بازگشت

تشبيه غيبة المهدي بغيبة داود


45 - روي الشيخ الصدوق رحمه الله بإسناده عن محمّد بن عمارة، قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: أخبرني بوفاة موسي بن عمران عليه السلام. فقال: إنّه لمّا أتاه أجله واستوفي مدته وانقطع أکله، أتاه مَلَک الموت عليه السلام فقال له: السلام عليک يا کليم اللَّه، فقال موسي: وعليک السلام مَن أنت؟ فقال: أنا ملک الموت - إلي أن قال: - فقبض ملک الموت روحه مکانه، ودفنه في القبر وسوّي عليه التراب، وکان الّذي يحفر القبر ملک الموت في صورة آدميّ، وکان ذلک في التيه، فصاح صائح من السماء: مات موسي کليم اللَّه، وأيّ نفسٍ لا تموت، فحدّثني أبي عن جدّي عن أبيه عليهما السلام إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله سُئل عن قبر موسي أين هو؟ فقال: هو عند الطريق الأعظم عند الکثب الأحمر.

ثمّ إنّ يوشع بن نون عليه السلام قام بالأمر بعد موسي عليه السلام صابراً من الطواغيت علي اللأواء والضرّاء والجهد والبلاء، حتّي مضي منهم ثلاث طواغيت، فقوي بعدهم أمره، فخرج عليه رَجُلان من منافقي قوم موسي عليه السلام بصفراء بنت شعيب امرأة موسي عليه السلام في مائة ألف رجل، فقاتلوا يوشع بن نون عليه السلام، فقتلهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وهزم الباقين بإذن اللَّه تعالي ذِکره، وأسر صفراء بنت شعيب، وقال لها: قد عفوت عنک في الدنيا إلي أن ألقي نبيَّ اللَّه موسي عليه السلام فأشکو إليه ما لقيتُ منک ومن قومک.

فقالت صفراء: واويلاه، واللَّهِ لو أبيحت لي الجنة لاستحييت أن أري فيها رسول اللَّه وقد هتکت حجابه، وخرجت علي وصيّه بعده، فاستتر الائمة بعد يوشع بن نون إلي زمان داود عليه السلام أربعمائة سنة وکانوا أحد عشر، وکان قوم کلّ واحد منهم يختلفون إليه في وقته ويأخذون عنه معالم دينهم، حتّي انتهي الأمر إلي آخرهم، فغاب عنهم، ثمّ ظهر لهم فبَشَّر بداود عليه السلام وأخبرهم أنّ داود عليه السلام هو الّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده، ويکون فرجهم في ظهوره، فکانوا ينتظرونه.

فلمّا کان زمان داود عليه السلام کان له أربعة إخوة ولهم أب شيخ کبير، وکان داود عليه السلام من بينهم خامل الذکر، وکان أصغر إخوته لا يعلمون أ نّه داود انبيّ المنتظر الّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده، وکانت الشيعة يعلمون أ نّه قد وُلِدَ وبلغ أشدّه، وکانوا يرونه ويشاهدونه ولا يعلمون أ نّه هو.

فخرج داود عليه السلام واخوته وأبوهم لمّا فصل طالوت بالجنود، وتخلف عنهم داود، وقال: ما يصنع بي في هذا الوجه، فاستهان به إخوته وأبوه، وأقام في غنم أبيه يرعاها، فاشتدّ الحرب واصاب الناس جهد، فرجع أبوه وقال لداود: احمل إلي إخوتک طعاماً يتقوّون به علي العدو، وکان عليه السلام رجلاً قصيراً قليل الشعر طاهر القلب، أخلاقه نقيّة، فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض قد رجع کلّ واحد منهم إلي مرکزه.

فمرّ داود عليه السلام علي حجر فقال الحجر له بنداء رفيع: يا داود خُذني فاقتل بي جالوت، فإنّي إنّما خُلقت لقتله، فأخذه ووضعه في مخلاته الّتي کانت تکون فيها حجارته الّتي کان يرمي بها غنمه، فلمّا دخل العسکر سمعهم يعظّمون أمر جالوت، فقال لهم: ما تعظّمون من أمره، فواللَّه لئن عاينته لأقتلنّه.

