سوره حديد
الآية الاولي قوله سبحانه: «ولا تَکونوا کالَّذين اُوتوا الکِتابَ مِن قَبلُ فَطالَ عليهم الأَمَدُ فَقَسَت قُلوبُهم و کثيرٌ مِنهم فاسقون». [1] .
944 - روي محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن رجل من أصحاب أبي عبداللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: سمعته يقول: نزلت هذه الآية في سورة الحديد «ولا تَکونوا کالّذين اُوتوا الکتابَ من قَبلُ فطالَ عليهم الأَمَدُ فَقَسَت قلوبُهم و کثيرٌ منهم فاسقون» من أهل زمان الغَيبة. ثمّ قال: «اعلموا أنّ اللَّه يُحيي الأرض بعد موتها قد بيّنا لکم الآيات لعلّکم تعقلون» وقال: إنّ الأمد أمد الغَيبة. [2] .
945 - الشيخ الصدوق، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: نزلت هذه الآية في القائم. [3] .
946 - الشيخ المفيد بإسناده عن أبي عبداللَّه عليه السلام: نزلت هذه الآية: «ولا تکونوا کالَّذين اُوتوا الکتابَ مِن قبلُ فطالَ عليهم الأَمَدُ» فتأويل هذه الآية جارٍ في زمان الغَيبة وأيّامها دون غيرهم، والأمد أمد الغَيبة. [4] .
الآية الثانية قوله عزّوجلّ: «اعلموا أنّ اللَّهَ يُحيي الأرضَ بعدَ مَوتِها قد بيَّنَّا لَکُمُ الآياتِ لعلَّکُم تَعقِلُون». [5] .
947 - روي العلّامة البحرانيّ قدس سره عن محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد الحلبي أ نّه سأل أبا عبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ: «اعلموا أنّ اللَّه يُحيي الأرضَ بعدَ مَوتِها» قال عليه السلام: العدل بعد الجَور. [6] .
948 - روي الصدوق رحمه الله بإسناده عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ: «اعلموا أنّ اللَّهَ يُحيي الأرضَ بعدَ مَوتها» قال:
يُحييها اللَّه عزّوجلّ بالقائم بعد موتها، يعني بموتها کفر أهلها، والکافر ميّت. [7] .
949 - روي محمّد بن العبّاس، بإسناده عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ: «اعلموا أنّ اللَّه يُحيي الأرضَ بعد مَوتها» کفر أهلها والکافر ميّت، يحييها اللَّه بالقائم عليه السلام فيعدل فيها، فيحيي الأرض ويحيي أهلها بعد موتهم. [8] .
950 - روي الشيخ الطوسيّ بإسناده من طريق العامّة عن أبي صالح، عن ابن عبّاس في قوله تعالي: «اعلموا أنّ اللَّه يُحيي الأرضَ بعد مَوتها» يعني يصلح الأرض بقائم آل محمّدعليهم السلام «بَعدَ مَوتها» يعني من بعد جور أهل مملکتها «قد بيَّنَّا لکمُ الآيات» بقائم آل محمّدعليهم السلام «لعلّکم تَعقِلون». [9] .
951 - روي ثقة الإسلام الکلينيّ بإسناده عن عبدالرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ: «يُحيي الأرضَ بعد مَوتها» قال:
ليس يُحييها بالقطر، ولکن يبعث اللَّه عزّوجلّ رجالاً فيحيون العدل، فتحيي الأرض لإحياء العدل، ولإقامة الحدّ فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحاً. [10] .
الآية الثالثة قوله تعالي: «والّذين آمَنوا باللَّه ورُسُله اُولئک هم الصّدِّيقُونَ و الشُّهداء عِند ربّهم لهم أَجرُهم و نورُهم». [11] .
