بازگشت

تيه المسلمين في غيبة المهدي کتيه بني إسرائيل


147 - روي مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبداللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: خطب الناس أميرالمؤمنين عليه السلام بالکوفة، فحمد اللَّه وأثني عليه ثمّ قال: أنا سيد الشيب وفيّ سُنّة من أيّوب، وسيجمع اللَّه لي أهلي کما جمع ليعقوب شمله، وذلک إذا استدار الفلک وقُلتم ضلّ أو هلک، ألا فاستشعروا قبلها بالصبر، وبُوؤا إلي اللَّه بالذنب، فقد نبذتم قدسکم، وأطفأتم مصابيحکم، وقلّدتم هدايتکم مَن لا يملک لنفسه ولا لکم سمعاً ولا بصراً، ضعف واللَّهِ الطالب والمطلوب.

هذا، ولم تتواکلوا أمرکم، ولم تتخاذلوا عن نُصرة الحق بينکم، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجّع عليکم من ليس مثلکم، ولم يقوَ مَن قوي عليکم، وعلي هضم الطاعة وازوائها عن أهلها فيکم.

تهتم کما تاهت بنو اسرائيل علي عهد موسي، وبحقٍّ أقول لَيُضَعَّفنَّ عليکم التيه من بعدي باضطهادکم ولدي ضعف ما تاهت بنو اسرائيل، فلو قد استکملتم نهلاً، وامتلأتم عللاً عن سلطان الشجرة الملعونة في القرآن، لقد اجتمعتم علي ناعق ضلال ولأجَبتم الباطل رکضاً ثمّ لغادرتم داعي الحق، وقطعتم الأدني من أهل بدر، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب، ألا ولو ذاب ما في أيديهم، لقد دني التمحيص للجزاء، وکشف الغطاء، وانقضت المدّة، وأزف الوعد، وبدا لکم النجم من قبل المشرق، وأشرق لکم قمرکم کمل ء شهره وکليلة تمَّ، فإذا استبان ذلک، فراجعوا التوبة وخالعوا الحوبة واعلموا أنّکم إن أطعتم طالع المشرق، سلک بکم منهاج رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فتداويتم من الصمم، واستشفيتم من البکم، وکفيتم مؤنة التعسُّف والطلب، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق، فلا يبعد اللَّه إلّا من أبي الرحمة وفارق العصمة، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون. [1] .

148 - وبالإسناد عن عليّ بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام أنّه قال: کأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعي فلا يجدونه، قلت له: ولم ذلک يا ابن رسول اللَّه؟ قال: لأنّ إمامهم يغيب عنهم، فقلت: ولِمَ؟ قال: لئلّا يکون في عُنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف. [2] .

149 - النعمانيّ بإسناده عن عبداللَّه الشاعر، يعني ابن أبي عقب، قال: سمعتُ عليّاً عليه السلام يقول: کأنّي بکم تجولون جَوَلان الإبل تبتغون مرعي ولا تجدونها معشر الشيعة. [3] .

150 - ابن ادريس: بإسناده عن يزيد الضخم، قال: سمعت أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه يقول: کأنّي بکم تجولون جَوَلان النعم تطلبون المرعي فلا تجدونه. [4] .

151 - ابن الوليد بإسناده عن ابن نباتة، عن أميرالمؤمنين عليه السلام، أ نّه ذکر القائم عليه السلام فقال: أما ليغيبنّ حتّي يقول الجاهل: ماللَّه في آل محمّد حاجة. [5] .

152 - الشيبانيّ بإسناده عن عبدالعظيم الحسنيّ، عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: للقائم منّا غيبة امدها طويل، کأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعي فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم علي دينه لم يقسُ قلبه لطول أمد غيبة إمامه، فهو معي في درجتي يوم القيامة. ثمّ قال عليه السلام: إنّ القائم منّا إذا قام لم يکن لأحد في عنقه بيعة، فلذلک تخفي ولادته ويغيب شخصه. [6] .

153 - وبالاسناد عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليه السلام أ نّه قال للحسين عليه السلام: التاسع من ولدک يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين الباسط للعدل، قال الحسين عليه السلام: فقلت: يا أميرالمؤمنين وإنّ ذلک لکائن؟ فقال عليه السلام: اي والّذي بعث محمّداً بالنبوّة، واصطفاه علي جميع البَريّة، ولکن بعد غيبة وحيرة لا تثبت فيها علي دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الّذين أخذ اللَّه ميثاقهم بولايتنا، وکتب في قلوبهم الأيمان، وأيّدهم بروح منه. [7] .