فتحدّثوا بأمره حتّي اُدخل علي طالوت فقال له: يا فتي ما عندک من القوة وما جرّبت من نفسک؟ قال: قد کان الأسد يعدو علي الشاة من غنمي فأدرکه فآخذ برأسه وأفکّ لحييه عنها فآخذها مِن فِيه، وکان اللَّه تبارک وتعالي أوحي إلي طالوت أ نّه لا يقتل جالوت إلّا من لبس درعک فملأها، فدعا بدرعه فلبسها داود عليه السلام فاستوت عليه، فراع طالوت ومن حضره من بني اسرائيل، فقال: عسي اللَّه أن يقتل به جالوت.

فلمّا اصبحوا والتقي الناس، قال داود عليه السلام: أروني جالوت، فلمّا رآه أخذ الحجر فرماه به فصکّ به بين عينيه فدمغه وتنکّس عن دابّته، فقال الناس: قتل داود جالوت، وملّکه الناس حتّي لم يکن يُسمع لطالوت ذِکر، واجتمعت عليه بنو إسرائيل، وأنزل اللَّه تبارک وتعالي عليه الزبور، وعلّمه صنعة الحديد فليّنه له، وأمر الجبال والطير أن تسبّح معه، وأعطاه صوتاً لم يسمع بمثله حُسناً، وأعطاه قوّة في العبادة، وأقام في بني اسرائيل نبيّاً.

وهکذا يکون سبيل القائم عليه السلام له عَلَم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلک العَلمَ من نفسه، وأنطقه اللَّه عزّوجلّ فناداه: أُخرج يا وليّ اللَّه فاقتل أعداء اللَّه، وله سيف مُغمَد إذا کان وقت خروجه اقتلع ذلک السيف من غمده وأنطقه اللَّه عزّوجلّ، فناداه السيف: اُخرج يا ولي اللَّه فلا يحل لک أن تقعد عن أعداء اللَّه، فيخرج عليه السلام ويقتل أعداء اللَّه حيث ثقفهم، ويقيم حدود اللَّه، ويحکم بحُکم اللَّه عزّوجلّ. [1] .

الآية العشرون قوله تعالي: «تلک الرُّسُل فَضَّلنا بعضَهم علي بعض مِنهم من کَلَّم اللَّه ورفع بعضَهُم دَرَجاتٍ وآتينا عيسي ابن مَريَمَ البيِّناتِ وأيّدناهُ برُوحِ القُدُس...». [2] .

46 - روي عن الأصبغ بن نباتة، قال: کنّا مع عليّ بالبصرة، وهو علي بغلة رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وقد اجتمع هو وأصحاب محمّد، فقال: «ألا أخبرنّکم بأفضل خلق اللَّه يوم يجمع الرُسُل؟ قلنا: بلي يا أميرالمؤمنين، قال: أفضل الرسل محمّد، وإنّ أفضل الخلق بعدهم الأوصياء، وأفضل الأوصياء أنا، وأفضل الناس بعد الرسل والأوصياء الأسباط، وإنّ خير الأسباط سبطا نبيّکم، يعني الحسن والحسين، وإنّ أفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء، وإنّ أفضل الشهداء حمزة بن عبدالمطّلب، قال ذلک النبيّ صلي الله عليه وآله، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، مُخضّبان، بکرامة خصّ اللَّه عزّوجلّ بها نبيّکم، والمهدي منّا في آخرالزمان، لم يکن في أمةٍ من الأمم مهدي يُنتظر غيره». [3] .

47 - وروي عبداللَّه بن ميمون القداح، عن أبي جعفر، عن أبيه عليه السلام قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منّا سبعة خلقهم اللَّه عزّوجلّ لم يخلق في الأرض مثلهم: منّا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، سيّد الأوّلين والآخرين وخاتم النبيّين، ووصيُّه خير الوصيين، وسبطاه خير الأسباط حَسناً وحُسيناً، وسيّد الشهداء حمزة عمّه، ومَن قد طاف مع الملائکة جعفر، والقائم عليه السلام. [4] .