952 - روي شرف الدّين النجفيّ رحمه الله بإسناده عن الحسين بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: جُعِلت فداک قد کبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي، وقد خفت أن يدرکني قبل هذا الأمر الموت. قال: فقال لي: ياأبا حمزة أو تري الشهيد إلّا مَن قتل؟ قلت: نعم جُعلت فداک. فقال لي: ياأبا حمزة مَن آمن بنا وصدّق حديثنا وانتظر أمرنا کان کمن قتل تحت راية القائم، بل واللَّه تحت راية رسول اللَّه صلي الله عليه وآله. [12] .
953 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمه الله برواية العيّاشيّ عن الحرث بن المغيرة، قال: کنّا عند أبي جعفر عليه السلام فقال: العارف منکم هذا الأمر، المنتظر له، المحتسب فيه الخير، کمن جاهد واللَّه مع قائم آل محمّد عليهم السلام بسيفه. ثمّ قال الثالثة: بل واللَّه کمن استشهد مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله في فسطاطه. وفيکم آية من کتاب اللَّه، قلت: وأيّ آية جعلت فداک؟ قال: قول اللَّه عزّوجلّ: «والّذين آمَنوا باللَّهِ و رُسُلِه اُولئک هم الصّدِّيقون و الشّهداء عِندَ ربّهم» ثمّ قال: صِرتم واللَّه صادقين شهداء عند ربّکم. [13] .
954 - ومن کتاب فضائل الشيعة: روي العلّامة البرقيّ رحمه الله بإسناده عن زيد بن أرقم، عن الحسين بن عليّ عليهما السلام قال: ما من شيعتنا إلّا صدّيق شهيد، قال: قلت: جُعلت فداک أ نّي يکون ذلک وعامّتهم يموتون علي فراشهم؟ فقال: أما تتلو کتاب اللَّه في الحديد: «والّذين آمَنوا باللَّهِ و رُسُلِه اُولئک هم الصّدِّيقون و الشّهداء عِندَ ربّهم». قال: فقلت: کأ نّي لم أقرأ هذه الآية من کتاب اللَّه عزّوجلّ قطّ، قال: لو کان الشهداء ليس إلّا کما تقول، لکان الشهداء قليلاً. [14] .
955 - وعنه بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال، قال لي: ياأبا محمّد إنّ الميّت منکم علي هذا الأمر شهيد. قلت: وإن مات علي فراشه؟! قال: اي واللَّه وإن مات علي فراشه، حيّ عند ربّه يرزق. [15] .
956 - وعنه بإسناده عن منهال القصّاب، قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: اُدع اللَّه لي بالشهادة، فقال: المؤمن لشهيد حيث مات، أو ما سمعت قول اللَّه في کتابه: «والّذين آمَنوا باللَّهِ و رُسُلِه اُولئک هم الصّدِّيقون و الشّهداء عِندَ ربّهم». [16] .
957 - عن أبان بن تغلب، قال: کان أبو عبداللَّه عليه السلام إذا ذُکر هؤلاء الّذين يقتلون في الثغور يقول: ويلهم ما يصنعون بهذا؟ يتعجّلون قتلةً في الدنيا وقتلةً في الآخرة! واللَّه ما الشهداء إلّا شيعتنا وإن ماتوا علي فراشهم. [17] .
958 - وعنه بإسناده عن مالک الجهنيّ، قال: قال لي أبو عبداللَّه عليه السلام: يامالک إنّ الميّت منکم علي هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب في سبيل اللَّه. وقال أبو عبداللَّه عليه السلام: ما يضرّ رجلاً من شيعتنا أيّة ميتة مات: أکله السبع، أو أُحرق بالنار أو غرق، أو قتل، هو واللَّه شهيد. [18] .
959 - وعنه بإسناده عن مالک بن أعين، قال: قال أبو عبداللَّه عليه السلام: مَن مات منکم علي أمرنا هذا کان کمن استشهد مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله. [19] .
960 - وعنه بإسناده عن العلاء بن سيابة، قال: قال أبو عبداللَّه عليه السلام: من مات منکم علي أمرنا هذا فهو بمنزلة مَن ضرب فسطاطه إلي رواق القائم عليه السلام، بل بمنزلة من يضرب معه بسيفه، بل بمنزلة من استشهد معه، بل بمنزلة من استشهد مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله. [20] .
