الامام المهدي ينبئ بالغيب عن اللَّه
1003 - وعن عليّ بن إبراهيم في قوله: «وأ نّه لَمّا قامَ عَبدُ اللَّه يَدعُوه» يعني رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يدعوه کناية عن اللَّه «کادوا» يعني قريشاً «يکونون عليه لبداً» [1] أي أيداً، قوله: «فَسَتَعلَمُونَ مَن أضعَفُ نَاصِراً و أقلُّ عَدَداً» قال: قال: هو قول أميرالمؤمنين عليه السلام لزفر: واللَّه يابن صهّاک، لولا عهد من رسول اللَّه وکتاب من اللَّه سبق لعلمتَ أيّنا أضعف ناصراً وأقلّ عدداً، قال: قال: فلمّا أخبرهم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وسلم ما يکون في الرجعة، قالوا: متي يکون هذا؟ قال اللَّه: قل يا محمّد: «إن أدري أقريبٌ ما تُوعَدُونَ أَم يَجعَل له رَبِّي أمَداً» قوله: «عَالِمُ الغَيب فلا يُظهِر عَلي غَيبه أحداً إلّا مَن ارتَضي مِن رَسولٍ فإنّه يَسلُک مِن بَين يَدَيه و مِن خَلفِه رَصَداً» [2] قال: قال: يخبر اللَّه ورسوله الّذي يرتضيه ممّا کان قبله من الأخبار وما يکون بعده من أخبار القائم عليه السلام والرجعة والقيامة. [3] .
1004 - غيبة الشيخ: روي جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الشيخ الصدوق، قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المکتّب، قال: کنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس اللَّه روحه، فحضرته قبل وفاته بأيّام، فأخرج إلي الناس توقيعاً نسخته:
«بسم اللَّه الرحمن الرحيم - ياعليّ بن محمّد السمريّ، أعظم اللَّه أجر إخوانک فيک، فإنّک ميّت ما بينک وبين ستّة أيّام، فاجمع أمرک ولا توصِ إلي أحد فيقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغَيبة التامّة، فلا ظهور إلّا بعد إذن اللَّه تعالي ذِکره، وذلک بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي مَن يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعي المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو کذّاب مفترٍ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم».
قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده، فلمّا کان اليوم السادس عُدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: مَن وصيّک من بعدک؟
فقال: للَّه أمر هو بالغه، وقضي، فهذا آخر کلام سُمع منه رضي اللَّه عنه وأرضاه. [4] .
1005 - روي العلّامة الطبرسيّ بإسناده عن زيد بن وهب الجهنيّ، قال:
لمّا طُعن الحسن بن عليّ عليهما السلام بالمدائن أتيتهُ وهو متوجّع، فقلت: ما تري يابن رسول اللَّه فإنّ الناس متحيّرون؟
فقال عليه السلام: أري واللَّه أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أ نّهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، واللَّه لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي واؤمن به في أهلي، خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي.
واللَّه لو قاتلتُ معاوية لأخذوا بعنقي حتّي يدفعوني إليه سلماً!
واللَّه لئن اُسالمه وأنا عزيز، خير من أن يقتلني وأنا أسير، أو يمنّ عليّ فيکون سنّة علي بني هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه علي الحيّ منّا والميّت.
قال: قلت: تترک يابن رسول اللَّه شيعتک کالغنم ليس لها راع؟
قال: وما أصنع ياأخا جهينة، إنّي واللَّهِ أعلم بأمر قد أدّي به إلي ثقاته، إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحاً: ياحسن أتفرح؟ کيف بک إذا رأيت أباک قتيلاً؟ کيف بک إذا ولي هذا الأمر بنو اُميّة، وأميرها الرحب البلعوم، الواسع الاعفجاج، يأکل ولا يشبع، يموت وليس له في السماء ناصر، ولا في الأرض عاذر، ثمّ يستولي علي غربها وشرقها، يدين له العباد ويطول ملکه، يستنّ بسنن أهل البدع والضلال، ويُميت الحقّ وسنّة رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، يقسّم المال في أهل ولايته، ويمنعه من هو أحقّ به، ويذلّ في ملکه المؤمن، ويقوي في سلطانه الفاسق، ويجعل المال بين أنصاره دولاً، ويتّخذ عباد اللَّه خولاً، يدرس في سلطانه الحقّ، ويظهر الباطل، ويقتل من ناواه علي الحقّ، ويدين من والاه علي الباطل، فکذلک حتّي يبعث اللَّه رجلاً في آخر الزمان وکلب من الدهر وجهل من الناس، يؤيّده اللَّه بملائکته، ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويُظهره علي أهل الأرض حتّي يدينوا طوعاً وکرهاً، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقي کافر إلّا آمن به، ولا طالح إلّا صلح، وتصطلح في ملکه السباع، وتُخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء برکتها، وتظهر له الکنوز، يملک ما بين الخافقَين أربعين يوماً، فطوبي لمن أدرک أيّامه وسمع کلامه. [5] .
1006 - روي أبو الفرج الإصبهانيّ بإسناده عن الشعبيّ، عن سفيان بن أبي ليلي، قال: أتيت الحسن بن عليّ حين بايع معاوية، فوجدته بفناء داره وعنده رهط، فقلت: السلام عليک يامذلّ المؤمنين، فقال: عليک السلام ياسفيان، انزل، فنزلت فعقلت راحلتي، ثمّ أتيته فجلست إليه، فقال: کيف قلتَ ياسفيان؟ فقلت: السلام عليک يامذلّ المؤمنين! فقال: ما جرّ هذا منک إلينا؟ فقال: أنت واللَّه، بأبي أنت واُمّي، أذللتَ رقابنا حين أعطيتَ هذا الطاغية البيعة، وسلّمت الأمر إلي اللعين ابن اللعين ابن آکلة الأکباد، ومعک مائة ألف، کلّهم يموت دونک، وقد جمع اللَّه لک أمر الناس.
