بازگشت

سوره نساء


الآية السادسة عشرة قوله تعالي: «يا أيّها الّذين اُوتوا الکتاب آمِنوا بما نَزَّلنا مصدِّقاً لما معکم من قبلِ أن نَطمِس وُجوهاً فنرُدَّها علي أدبارها أو نلعنهم کما لعنّا أصحابَ السَّبتِ و کان أمرُ اللَّه مفعولاً». [1] .

110 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغَيبة، بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام وجابر بن يزيد الجعفيّ، قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام: يا جابر الزم الأرض فلا تحرّک يداً ولا رِجلاً حتّي تري علامات أذکرها لک إن أدرکتَها: أوّلها اختلاف ولد فلان (بني العباس) وما أراک تُدرک ذلک، ولکن حدِّث به بعدي، ومنادٍ ينادي من السماء، ويجيئکم الصوت من ناحية دمشق بالفتح، وتخسف قرية من قري الشام تسمي الجابية، وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، ومارقة تمرق من ناحيه الترک، فيعقبها هرج الروم، ويستقبل اخوان الترک حتّي ينزلوا الجزيرة، وتستقبل مارقة الروم حتّي ينزلوا الرملة، فتلک السنة يا جابر فيها اختلاف کثير في کلّ أرض من ناحية المغرب، فأوّل ارض تخرب أرض الشام، ثمّ يختلفون عند ذلک علي ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السُفيانيّ، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون، فيقتله السفياني ومن مَعَه، ثمّ يقتل الأصهب، ثمّ لا يکون له هِمّة إلّا الإقبال نحو العراق، ويمرّ جيشه بقرقيسا فيقتتلون بها، فيقتل من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلي الکوفة وعدّتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الکوفة قتلاً وصلباً وسَبْياً، فبينما هم کذلک إذ أقبلت رايات من نحو خراسان تطوي المنازل طيّاً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم عليه السلام، ويخرج رجل من موالي أهل الکوفة في صنعاء، فيقتله أمير جيش السفيانيّ بين الحيرة والکوفة، ويبعث السفيانيّ بَعثاً إلي المدينة، فينفر المهدي عليه السلام منها إلي مکّة، فيبلغ أمير جيش السفياني بأنّ المهدي عليه السلام، قد خرج إلي مکّة، فيبعث جيشاً علي اثره فلا يدرک حتّي يدخل مکّة خائفاً يترقّب علي سنّة موسي بن عمران عليه السلام.

قال: وينزل أمير جيش السفيانيّ البيداء، فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء أبيدي القوم، فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلّا ثلاثة نفر يُحوّل اللَّه وجوههم إلي أقفيتهم وهم من کلب، وفيهم نزلت هذه الآية: «يا أيّها الّذين اُوتوا الکتاب آمِنوا بما نزّلنا مُصدّقاً لما معکم مِن قبل أن نَطمِس وُجوهاً فنردَّها علي أدبارها».. الآية، قال: والقائم عليه السلام يومئذٍ بمکّة قد أسند ظهره إلي البيت الحرام مستجيراً به فينادي:

يا أيّها الناس إنّا نستنصر اللَّه، فمن اجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيّکم محمّد، ونحن أولي الناس باللَّه وبمحمّد صلي الله عليه وآله، فمن حاجّني في آدم فأنا أولي الناس بآدم عليه السلام، ومن حاجّني في نوح فأنا أولي الناس بنوح عليه السلام، ومن حاجّني في إبراهيم فأنا أولي الناس بإبراهيم عليه السلام، ومن حاجّني في محمّد فأنا أولي الناس بمحمّد صلي الله عليه وآله، ومن حاجّني في النبيّين فأنا أولي الناس بالنبيّين...الحديث. [2] .

الآية السابعة عشرة قوله تعالي: «يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه واطيعوا الرسولَ وأولي الأمر مِنکم فإن تَنازعتُم في شي ءٍ فرُدّوهُ إلي اللَّه والرسُول إن کُنتُم تُؤمِنُونَ باللَّهِ واليَومِ الآخِر ذلکَ خَيرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلاً». [3] .

111 - الشّيخ الصدوق، بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: سمعت جابر بن عبداللَّه الأنصاريّ يقول: لمّا أنزل اللَّه عزّوجلّ علي نبيّه محمّد صلي الله عليه وآله: «يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول واُولي الأمر منکم» قلت: يا رسول اللَّه عرفنا اللَّه ورسوله، فمن أُولوا الأمر الّذين قرن اللَّه طاعتهم بطاعتک؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هم خلفائي يا جابر وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر، ستدرکه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسي بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسي، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سميّيّ وکنيّي حجّة اللَّه في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ، ذاک الّذي يفتح اللَّه تعالي ذِکره (به) مشارق الأرض ومغاربها علي يديه، ذاک الّذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها علي القول بإمامته إلّا من امتحن اللَّهُ قلبَه للايمان. قال جابر: فقلت له: يا رسول اللَّه فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أي والّذي بعثني بالنبوة، إنّهم يستضيئون بنوره، وينتفعون بولايته في غيبته کانتفاع الناس بالشمس وإن يجللها سَحاب، يا جابر، هذا مِن مکنون سر اللَّه ومخزون علمه، فاکتُمه إلّا من أهله. [4] .

