا افترضنا التزام البشرية بهذه العقيدة -عقيدة انتظار ظهور الإمام المهدي عليه السلام- بغضّ النظر عن إيمانها أو التزامها بسائر العقائد والوصايا الإلهية الأخري، فإن لنا الجزم بأن هـذه الأمـة ستحقق الفائدة الکبري من اهتمامها بهذه الوصية المقدسة.