154 - وعن عباية الأسديّ، قال: سمعت أميرالمؤمنين عليه السلام يقول: کيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هُدي ولا علم يري، يبرأ بعضکم من بعض. [8] .

155 - أحمد بن محمّد الکوفيّ بإسناده عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: خطب أميرالمؤمنين عليه السلام، فحمد اللَّه واثني عليه، وصلّي علي انبيّ وآله ثمّ قال: أمّا بعد فإنّ اللَّه تبارک وتعالي لم يقصم جباري دهرٍ إلّا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر کسر عظم من الأمم إلّا بعد أزل وبلاء. أيّها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر، وما کلّ ذي قلب بلبيب، ولا کلّ ذي سمع بسميع، ولا کلّ ذي ناظر عين ببصير. عباد اللَّه أحسنوا فيما يعنيکم النظر فيه، ثمّ انظروا إلي عرصات من قد أقاده اللَّه بعلمه، کانوا علي سُنّة من آل فرعون، أهل جناتِ وعيون، وزروع ومقام کريم، ثمّ انظروا بما ختم اللَّه لهم بعد النضرة والسرور، والأمر والنهي، ولمن صبر منکم العاقبة في الجنان واللَّه مخلّدون، وللَّه عاقبة الامور.

فياعجباً وما لي لا أعجب من خطاء هذه الفرق علي اختلاف حججها في دينها، لا يقتفون أثرَ نبي، ولا يعتدّون بعمل وصيّ، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنکر عندهم ما أنکروا، وکلّ امري ءٍ منهم إمام نفسه، آخذ منها فيما يري، بعُري وثيقات وأسباب محکمات، فلا يزالون بجور، ولن يزدادوا إلّا خطأ، لا ينالون تقرّباً، ولن يزدادوا إلّا بُعداً من اللَّه عزّوجلّ، أنس بعضهم ببعض، وتصديق بعضهم لبعض، کلّ ذلک وحشة ممّا ورّث النبيّ صلي الله عليه وآله، ونفوراً مما أدّي إليهم من أخبار فاطر السموات والأرض.

أهل حَسَرات، وکهوف شُبهات، وأهل عشوات، وضلالة وريبة، مَن وکلّه اللَّه إلي نفسه ورأيه، فهو مأمون عند من يجهله، غير المتهم عند من لا يعرفه، فما اشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رُعاؤها.

ووا أسفاً من فعلات شيعتنا من بعد قرب مودّتها اليوم، کيف يستذلُّ بعدي بعضها بعضاً، وکيف يقتل بعضها بعضاً؟ المتشتتة غداً عن الاصل، النازلة بالفرع، المؤمّلة الفتح من غير جهته، کلّ حزب منهم آخذ منه بغصن، أينما مال الغصن مال معه، مع أنّ اللَّه وله الحمد سيجمع هؤلاء، لشرّ يوم لبني أميّة، کما يجمع قزع الخريف، يؤلّف اللَّه بينهم، ثمّ يجعلهم رُکاماً کرُکام السحاب، ثمّ يفتح لهم أبواباً، يسيلون من مستثارهم کسيل الجنّتين سيل العرم حيث نقَبَ عليه فارة فلم تثبت عليه أکمة، ولم يردّ سننه رصّ طود، يذعذهم في بطون أودية، ثمّ يسلکهم ينابيع في الأرض، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمکّن بهم قوماً في ديار قوم تشريداً لبني أمّية، ولکي لا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع اللَّه بهم رکناً، وينقض بهم طيّ الجنادل من ارم، ويملأ منهم بطنان الزيتون.

فوالّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليکوننّ ذلک، وکأنّي أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم، وأيم اللَّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العُلوّ والتمکين في البلاد کما تذوب الألية علي النار، من مات منهم مات ضالّاً، وإلي اللَّه عزّوجلّ يفضي منهم من درج، ويتوب اللَّه عزّوجلّ علي من تاب، ولعلّ اللَّه يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء، وليس لأحدٍ علي اللَّه عزّ ذکره الخيرة، بل للَّه الخيرة والأمر جميعاً.

أيّها الناس، أنّ المنتحلين للإمامة من غير أهلها کثير، ولو لم تتخاذلوا عن مرِّ الحقّ، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجّع عليکم من ليس مثلکم، ولم يقوَ مَن قوي عليکم، وعلي هضم الطاعة وإزوائها عن اهلها، لکن تهتم کما تاهت بنو إسرائيل علي عهد موسي عليه السلام.