112 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي خالد الکابليّ، قال: دخلت علي سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام فقلت له: يا ابن رسول اللَّه أخبرني بالّذين فرض اللَّه عزّوجلّ طاعتهم ومودّتهم، وأوجب علي عباده الاقتداء بهم بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله؟ فقال لي: يا کابليّ إنّ أُولي الامر الّذين جعلهم اللَّه عزّوجلّ أئمّة الناس وأوجب عليهم طاعتهم؛ أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ الحسن عمّي، ثمّ الحسين أبي، ثمّ انتهي الأمر إلينا، ثمّ سکت. فقلت له: يا سيّدي رُوي لنا عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّ الأرض لا تَخلو من حجّة للَّه تعالي علي عباده، فمن الحجّة والإمام بعدک؟ قال: ابني محمّد، واسمه في صُحف الأولين باقر، يبقر العلم بقراً، هو الحجّة والإمام بعدي، ومِن بعد محمّد ابنه جعفر، واسمه عند أهل السماء الصادق. قلت: يا سيدي فکيف صار اسمه الصادق وکلهم صادقون؟ قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال: إذا وُلد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، فسمّوه الصادق، فإنّ الخامس من ولده الّذي اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراءً علي اللَّه وکذباً عليه، فهو عند اللَّه «جعفر الکذّاب» المفتري علي اللَّه تعالي، والمُدّعي لما ليس له بأهلٍ، المخالف لأبيه والحاسد لاخيه، وذلک الّذي يروم کشف ستر اللَّه عزّوجلّ عند غيبة وليّ اللَّه، ثمّ بکي عليّ بن الحسين عليه السلام بکاءً شديداً، ثمّ قال: کأنّي بجعفر الکذّاب وقد حمل طاغية زمانه علي تفتيش أمر وليّ اللَّه، والمغيَّب في حفظ اللَّه. والتوکيل بحرم ابيه جهلاً منه برُتبته، وحرصاً منه علي قتله ان ظفر به، و طمعاً في ميراث أخيه حتّي يأخذه بغير حقٍّ. فقال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول اللَّه وإنّ ذلک لکائن؟ فقال: اي و ربيّ إنّ ذلک مکتوب عندنا في الصحيفة الّتي فيها ذِکر المحن الّتي تجري علينا بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله. فقال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول اللَّه ثمّ يکون ماذا؟ قال: تمتدّ الغَيبة بوليّ اللَّه الثاني عشر من أوصياء رسول اللَّه صلي الله عليه وآله والائمّة بعده، يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل کلّ زمان، فإنّ اللَّه تبارک وتعالي أعطاهم من العُقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغَيبة عندهم بمنزلة المُشاهَدة، وجعلهم في ذلک الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدَي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله بالسيف، اولئک المُخلصون حقّاً وشيعتنا صدقاً، والدُعاة إلي دِين اللَّه عز وجل سرّاً وجَهراً. وقال عليه السلام: انتظار الفرج مِن أعظم الفرج. [5] .

113 - روي أبان عن سُليم بن قيس، قال: قلت: يا أميرالمؤمنين، إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبيّ صلي الله عليه وآله، ثمّ سمعت منک تصديق ما سمعتُ منهم، ورأيتُ في أيدي الناس أشياء کثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبيّ صلي الله عليه وآله تُخالف الّذي سمعته منکم، وانتم تزعمون أنّ ذلک باطل، أفتري يکذبون علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله متعمّدين ويفسّرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل عليّ عليه السلام فقال لي: يا سُليم قد سألتَ فافهم الجواب، إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً، وصِدقاً وکذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وخاصّاً وعامّاً، ومحکماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد کُذب علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله علي عهده حتّي قام خطيباً فقال: أيّها الناس قد کثرت عليّ الکذّابة، فمن کذب عليَّ متعمداً، فليتبوّأ مقعده من النار، ثمّ کُذب عليه مِن بعده حين توفّي، رحمة اللَّه علي نبيّ الرحمة، وصلي اللَّه عليه وآله..الحديث (حتّي يصل إلي قوله) فقلت له ذات يوم: يا نبيّ اللَّه إنّک منذ يوم دعوت اللَّه لي بما دعوت، لم أنسَ شيئاً ممّا علّمتني، فلِمَ تُمليه عليَّ وتأمرني بکتابته، أتَتخوَّف عليّ النسيان؟

فقال: يا أخي لست أتخوّفُ عليکَ النِّسيان ولا الجهل، وقد أخبرني اللَّه أ نّه قد استجاب لي فيک، وفي شرکائک الّذين يکونون من بعدک. قلت: يا نبي اللَّه ومَن شرکائي؟ قال: الّذين قرنهم اللَّه بنفسه وبي معه، الّذين قال في حقّهم: «يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول واُولي الأمر منکم فإن تنازعتم في شَي ء فرُدّوه إلي اللَّه والرسول».

قلت: يا نبيّ اللَّه ومن هم؟ قال: الأوصياء منّي إلي أن يردوا عليّ حوضي، کلّهم هاد مهتدٍ، لا يضرّهم کيدُ مَن کادهم، ولا خذلان مَن خذلهم، هم مع القرآن، والقرآن معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم ينصر اللَّه أمّتي، وبهم يُمطرون ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم.

فقلت: يا رسول اللَّه سَمِّهم لي. فقال: ابني هذا - ووضع يده علي رأس الحسن - ثمّ ابني هذا - ووضع يده علي رأس الحسين، ثمّ ابن ابني هذا - ووضع يده علي رأس الحسين - ثمّ ابن له علي اسمي اسمه محمّد، باقر علمي وخازن وحي اللَّه، وسيُولد عليّ في حياتک يا أخي، فاقرأه منّي السلام، ثمّ أقبل علي الحسين فقال: سيُولد لک محمّد بن عليّ في حياتک، فاقرأه منّي السلام، ثمّ تکملة الإثني عشر إماماً من ولدک يا أخي.

فقلت: يا نبي اللَّه سمِّهم لي.