فقال: ياسفيان، إنّا أهل بيت إذا علمنا الحقّ تمسّکنا به، وإنّي سمعت عليّاً يقول: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول: لا تذهب الليالي والأيّام حتّي يجتمع أمر هذه الاُمّة علي رجل واسع السُرم، ضخم البلعوم، يأکل ولا يشبع، لا ينظر اللَّه إليه، ولا يموت حتّي لا يکون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر، وانّه لمعاوية، وإنّي عرفت أنّ اللَّه بالغ أمره.
ثمّ أذّن المؤذّن، فقمنا علي حالبٍ يحلب ناقة، فتناول الإناء فشرب قائماً ثمّ سقاني، فخرجنا نمشي إلي المسجد، فقال لي:
ما جاءنا بک ياسفيان؟ قلت: حبّکم والّذي بعث محمّداً بالهدي ودين الحقّ. قال:
فأبشر ياسفيان، فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول: يرد عَلَيَّ الحوض أهل بيتي ومن أحبّهم من أُمّتي کهاتين - يعني السبّابتين - ولو شئت لقلت:
هاتين يعني السبّابة والوسطي، إحداهما تفضل علي الاُخري. فأبشر ياسفيان فإنّ الدنيا تسع البرّ والفاجر حتّي يبعث اللَّه إمام الحقّ من آل محمّد صلي الله عليه وآله. [6] .
1007 - أخبر الإمام المهدي صلي الله عليه وآله عليّ بن زياد أ نّه يموت سنة ثمانين فمات فيها فبعث له کفناً. [7] .
1008 - عن بدر غلام أحمد بن الحسن، قال: لمّا مات يزيد بن عبدالملک أوصي إليّ أن أدفع الشهري والسمند والسيف والمنطقة إلي مولاه، فقوّمتها في نفسي بسبعمائة دينار، ولم أطّلع أحداً، فإذا الکتاب من العراق: وجّه بالسبعمائة دينار الّتي لنا قبلک عن الشهري والسمند والسيف والمنطقة. [8] .
1009 - عن أبي القاسم، قال: حججتُ في السنة الّتي أمرت القرامطة فيها بردّ الحجر إلي مکانه، فکان أکبر همّي مشاهدة مَن يضعه، فمرضت في الطريق، فاستنبت معروف بن هشام، وأعطيته رقعة أسأله فيها عن مدّة عمري.
قال معروف: فکلّما وضعه شخص لم يستقرّ، فوضعه شاب أسمر فاستقرّ، وانصرف فتبعته اُخراه وهو يمشي ولم ألحقه، فالتفت إليّ وقال: هاتِ الرقعة، فناولته إيّاها فقال: - من غير أن ينظر فيها - لا عليه من هذه العلّة بأس، وسيکون ما لابدّ منه بعد ثلاثين سنة، فکان کما قال. [9] .
1010 - قال أبو محمّد الدعجليّ: رأيتُه عليه السلام بالموقف، فقال: يوشک أن تذهب عينک هذه بعد أربعين يوماً، فبعد الأربعين خرج فيها قرحة فذهبت. [10] .
1011 - حمل أحمد بن إسحاق إلي العسکريّ عليه السلام جُراباً فيه صرر، فالتفت عليه السلام إلي ابنه وقال: هذه هدايا موالينا، فقال الغلام: لا تصلح لأنّ فيها حلالاً وحراماً، فأُخرجت، ففرّق بينها وأعلم بکميّة کلّ صرّة قبل فتحها. [11] .
1012 - أخبر الإمام عليه السلام الاستراباديّ بأنّ معه خرقة خضرة فيها ثلاثون ديناراً منها واحد شامّي، فقال: هاتِها، فأخرجها فکانت کما قال. [12] .
1013 - قال العمريّ: أنفذ إليّ رجل مالاً فردّه، وقال: أخرج حقّ ولد عمّک منه، وهو أربعمائة، فتعجّب الرجل، وحسب فوجد ذلک فيه، ثمّ قبله عليه السلام. [13] .
1014 - وروي عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله: «عالِمُ الغَيب فلا يُظهِر عَلي غَيبِه أَحَداً» [14] قال: يخبر اللَّه رسوله الّذي يرتضيه بما کان قبله من الأخبار، وما يکون بعده من أخبار القائم عليه السلام، والرجعة، والقيامة. [15] .
پاورقي
[1] الجنّ: 19.
[2] الجن: 27.
[3] تفسير القمّيّ 391:2.
[4] الغَيبة للطوسيّ 243-242.
[5] الإحتجاج 290:2؛ بحارالأنوار 20:44؛ منن الرحمن 42:2.
[6] مقاتل الطالبيّين 44-43؛ بحارالأنوار 59:44.
[7] الصراط المستقيم 211:2.
[8] نفس المصدر.
[9] الصراط المستقيم 213:2.
[10] الصراط المستقيم 213:2.
[11] نفس المصدر.
[12] نفس المصدر.
[13] نفس المصدر.
[14] الجنّ: 27.
[15] تفسير القمّيّ 391:2؛ تفسير الصافي 238:5.