48 - روي العلامة محبّ الدّين الطبريّ في «ذخائر العقبي» بإسناده عن عليّ بن الهلالي، عن أبيه قال:

دخلت علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في الحالة الّتي قُبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبکت حتّي ارتفع صوتها، فرفع صلي الله عليه وآله طرفه إليها فقال: حبيبتي فاطمة ما الّذي يُبکيک؟ فقالت: أخشي الضيعةَ بعدک، فقال: يا حبيبتي أما علمتِ أنّ اللَّه اطّلع علي أهل الأرض اطّلاعةً فاختار منها أباک فبعثه برسالته صلي الله عليه وآله، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بَعلَک، وأوحي إليَّ أن أنکحک إيّاه، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا اللَّه سبع خصال لم تعط أحداً قبلنا ولا تعطي أحداً بعدنا، وأنا خاتم النبيّيين وأکرمهم علي اللَّه عزّوجلّ، وأحب المخلوقين إلي اللَّه عزّوجلّ، وأنا أبوک؛ ووصييّ خير الأوصياء وأحبهم إلي اللَّه عزّوجلّ وهو بعلک، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلي اللَّه عزّوجلّ وهو حمزة بن عبدالمطلب عمّ أبيک وعمّ بعلک، ومنّا من له جناحان أخضران يطير بهما في الجنّة حيث يشاء مع الملائکة وهو ابن عمّ أبيک وأخو بعلک، ومنّا سبطا هذه الامة وهما ابناک الحسن والحسين، وهما سيّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما - والّذي بعثني بالحقّ - خير منهما، يا فاطمة والّذي بعثني بالحقّ إنّ منهما مهدي هذه الامة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن وتقطّعت السُبل وأغار بعضُهم علي بعض، فلا کبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقّر کبيراً، فيبعث اللَّه عزّوجلّ عند ذلک مَن يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان کما قُمت به في أول الزمان، ويملأ الأرض عدلاً کما مُلئت جوراً - أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمدانيّ في أربعين حديثاً في المهدي. [5] .

49 - روي ابن عديّ في الکامل بإسناده عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلي الله عليه وآله قال: - کما في ابن أبي شيبة -: يکون في آخر الزمان خليفة، لا يفضل عليه أبوبکر ولا عمر، أو: يکون في هذه الاُمّة. [6] .

50 - عن محمّد بن سيرين: أ نّه ذکر فتنة فقال: إذا کان ذلک فاجلسوا في بيوتکم حتّي تسمعوا علي الناس بخير من أبي بکر وعمر، قيل: يا أبا بکر، خيرٌ من أبي بکر وعمر؟ قال: قد کان يفضل علي بعض الأنبياء. [7] .

51 - عن ابن سيرين قيل له: المهدي خير أو أبو بکر وعمر رضي اللَّه عنهما؟ قال: هو خيرٌ منهما ويعدل بنبيّ. [8] .

الآية الحادية و العشرون قوله سبحانه: «أو کالّذي مَرَّ علي قَريةٍ وهي خاوية علي عُروشها قالَ أنّي يُحيي هذه اللَّهُ بعد مَوتها فأماته اللَّهُ مائةَ عام ثمّ بَعَثَه قال کم لَبِثْتَ قالَ لَبِثتُ يَوماً أو بعضَ يومٍ قال بَل لبثتَ مائة عامٍ فانظُر إلي طعامِکَ وشرابکَ لَمْ يتسَنّه وانظر إلي حمارک ولنجعلکَ آيةً للناس وانظر إلي العِظام کيفَ نُنشِزُها ثمّ نَکسوها لَحماً فلمَّا تَبيَّن له قال أعلَمُ أنَّ اللَّه علي کلّ شي ءٍ قَدير». [9] .


پاورقي

[1] کمال الدّين 1 : 157-153.

[2] البقرة: 253.

[3] دلائل الإمامة 256؛ إثبات الهداة 3 : 574.

[4] قرب الإسناد 14-13؛ بحارالأنوار 22 : 375.

[5] ذخائر العقبي 135.

[6] الکامل لابن عدي 6 : 2433؛ المصنّف لابن أبي شيبة 15 : 198 ح 19496.

[7] الفتن لابن حمّاد 99؛ عقد الدرر 149-148 ب 7.

[8] الفتن لابن حمّاد 98؛ عقد الدرر 148 ب 7.

[9] البقرة: 259.