فسمّاهم لي رجلاً رجلاً، منهم واللَّه - يا أخا بني هلال - مهدي هذه الامة الّذي يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً کما مُلئت ظلماً وجَوراً. واللَّه إنّي لأعرف جميع مَن يبايعه بين الرکن والمقام، وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم. [6] .

114 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ: «يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منکم» قال: الائمّة من وُلد عليّ وفاطمة عليهما السلام إلي أن تقوم الساعة. [7] .

115 - روي العيّاشيّ بإسناده عن أبان، أ نّه دخل عليّ أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: فسألته عن قول اللَّه: «يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منکم» فقال: ذلک عليّ بن أبي طالب عليه السلام ثمّ سکت، قال: فلمّا طال سکوته قلت: ثمّ مَن؟ قال: ثمّ الحسن، ثمّ سکت، فلمّا طال سکوته، قلت: ثمّ مَن؟ قال: الحسين، قلت: ثمّ مَن؟ قال: ثمّ عليّ بن الحسين وسکت، فلم يزل يسکت عند کلّ واحدٍ، حتّي أعيد المسألة، فيقول حتّي سمّاهم إلي آخرهم عليهم السلام. [8] .

116 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام: لأيّ شي ء يُحتاج إلي النبيّ والإمام؟ فقال عليه السلام: لبقاء العالم علي صلاحه، وذلک أنّ اللَّه عزّوجلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا کان فيها نبيّ أو إمام، قال اللَّه عزّوجلّ: «وما کان اللَّه لِيُعذّبهم وأنتَ فيهم» وقال النبيّ صلي الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمانٌ لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم، أتي أهل السماء ما يکرهون، وإذا ذهب أهلُ بيتي، أتي أهل الأرض ما يکرهون، يعني بأهل بيته الائمّة الّذين قرن اللَّه عزّوجلّ طاعتهم بطاعته فقال: «يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمرمنکم».

وهم المعصومون المُطهّرون الّذين لا يذنبون ولا يعصون، وهم المؤيَّدون الموفَّقون المسُدّدون، بهم يرزق اللَّه عباده، وبهم يعمر بلاده، وبهم يُنزل القَطر من السماء، وبهم يُخرج برکات الأرض، وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يُعجل عليهم بالعقوبة والعذاب، لا يُفارقهم روح القدس ولا يُفارقونه، ولا يُفارقون القرآن ولا يُفارقهم، صلوات اللَّه عليهم أجمعين. [9] .

117 - روي العيّاشيّ بإسناده عن بُريد بن معاوية قال: کنت عند أبي جعفر عليه السلام فسألته عن قول اللَّه: «أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منکم» فکان جوابه أن قال عليه السلام: «اَلم ترَ إلي الّذين اُوتوا نَصيباً من الکتاب يُؤمنون بالجِبت والطاغوت» - فلان وفلان - «ويقولون للّذين کَفَروا هؤلاءِ أهدي مِن الّذين آمنوا سَبيلاً» (ويقول) الائمّة الضالّة والدُعاة إلي النار هؤلاء أهدي من آل محمّد وأوليائهم سبيلاً «أولئک الّذين لَعَنهم اللَّه ومَن يلعن اللَّهُ فلن تَجِد له نَصيراً - أم لهم نَصيبٌ من المُلک» - يعني الامامة والخلافة - «فإذاً لايُؤتون الناس نَقيراً» نحن الناس الّذي عني اللَّه، والنقير النقطة الّتي رأيت في وسط النواة.

«أم يحسدون الناسَ علي ما آتيهم اللَّه مِن فَضله» فنحن المحسودون علي ما آتانا اللَّه من الإمامة دون خلق اللَّه جميعاً «فقد آتينا آل إبراهيم الکتاب والحِکمة وآتيناهم مُلکاً کبيراً» يقول: فجعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمّة، فکيف يقرّون بذلک في آل إبراهيم وينکرونه في آل محمّد صلي الله عليه وآله؟ «فمنهم من آمن به ومنهم مَن صَدّ عنه وکفي بجهنّم سعيراً» - إلي قوله - «ونُدخلهم ظِلّاً ظَليلاً».

قال: قلت: قوله في آل إبراهيم: «وآتيناهم ملکاً عظيماً» ما الملک العظيم؟

قال: أنْ جَعَلَ منهم أئمّة، مَن اَطاعَهُم اَطاع اللَّه، ومَن عَصاهُم عَصَي اللَّه، فهو الملک العظيم. قال: ثمّ قال: «إنّ اللَّه يأمرکم أن تؤدّوا الأماناتِ إلي أهلها»، إلي: «سَميعاً بصيراً»، قال: إيّانا عني، أن يؤدّي الأول منا إلي الإمام الّذي بعده الکُتب والعِلم والسلاح. «وإذا حَکَمتم بَينَ الناس أن تَحکُموا بالعَدل»، الّذي في أيديکم، ثمّ قال للناس: «يا أيّها الّذين آمَنوا»، فجمع المؤمنين إلي يوم القيامة «أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منکم»، إيّانا عني خاصة - الحديث. [10] .

118 - روي ثقة الإسلام الکُلينيّ قدس سره بإسناده عن عيسي بن السري، قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: حدِّثني عما بُنيت عليه دعائم الإسلام، إذا أنا اخذت بها زکي عملي ولم يضرّني جهل ما جهلت بعده. فقال عليه السلام: شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، والإقرار بما جاء به مِن عند اللَّه، وحقّ في الأموال من الزکاة، والولاية الّتي أمر اللَّه عزّوجلّ بها ولاية آل محمّد صلي الله عليه وآله، فإنَّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال: مَن مات ولا يعرف إمامه، مات ميتة جاهلية، قال اللَّه عزّوجلّ: «أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منکم» فکان عليّ عليه السلام، ثمّ صار من بعده حسن، ثمّ من بعده حسين، ثمّ من بعده عليّ بن الحسين، ثمّ من بعده محمّد بن عليّ، ثمّ هکذا يکون الأمر، إنّ الأرض لا تصلح إلا بإمام، ومَن مات لا يعرف إمامه، مات ميتة جاهلية، وأحوج ما يکون أحدکم إلي معرفته إذا بلغت نفسه هاهُنا - قال: وأهوي بيده إلي صدره - يقول حينئذٍ: لقد کنت علي أمرٍ حسن. [11] .

