فضل التقية في عصر الغيبة
56 - المظفر العلويّ: بإسناده عن عمّار الساباطيّ قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: العبادة مع الإمام منکم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل، أم العبادة في ظهور الحق ودولته مع الإمام الظاهر منکم؟ فقال: يا عمّار الصدقة في السرّ - واللَّهِ - أفضل من الصدقة في العلانية، وکذلک عبادتکم في السّر مع إمامکم المستتر في دولة الباطل أفضل، لخوفکم من عدوّکم في دولة الباطل وحال الهدنة، ممّن يعبد اللَّه في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحق، وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.
اعلموا أنّ من صلّي منکم صلاة فريضة وحداناً مستتراً بها من عدوّه في وقتها، فأتّمها، کتب اللَّه عزّوجلّ له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة، ومن صلّي منکم صلاة نافلة في وقتها فأتّمها، کتب اللَّه عزّوجلّ له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منکم حسنة، کتب اللَّه بها عشرين حسنة، ويضاعف اللَّه تعالي حسنات المؤمن منکم إذا أحسن أعماله، ودان اللَّه بالتقيّة علي دينه، وعلي إمامه وعلي نفسه، وأمسک من لسانه، أضعافاً مضاعفة کثيرة، إنّ اللَّه عزّوجلّ کريم. قال: قلت: جُعلت فداک قد رغّبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولکنّي أحبّ أن أعلم: کيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالاً من أصحاب الإمام منکم الظاهر في دولة الحقّ، ونحن وهم علي دين واحد، وهو دين اللَّه عزّوجلّ؟ فقال: انّکم سبقتموهم إلي الدخول في دين اللَّه وإلي الصلاة والصوم والحجّ وإلي کلّ فِقه وخير، وإلي عبادة اللَّه سرّاً من عدوّکم مع الإمام المستتر، مطيعون له، صابرون معه، منتظرون لدولة الحق، خائفون علي إمامکم وعلي أنفسکم من الملوک، تنظرون إلي حقّ إمامکم وحقّکم في أيدي الظَلَمة، وقد منعوکم ذلک واضطرّوکم إلي جذب الدنيا وطلب المعاش، مع الصبر علي دينکم، وعبادتکم وطاعة ربکم والخوف من عدوّکم، فبذلک ضاعف اللَّه أعمالکم، فهنيئاً لکم هنيئاً. قال: فقلت: جُعلت فداک، فما نتمنّي إذاً أن نکون من أصحاب القائم عليه السلام في ظهور الحق؟ ونحن اليوم في إمامتک وطاعتک أفضل أعمالاً من أعمال أصحاب دولة الحق؟
فقال: سُبحان اللَّه، أما تحبّون أن يُظهر اللَّه عزّوجلّ الحقّ والعدل في البلاد، ويحسن حال عامّة الناس، ويجمع اللَّه الکلمة، ويؤلّف بين القلوب المختلفة، ولا يُعصي اللَّه في أرضه، ويُقام حدود اللَّه في خلقه، ويردّ الحقّ إلي أهله، فيظهره حتّي لا يستخفي بشي ء من الحق مخافة أحدٍ من الخلق؟
أما واللَّهِ يا عمّار، لا يموت منکم ميِّت علي الحال الّتي أنتم عليها، إلّا کان أفضل عند اللَّه عزّوجلّ من کثير مِمَّن شهد بدراً واُحداً فأبشروا. [1] .
57 - روي المفيد في الاختصاص بإسناده عن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن اُمية ابن عليّ، عن رجل قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: ايُّما أفضل نحن أو أصحاب القائم عليه السلام؟ قال: فقال لي: أنتم أفضل من أصحاب القائم، وذلک أنّکم تُمسون وتُصبحون خائفين علي إمامکم وعلي أنفسکم من أئمّة الجَور، إن صليتم فصلاتکم في تقيّة، وإن صُمتم فصيامکم في تقيّة، وإن حججتم فحجُّکم في تقيّة، وإن شهدتم لم تُقبل شهادتکم، وعدّد أشياء من نحو هذا مثل هذه، فقلت: فما تتمنّي القائم عليه السلام إذا کان علي هذا؟ قال: فقال لي: سُبحان اللَّه، أما تحبّ أن يظهر العدل ويأمن السبل ويُنصف المظلوم؟! [2] .
الآية الثانية قوله تعالي: «فتقبَّلها ربُّها بِقَبولٍ حَسَنٍ و أَنبَتَها نَباتاً حَسَناً و کَفَّلَها زَکَريّا کُلّما دَخَل عليها زکريّا المحرابَ وَجَدَ عِندها رِزقاً قال يا مَريَمُ أنّي لکِ هذا قالَت هُوَ مِن عِندِ اللَّه إنّ اللَّه يَرزُق مَنْ يَشاء بغَيرِ حِسابٍ». [3] .
پاورقي
[1] الکافي 1 : 334؛ بحارالأنوار 52 : 127.
[2] الإختصاص 20؛ بحارالأنوار 52 : 144.
[3] آل عمران: 37.