ولعمري ليضاعفنّ عليکم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو اسرائيل، ولعمري أن لو قد استکملتم من بعدي مدّة سلطان بني أميّة، لقد اجتمعتم علي سلطان الداعي إلي الضلالة، وأحييتم الباطل، وأخلفتم الحق وراء ظهورکم، وقطعتم الأدني من أهل بدر، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول اللَّه صلي الله عليه وآله.

ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم، لدنا التمحيص للجزاء، وقرب الوعد، وانقضت المدَّة، وبدا لکم النجم ذو الذنب من قبل المشرق، ولاح لکم القمر المنير، فإذا کان ذلک فراجعوا التوبة، واعلموا أ نّکم إن اتّبعتم طالع المشرق، سَلکَ بکم منهاج الرسول صلي الله عليه وآله، فتداويتم من العمي والصمم والبکم، وکُفيتم مؤنة الطلب والتعسُّف، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق، ولا يبعد اللَّه إلّا من أبي وظلم واعتسف، وأخذ ما ليس له «وسَيَعلم الّذين ظَلَموا أيَّ مُنقَلَب ينقلبون». [9] .

156 - وبالإسناد عن الحارث الاعور الهمدانيّ، قال أميرالمؤمنين عليه السلام علي المنبر: إذا هلک الخاطب، وزاغ صاحب العصر، وبقيت قلوب تتقلّب من مخصبٍ ومجدب، هلک المتمنون، واضمحلّ المضمحلّون، وبقي المؤمنون، وقليل ما يکونون، ثلاث مائة أو يزيدون، تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يوم بدر، لم تقتل ولم تمت. [10] .

بيان: قول أميرالمؤمنين عليه السلام: «وزاغ صاحب العصر» أراد صاحب هذا الزمان الغائب الزائغ عن أبصار هذا الخلق لتدبير اللَّه الواقع. ثمّ قال:

«وبقيت قلوب تتقلب فمن مخصب ومجدب» وهي قلوب الشيعة المتقلّبة عند هذه الغَيبة والحيرة، فمن ثابت منها علي الحق مخصب، ومن عادل عنها إلي الضلال، وزخرف المحال مجدب.

ثمّ قال:

«هللک المتمنّون» ذمّاً لهم، وهم الّذين يستعجلون أمر اللَّه، ولا يسلِّمون له، ويستطيلون الأمد، فيهلکون قبل أن يروا فَرَجاً، ويُبقي اللَّه من يشاء أن يُبقيه من أهل الصبر والتسليم حتّي يلحقه بمرتبته، وهم المؤمنون وهم المخلصون القليلون، الّذين ذکر أ نّهم ثلاثمائة أو يزيدون ممّن يؤهله اللَّه لقوّة إيمانه، وصحّة يقينه، لنصرة وليّه، وجهاد عدوّه، وهم - کما جاءت الرواية - عُمّاله وحُکّامه في الأرض، عند استقرار الدار، ووضع الحرب اوزارها. ثمّ قال أميرالمؤمنين عليه السلام: «يجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يوم بدر، لم تقتل ولم تمت» يريد أنّ اللَّه عزّوجلّ يُؤيّد أصحاب القائم عليه السلام هؤلاء الثلاثمائة والنّيف الخُلّص بملائکة بدر و هم أعدادهم، جعلنا اللَّه ممّن يؤهّله لنصرة دينه مع وليّه عليه السلام، وفعل بنا في ذلک ما هو أهله. [11] .

الآية السادسة قوله تعالي: «يا أيّها الرسول لا يَحزُنک الَّذين يُسارعون في الکُفر من الَّذين قَالُوا ءَامنَّا بِأَفواههم ولم تُؤمن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الّذين هادوا سمّاعُون للکَذب سمَّاعون لِقَومٍ ءَاخرين لم يأتُوک يُحرِّفُونَ الکَلِمَ مِن بعد مواضعه يقولون إن أُوتيتُم هذا فخُذوه و إن لم تُؤتَوه فاحذروا ومن يُرِدِ اللَّهُ فِتنتهُ فلن تَملِکَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شيئاً اُولئکَ الّذين لم يُرِدِ اللَّهُ أن يُطهِّر قُلُوبَهُم لهم في الدنيا خِزيٌ ولهم في الآخرة عَذاب عظيم». [12] .


پاورقي

[1] بحارالأنوار 112:51.

[2] نفس المصدر 152:51.

[3] نفس المصدر 114:51.

[4] نفس المصدر 119:51.

[5] نفس المصدر 119:51.

[6] بحارالأنوار 109:51.

[7] نفس المصدر 110:51.

[8] نفس المصدر 111:51.

[9] روضة الکافي 63؛ بحارالأنوار 124-122 :51.

[10] بحارالأنوار 137:52.

[11] بحارالأنوار 137:52.

[12] المائدة: 41.