119 - روي العلّامة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمريّ قدس سره قال: تشاجر القزوينيّ وجماعة من الشيعة في الخلف، فذکر ابن أبي غانم، أنّ أبا محمّد عليه السلام مضي ولا خلف له، ثمّ أنّهم کتبوا في ذلک کتاباً وأنفذوه إلي الناحية، وأعلموه بما تشاجروا فيه. فورد جواب کتابهم بخطّه صلي اللَّه عليه وعلي آبائه:

عافانا اللَّه وإيّاکم من الفِتن، ووهب لنا ولکم روح اليقين، وأجارنا وإيّاکم من سوء المنقلَب، انّه أُنهي إليّ ارتياب جماعة منکم في الدّين، وما دخلهم من الشکّ والحيرة في وُلاة أمرهم، فغمّنا ذلک لکم لا لنا، وساءنا فيکم لا فينا، لأنّ اللَّه معنا فلا فاقة بنا إلي غيره، والحقّ معنا فلن يوحشنا مَن قعد عنا، ونحن صنايع ربّنا والخلق بَعدُ صنايعنا.

يا هؤلاء ما لکم في الريب تتردّدون، وفي الحيرة تتمسّکون، أوما سمعتم اللَّه يقول: «يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسولَ وأُولي الأمر منکم» أوما علمتم ما جاءت به الآثار مِمّا يکون ويحدث في أئمّتکم، علي الماضين والباقين منهم السلام؟

أوما رأيتم کيف جعل اللَّه لکم معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها، من لَدُن آدم عليه السلام إلي أن ظهر الماضي عليه السلام، کلّما غاب عَلَم بدا عَلَم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّا قبضه اللَّه إليه ظننتم أنّ اللَّه أبطل دِينه، وقطع السبب بينه وبين خلقه، کلّا ما کان ذلک ولا يکون، حتّي تقوم الساعة ويظهر أمر اللَّه وهم کارهون، وإنّ الماضي عليه السلام مضي سعيداً فقيداً علي منهاج آبائه عليهم السلام (حذو النعل بالنعل) وفينا وصيّته وعلمه، ومنه خلفه ومَن يسدّ مسدّه، ولا يُنازعنا موضعه إلّا ظالم آثمّ، ولا يدّعيه دوننا إلّا کافر جاحد، ولولا أنّ أمر اللَّه لا يُغلَب، وسرّه لا يظهر ولا يعلن، لظهر لکم مِن حقّنا ما تبتز منه عقولکم، ويزيل شکوککم، ولکنّه ما شاء اللَّه کان، ولکلّ أَجَل کتاب، فاتّقوا اللَّه وسلّموا لنا وردّوا الأمر إلينا، فعلينا الاصدار کما کان منا الايراد، ولا تحاولوا کشف ما غطّي عنکم، ولاتميلوا عن اليمين وتعدلوا إلي اليسار، واجعلوا قصدکم إلينا بالمودّة علي السُنّة الواضحة؟فقد نصحت لکم، واللَّه شاهد عليّ وعليکم، ولولا ما عندنا من محبّة صاحبکم ورحمتکم، والاشفاق عليکم، لکنّا عن مخاطبتکم في شُغل ممّا قد امتحنّا به من منازعة الظالم العُتلّ، الضالّ المتتابع في غيّه، المضادّ لربّه، المدّعي ما ليس له، الجاحد حقّ مَن افترض اللَّه طاعته، الظالم الغاصب، وفي ابنة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وعليها إليّ اُسوة حسنة، وسيتردّي الجاهل رداء عمله، وسيعلم الکافر لمن عُقبي الدار.

عصمنا اللَّه وإيّاکم من المهالک والأسواء، والآفات والعاهات کلّها برحمته، إنّه ولي ذلک والقادر علي ما يشاء، وکان لنا ولکم وليّاً وحافظاً، والسلام علي جميع الأوصياء والأولياء والمؤمنين ورحمة اللَّه وبرکاته، وصلّي اللَّه علي النبيّ محمّد وآله وسلّم تسليماً. [12] .

120 - وروي الطبرسيّ رحمه الله بإسناده عن الشيخ الصدوق، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ قدس سره: أ نّه جاء بعض أصحابنا يُعلمه أنّ جعفر بن عليّ کتب إليه کتاباً يعرّفه نفسه، ويُعلمه أ نّه القيم بعد اخيه، و أنّ عنده من عِلم الحلال والحرام ما يحتاج إليه، وغير ذلک من العلوم کلّها.

قال أحمد بن اسحاق: فلمّا قرأتُ الکتابُ کتبت إلي صاحب الزمان عليه السلام وصيّرت کتاب جعفر في درجه، فخرج إليّ الجواب في ذلک:

أتاني کتابک أبقاک اللَّه والکتاب الّذي أنفذت درجه، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه، علي اختلاف ألفاظه وتکرر الخطأ فيه، ولو تدبّرتَه لوقفتَ علي بعض ما وقفتُ عليه منه، والحمد للَّه رب العالمين حمداً لا شريک له علي إحسانه إلينا وفضله علينا، أبي اللَّه عزّوجلّ للحقّ إلا إتماماً، وللباطل إلّا زهوقاً، وهو شاهد عليّ بما أذکره، ولي عليکم بما أقوله، إذا اجتمعنا اليوم الّذي لا ريب فيه، ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون.

