بازگشت

منعطفات خطيرة


وقد جعلت المنعطفات الخطيرة، البشرية في أوضاع مظلمة ورهيبة، فمن خلال قراءة سريعـة لتأريخها المليء بالمآسي والعذاب والويلات، نلمح أکثر من طاغية وأکثر من مستبد وجلاد دموي. وهذه الويلات لم تقتصر علي نيرون واحد، ولا هولاکو، أو هتلر أو موسوليني واحد، بل إن تأريخ البشرية شهد حروباً، وصراعات جمّة کانت في حد ذاتها تجسّد المأسات والآلام والدمار التي نزلت علي البشرية طيلة تأريخها الطويل، فيما کانت أعداد الضحايا في تصاعد وارتفاع حتي بلغت عشرات الملايين بسبب ما ارتکبه أولئک الطغاة من جرائم فظيعة وممارسات رهيبة.

وأما الوجود الحضاري فقد بات طيلة العصور طعمة الدمار الذي کان يصبّه طغاة التاريخ، وفي هذا المجال يحدثنا بعض مؤرخي التاريخ اليوناني القديم أنّ الإمبراطور الطاغية (نيرون) کان هو وزوجته يجلسان علي شرفة قصرهما، ويتفرّجان علي مدينة روما کيف تحترق وتلتهمها النيران، فيما کانا يضحکان ويقهقهان بصوت عال، ساخرين ومستهزئين بالأرواح التي کانت تُزهق في تلک اللحظات الرهيبة.

إن التاريخ يحدثنا في صفحاته السوداء الملطخة بالدماء عن مدن وحضارات کانت عامرة زاهرة في الليل، فما أصبح عليها الصبح حتي تحولت إلي رکام وأنقاض يتصاعد منهما الدخان وألسنة اللهب؛ ومثال ذلک ما نتج عن الحرب العالمية الثانية حين قدرت الإحصاءات ضحايا هذه الحرب القذرة المدمّرة بستين مليون إنسان، ناهيک عن الأعداد الهائلة من المشردين والمعوّقين والخسائر والأضرار المادية التي لا يمکن لأحد أن يعدّها، وإن عدّت فهي تبلغ آلاف المليارات من الدولارات!