وإنّه لم يجعل لصاحب الکتاب علي المکتوب إليه، ولا عليک ولا علي أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمّة، وسأُبيّن لکم جملة تکتفون بها إن شاء اللَّه.

يا هذا يرحمک اللَّه، إنّ اللَّه تعالي لم يخلق الخَلق عبثاً، ولا أهملهم سُديً، بل خلقهم بقدرته، وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً وقلوباً واُلباً، ثمّ بعث النبيّين عليهم السلام مُبشّرين ومُنذِرين، يأمرونهم بطاعته، وينهونهم عن معصيته، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم کتاباً، وبعث اليهم ملائکة، وباين بينهم وبَين من بعثهم إليهم بالفضل الّذي جعله لهم عليهم، وما آتاهم اللَّه من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة، والآيات الغالبة، فمنهم: مَن جعل النار عليه برداً وسلاماً واتّخذه خليلاً، ومنهم: من کلّمه تکليماً وجعل عصاه ثعباناً مُبيناً، ومنهم: من أحيي الموتي بإذن اللَّه وأبرأ الأکمه والأبرص بإذن اللَّه، ومنهم: من علّمه منطق الطير واُوتي من کلّ شي ء.

ثمّ بعث محمّداً صلي الله عليه وآله رحمةً للعالمين وتمم به نعمته،وختم به أنبياءه، وأرسله إلي الناس کافّة، وأظهر من صِدقه ما أظهر، وبيّن من آياته وعلاماته ما بيّن، ثمّ قبضه صلي الله عليه وآله حميداً فقيداً سعيداً، وجعل الأمر من بعده إلي أخيه وابن عمّه ووصيّه ووارثه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ إلي الأوصياء من ولده واحداً بعد واحدٍ، أحيا بهم دينه، وأتمّ بهم نوره، وجعل بينهم وبين اخوتهم وبني عمّهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقاً بيّناً، تُعرَف به الحجّة من المحجوج، والإمام من المأموم، بأن عصمهم من الذنوب، وبرّأهم من العيوب، وطهّرهم من الدنس، ونزّههم من اللبس، وجعلهم خُزّان علمه، ومستودع حِکمته، وموضع سرّه، أَيّدهم بالدلائل ولولا ذلک لکان الناس علي سواه، ولادّعي أمر اللَّه عزّوجلّ کلُّ أحد، ولما عُرف الحق من الباطل، ولا العِلم من الجهل.

وقد ادّعي هذا المُبطِل المدّعي علي اللَّه الکذب بما ادّعاه، فلا أدري بأيّة حالةٍ هي له، رجا أن يتمّ دعواه، بفقهٍ في دين اللَّه؟! فواللَّه ما يعرف حلالاً من حرام، ولا يُفرّق بين خطأٍ وصواب. أم بعلمٍ؟! فما يعلم حقّاً من باطل، ولا مُحکَماً من متشابه، ولا يعرف حدّ الصلاة ووقتها. أم بورع؟! فاللَّه شهيد علي ترکه الصلاة الفرض (أربعين يوماً) يزعم ذلک لطلب الشعوذة، ولعلّ خبره تأدّي اليکم، وهاتيک ظروف مسکره منصوبة، وآثار عصيانه للَّه عزّوجلّ مشهورة قائمة.

أم بآيةٍ؟! فليَأتِ بها. أم بحجّة؟! فليُقِمها. أم بدلالة؟! فليذکرها.

قال اللَّه عزّوجلّ في کتابه: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم حم تنزيلُ الکتابِ من اللَّه العَزيز الحکيم - ما خَلَقنا السمواتِ والأرضَ وما بينهما إلّا بالحقِّ و أَجَلٍ مُسمّي و الّذين کَفَروا عمّا اُنذروا مُعرِضون- قُل أرأيتم ما تَدعون من دون اللَّه أَروني ماذا خَلَقوا من الأرض أم لهم شِرکٌ في السموات ائتوني بکتاب مِن قَبلِ هذا أو أثارةٍ من عِلمٍ إن کُنتم صادِقين - و من أضلّ ممّن يدعو مِن دون اللَّه مَن لا يستجيبُ له إلي يومِ القِيامة وهم عن دُعائهم غافلون- وإذا حُشِرَ الناس کانوا لهم أعداءً وکانوا بعبادتهم کافرين». [13] .

فالتمس - تولّي اللَّه توفيقک - من هذا الظالم ما ذکرتُ لک، وامتحنه واسأله عن آية من کتاب اللَّه يفسّرها، أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لک عواره ونقصانه واللَّه حسيبه.

حفظ اللَّه الحقّ علي أهله، وأقرّه في مستقره، وأبي اللَّه عزّوجلّ أن تکون الإمامة في الأخوَين إلّا في الحسن والحسين، وإذا أذن اللَّه لنا في القول ظهر الحق واضمحلّ الباطل، وانحسر عنکم، وإلي اللَّه أرغب في الکفاية، وجميل الصنع والولاية، وحسبُنا اللَّه ونعم الوکيل، وصلّي اللَّه علي محمّد وآل محمّد. [14] .

121 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن ابن بهلول، قال: حدّثني عبداللَّه ابن أبي الهُذيل - وسألته عن الامامة فيمن تجب وما علامة من تجب له الامامة؟ - فقال: إنّ الدليل علي ذلک والحجّة علي المؤمنين والقائم باُمور المسلمين والناطق بالقرآن والعالم بالأحکام أخو نبيّ اللَّه، وخليفته علي أمّته، ووصيّه عليهم، و وليّه الّذي کان منه بمنزلة هارون من موسي، المفروض الطاعة بقول اللَّه عزّوجلّ: «يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسولَ وأُولي الأمر منکم» الموصوف بقوله عزّوجلّ: «إنّما وليُّکم اللَّه ورسولُه والّذين آمنوا الّذين يُقيمون الصلوة ويؤتون الزکوة وهم راکعون» [15] المدعو إليه بالولاية، المثبت له الإمامة يوم غدير خمّ بقول الرسول صلي الله عليه وآله عن اللَّه عزّوجلّ: ألستُ أولي بکم منکم بأنفسکم؟ قالوا: بلي، قال: فمن کنت مولاه فعلي مولاه، اللَّهم والِ من والاه، وعاد من عاداه، وانصُر مَن نصره، واخذُل مَن خذله، وأعِن من أعانه، وأعزّ من أطاعه، ذلک، عليّ بن أبي طالب عليه السلام أميرالمؤمنين وإمام المتقين، وقائد الغُرّ المحجلين، وأفضل الوصيّين، وخير الخلق أجمعين بعد رسول اللَّه عليه السلام.

وبعده الحسن بن عليّ، ثمّ الحسين عليهما السلام سبطا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وابنا خيرة النسوان أجمعين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسي بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسي، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ محمّد بن الحسن عليهم السلام إلي يومنا هذا، واحداً بعد واحد، وهم عترة الرسول صلي الله عليه وآله المعروفون بالوصية والإمامة، لا تخلو الأرض من حُجّة منهم في کلّ عصر وزمان، وفي کلّ وقت وأوان، وإنّهم العُروة الوثقي وأئمّة الهدي، والحُجّة علي أهل الدنيا، إلي أن يرث اللَّهُ الأرض ومَن عليها، وکلّ من خالفهم ضالٌّ مُضِلٌّ، تارک للحق والهُدي، وهم المعبِّرون عن القرآن، والناطقون عن الرسول صلي الله عليه وآله، مَن مات ولا يعرفهم، مات ميتة الجاهلية، ودينهم الوَرَع والعِفّة والصدق والصلاح والاجتهاد، وأداء الامانة إلي البَرّ والفاجر، وطول السجود، وقيام الليل، واجتناب المحارم، وانتظار الفرج بالصبر، وحسن الصُحبة، وحُسن الجوار.

ثمّ قال تميم بن بهلول: حدّثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد عليه السلام في الإمامة مثله سواء. [16] .

122 - روي عن ابن أبي عُمَير، عن هشام بن سالم، قال: کنت عند الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام إذ دخل عليه معاوية بن عمار وعبدالملک بن أعين، وذکر حديثاً للامام الصادق عليه السلام حول الرؤية، ثمّ قال: عليه السلام: إنّ أفضل الفرائض وأوجبها علي الانسان معرفة الربّ والإقرار له بالعبوديّة، وحَدُّ المعرفة أن يعرف أ نّه لا إله غيره ولا شبيه له ولا نظير له، وأن يعرف أ نّه قديم مثبت، موجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه، ولا مثيل له، ليس کمثله شي ء وهو السميع البصير.

وبعده معرفة الرسول صلي الله عليه وآله، والشهادة له بالنبوّة، وأدني معرفة الرسول الاقرار بنبوّته، وأنّ ما أتي به من کتاب أو أمر أو نهي فذلک من اللَّه عزّوجلّ.

وبعده معرفة الإمام الّذي يأتمّ بنعته وصفته واسمه في حال العُسر واليُسر، وأدني معرفة الإمام أ نّه عِدْل النبيّ - إلّا درجة النبوّة - ووارثه، وأنّ طاعته طاعة اللَّه وطاعة رسول اللَّه، والتسليم له في کلّ أمر، والرّد إليه، والأخذ بقوله، ويعلم أنّ الإمام بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله عليّ بن أبي طالب، وبعده الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ أنا، ثمّ بعدي موسي ابني، وبعده عليّ ابنه، وبعد عليّ محمّد ابنه، وبعد محمّد عليّ ابنه، وبعد عليّ الحسن ابنه، والحجّة من ولد الحسن. ثمّ قال: يا معاوية جعلت لک أصلاً في هذا، فاعمل عليه... الحديث. [17] .

الآية الثامنة عشرة قوله تعالي: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ والرَّسولَ فأولئک مع الّذين أنعَمَ اللَّهُ عليهم مِن النبيِّينَ والصِدّيقين والشهداءِ والصالِحِين وحَسُنَ أولئک رفيقاً».

123 - روي عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب للصادق عليه السلام قال: قال: النبيّين: رسول اللَّه، والصدّيقين: عليّ عليه السلام، والشهداء: الحسن والحسين عليهما السلام، والصالحين: الأئمّة وحُسن اولئک رفيقاً: القائم من آل محمّد عليهم الصلاة والسلام. [18] .

124 - روي الحافظ الحاکم الحسکانيّ أيضاً، قال أخبرنا أبو العباس الفرغانيّ بإسناده عن سعد بن حذيفة، عن أبيه حذيفة بن اليمان قال: دخلتُ علي النبيّ صلي الله عليه وآله ذاتَ يوم وقد نزلت عليه هذه الآية: «فأولئک مع الّذين أنعمَ اللَّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداءِ والصالحين وحَسُنَ أولئک رفيقاً» فأقرأنيها صلي الله عليه وآله فقلت: يا نبيّ اللَّه فِداک أبي وأمي، من هؤلاء إنّي أجدُ اللَّه بهم حفيّاً، قال: يا حذيفة أنا من النبيّين الّذين أنعمَ اللَّه عليهم، أنا أوّلهم في النبوّة، وآخرهم في البعث، ومن الصدّيقين عليّ بن أبي طالب، ولمّا بعثني اللَّه عزّوجلّ برسالته، کان أوّل من صدّق بي، ثمّ من الشهداء حمزة وجعفر، ومن الصالحين الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وحَسُنَ أولئک رفيقاً: المهدي في زمانه. [19] .

125 - روي الحافظ الحاکم الحسکانيّ أيضاً قال: أخبرنا أبو سعد محمّد بن عليّ الحبريّ وأبوبکر محمّد بن عبدالعزيز الجوديّ، قالا: بإسنادهما عن أبي أحمد داود بن سليمان قال: حدّثني عليّ بن موسي الرضا، قال: أخبرني أبي، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في هذه الآية: «فَاولئک الّذين أنعمَ اللَّه عليهم» قال: من النبيّين محمّد و من الصدّيقين عليّ بن أبي طالب و من الشهداء حمزة و من الصالحين الحسن والحسين «وحسن اولئک رفيقاً» قال: القائم من آل محمّد صلّي اللَّه عليه وآله وسلم. [20] .

126 - روي الحافظ الحاکم الحسکانيّ، قال: بإسناده عن أبي صالح، عن عبداللَّه بن عبّاس، في قوله تعالي: «ومَن يُطِع اللَّه» يعني في فرائضه، ومن «الصالحين» الحسن والحسين «وحَسُنَ اولئک رفيقاً» فهو المهدي في زمانه. [21] .

127 - روي في کفاية الأثر بالإسناد عن أمّ سلمة، قالت: سألتُ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله عن قول اللَّه سبحانه: «أولئک الّذين انعمَ اللَّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئک رفيقاً». قال صلي الله عليه وآله: «الّذين أنعمَ اللَّه عليهم من النبيّين»: أنا، «والصديقين» عليّ بن أبي طالب، «والشهداء»: الحسن والحسين وحمزة، «وحَسُنَ أولئک رفيقاً»: الأئمّة الإثني عشر بعدي. [22] .

128 - روي فرات الکوفي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: إنّي اُريد أن أذکر حديثاً، فقال عمار بن ياسر فذکره، قال:

إنّي اُريد أن أذکر حديثاً، قال أبو أيوب الأنصاريّ: فما يمنعک يا أميرالمؤمنين أن تذکره؟ فقال: ما قلتُ هذا إلّا وأنا اُريد أن أذکره، ثمّ قال:

إذا جمع اللَّه الأوّلين والآخرين، کان أفضلهم سبعة منّا بني عبدالمطلب، الأنبياء أکرم الخلق علي اللَّه، ونبيّنا أکرم الأنبياء، ثمّ الأوصياء أفضل الامم بعدالأنبياء، ووصيّه أفضل الأوصياء، ثمّ الشهداء أفضل الأمم بعد الأنبياء والأوصياء، وحمزة سيد الشهداء، وجعفر ذو الجناحين يطيرُ مع الملائکة لم يُنحله شهيد قطّ قبله، وإنّما ذلک شي ء أکرم اللَّه به وجه محمّد صلي الله عليه وآله. ثمّ قال: «أولئک الّذين أنعمَ اللَّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ اولئک رفيقاً - ذلک الفَضلُ من اللَّه وکفي باللَّه عليماً». والسبطان حسن وحسين، والمهدي عليهم السلام جعله اللَّه ممّن يشاء من أهل البيت. [23] .

قوله تعالي: «ألم تر إلي الّذين قيل لهم کُفّوا أيديَکم وأقيموا الصلوة وآتوا الزکوة فلمّا کُتب عليهم القتالُ إذا فريقٌ منهم يخشَون الناسَ کخَشية اللَّه أو أشدّ خَشيةً و قالوا ربَّنا لِمَ کَتبتَ علينا القِتالَ لولا أخّرتَنا إلي أَجَل قريب قُل مَتاع الدنيا قليل والآخرة خيرٌ لمن اتّقي ولا تُظلَمون فَتيلاً». [24] .

129 - روي ثقة الإسلام الکلينيّ رحمه الله بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: واللَّهِ للذي صنعه الحسنُ بن عليّ عليهما السلام کان خيراً لهذه الامة ممّا طلعت عليه الشمس، فواللَّه لقد نزلت هذه الآية: «ألم تَر إلي الّذين قيل لهم کُفُّوا أيديکم وأقيموا الصلوة وآتوا الزکوة» إنّما هي طاعة الإمام، وطلبوا القتال «فلمّا کُتب عليهم القتال» مع الحسين عليه السلام «قالوا ربّنا لِمَ کتبتَ علينا القتال لولا أخّرتنا إلي أجلٍ قريب» أرادوا تأخير ذلک إلي القائم عليه السلام. [25] .

130 - وروي العيّاشيّ رحمه الله بإسناده عن ادريس مولي لعبداللَّه بن جعفر، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في تفسير هذه الآية: «ألم تَرَ إلي الّذين قيل لهم کُفُّوا ايديکم» مع الحسن «وأقيموا الصلوة وآتوا الزکوة فلمّا کُتِب عليهم القتال» مع الحسين «قالوا ربّنا لم کَتبتَ علينا القِتال لولا أخّرتنا إلي أجل قريبٍ» إلي خروج القائم عليه السلام، فإنّ معهم النصر والظفر، قال اللَّه: «قُل متاع الدنيا قليل والآخرة خيرٌ لمن اتّقي... الآية». [26] .

131 - روي العيّاشيّ أيضاً بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: واللَّهِ للّذي صنعه الحسن بن عليّ عليهما السلام کان خيراً لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشمس، واللَّه لفيه نزلت هذه الآية: «ألم ترَ إلي الّذين قيلَ لهم کُفُّوا أيديکم وأقيموا الصلوة وآتوا الزکوة» إنّما هي طاعة الامام، فطلبوا القتال: «فلمّا کُتب عليهم القتال» مع الحسين «قالوا ربّنا لِمَ کتبتَ علينا القتال لولا أخّرتنا إلي أجل قريب» وقوله: «ربّنا اَخِّرنا إلي أجلٍ قريب نُجِب دعوتک ونتّبع الرُسل» أرادوا تأخير ذلک إلي القائم عليه السلام. [27] .

الآية التاسعة عشرة قوله تعالي: «مَن يُطِع الرسولَ فقد أطاع اللَّه ومَن تولّي فما أرسلناکَ عليهم حفيظاً». [28] .

132 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله: القائم من وُلدي اسمه اسمي، وکُنيته کُنيتي، وشمائله شمائلي، وسُنّته سُنّتي، يُقيم الناس علي مِلّتي وشريعتي، ويدعوهم إلي کتاب ربّي عزّوجلّ، من أطاعه فقد اطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنکره في غيبته فقد انکرني، ومن کذّبه فقد کذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني، إلي اللَّه أشکو المکذّبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلّين لأمّتي عن طريقته، وسَيعلم الّذين ظلموا أيّ مُنقَلب ينقلبون. [29] .

الآية العشرون قوله سبحانه: «وان يتفرّقا يُغنِ اللَّه کُلاًّ مِن سَعَتِه وکان اللَّه واسعاً عليماً». [30] .

133 - ومن خطبة لمولانا أميرالمؤمنين عليه السلام تسمّي المخزون جاء فيها: ويسير الصدّيق الأکبر براية الهُدي والسيف ذي الفقار والمِخصرة حتّي ينزل أرض الهجرة مرّتين وهي الکوفة، فيهدم مسجدها ويبنيه علي بنائه الأوّل، ويهدم ما دونه من دور الجبابرة، ويسير إلي البصرة حتّي يشرف علي بحرها ومعه التابوت وعصا موسي، فيعزم عليه، فيزفرُ زفرة بالبصرة، فتصير بحراً لُجيّاً، فيغرقها لا يبقي فيها غير مسجدها کجؤجؤ سفينة علي ظهر الماء، ثمّ يسير إلي حروراء ثمّ يُحرقها، ويسير من باب بني أسد حتّي يزفر زفرةً في ثقيف وهم زرع فرعون، ثمّ يسير إلي مصر، فيعلو منبره ويخطب الناس، فتستبشر الأرض بالعدل، وتعطي السماء قطرها، والشجر ثمرها، والأرض نباتها، وتتزيّن لأهلها، وتأمن الوحوش حتّي ترتعي في طرف الأرض کأنعامهم، ويُقذف في قلوب المؤمنين العِلم فلا يحتاج مؤمن إلي ما عند أخيه من العلم، فيومئذٍ تأويل هذه الآية: «يُغنِ اللَّه کُلاًّ من سعته». (الحديث). [31] .

الآية الحادية و العشرون قوله تعالي: «وقَولِهِمْ إِنَّا قَتلْنا المَسيحَ عِيسي ابنَ مريَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَکن شُبّه لَهُمْ وانَّ الّذين اختلفوا فيه لَفي شکٍّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ من عِلمٍ إلَّا اتّباع الظَّنّ وما قَتلُوهُ يَقيناً - بل رَفَعهُ اللَّهُ إلَيه وکان اللَّهُ عَزيزاً حکيماً». [32] .


پاورقي

[1] النساء: 47.

[2] الغَيبة للنعمانيّ 149؛ الإختصاص 255.

[3] النساء: 59.

[4] کمال الدّين 253:1 ح 3؛ بحارالأنوار 289:23.

[5] کمال الدّين 319:1 ج 2؛ بحارالأنوار 286:36.

[6] سُليم بن قيس 108-103؛ بحارالأنوار 273:36.

[7] کمال الدّين 222:1 ح 8.

[8] تفسير العيّاشيّ 251:1 ح 171؛ بحارالأنوار 292:23.

[9] علل الشرايع 123 ح 1؛ بحارالأنوار 19:23.

[10] تفسير العيّاشيّ 246:1 ح 153؛ بحارالأنوار 289:23.

[11] الکافي 21:2 ح 9؛ بحارالأنوار 289:23.

[12] الاحتجاج للطبرسيّ 280-278: 2.

[13] الأحقاف: 6-1.

[14] الاحتجاج 2 : 281-279.

[15] المائدة: 55.

[16] کمال الدّين 194-193: 2؛ بحارالأنوار 396:36.

[17] کفاية الأثر 35؛ بحارالأنوار 408-406: 36.

[18] تفسير القمّي142:1.

[19] شواهد التنزيل 198:1 ح 209.

[20] نفس المصدر 197:1 ج 207.

[21] نفس المصدر 198:1 ح 208.

[22] کفاية الأثر 182؛ بحارالأنوار 336:23.

[23] تفسير فرات 35؛ بحارالأنوار 32:24 و 273:32.

[24] النساء: 77.

[25] روضة الکافي 330؛ بحارالأنوار 25:44.

[26] تفسير العيّاشيّ 257:1 ح 195؛ بحارالأنوار 217:44.

[27] تفسير العيّاشيّ 258:1 ح 196؛ بحارالأنوار 132:52.

[28] النساء: 80.

[29] کمال الدّين 411:2 ح 6؛ بحارالأنوار 73:51.

[30] النساء: 130.

[31] مختصر بصائر الدرجات 519.

[32] النساء: 157 و 158.