961 - روي الصدوق رحمه الله: في حديث لأبي عبداللَّه عليه السلام قال فيه: يامالک مَن مات منکم علي هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللَّه. [21] .
962 - عن أميرالمؤمنين عليه السلام، قال: الزموا الأرض، واصبروا علي البلاء، ولا تحرّکوا بأيديکم وسيوفکم، وهوي ألسنتکم، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله اللَّه لکم، فانّه من مات منکم علي فراشه وهو علي معرفة ربّه، وحقّ رسوله وأهل بيته، مات شهيداً أُوقع أجره علي اللَّه، واستوجب ثواب ما نوي من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته بسيفه، فإنّ لکلّ شي ء مدّة وأجلاً. [22] .
963 - روي الصدوق رحمه الله في «کمال الدّين» بإسناده عن عمّار الساباطي، قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: العبادة مع الإمام منکم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل، أم العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإمام الظاهر منکم؟ فقال: ياعمّار، الصدقة في السرّ واللَّهِ أفضل من الصدقة في العلانية، وکذلک عبادتکم في السرّ مع إمامکم المستتر في دولة الباطل أفضل، لخوفکم من عدوّکم في دولة الباطل وحال الهدنة، ممّن يعبد اللَّه في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحقّ، وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.
إعلموا أنّ من صلّي منکم صلاة فريضة وحداناً مستتراً بها من عدوّه في وقتها فأتمّها، کتب اللَّه عزّوجلّ له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلّي منکم صلاة نافلة في وقتها فأتّمها، کتب اللَّه عزّوجلّ له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منکم حسنة، کتب اللَّه له بها عشرين حسنة، ويضاعف اللَّه تعالي حسنات المؤمن منکم إذا أحسن أعماله، ودان اللَّه بالتقيّة علي دينه، وعلي إمامه وعلي نفسه، وأمسک من لسانه، أضعافاً مضاعفة کثيرة، إنّ اللَّه عزّوجلّ کريم.
قال: فقلت: جُعلت فداک قد رغّبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولکنّي اُحبّ أن أعلم: کيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالاً من أصحاب الإمام منکم الظاهر في دولة الحقّ ونحن وهم علي دين واحد، وهو دين اللَّه عزّوجلّ؟
فقال: إنّکم سبقتموهم إلي الدخول في دين اللَّه وإلي الصلاة والصوم والحجّ وإلي کلّ فقهٍ وخير، وإلي عبادة اللَّه سرّاً من عدوّکم مع الإمام المستتر، مطيعون له، صابرون معه، منتظرون لدولة الحقّ، خائفون علي إمامکم وعلي أنفسکم من الملوک، تنظرون إلي حقّ إمامکم وحقّکم في أيدي الظلمة، قد منعوکم ذلک واضطرّوکم إلي جذب الدنيا وطلب المعاش، مع الصبر علي دينکم، وعبادتکم وطاعة ربّکم، والخوف من عدوّکم، فبذلک ضاعف اللَّه أعمالکم، فهنيئاً لکم هنيئاً.
قال: فقلت: جُعلت فداک، فما نتمنّي إذاً أن نکون من أصحاب القائم عليه السلام في ظهور الحقّ؟ ونحن اليوم في إمامتک وطاعتک أفضل أعمالاً من أعمال أصحاب دولة الحقّ؟
فقال: سبحان اللَّه، أما تحبّون أن يظهر اللَّه عزّوجلّ الحقّ والعدل في البلاد ويحسن حال عامّة الناس، ويجمع اللَّه الکلمة ويؤلّف بين القلوب المختلفة، ولا يُعصي اللَّه في أرضه، ويقام حدود اللَّه في خلقه، ويردّ الحقّ إلي أهله، ويظهروه حتّي لا يستخفي بشي ء من الحقّ مخافة أحد من الخلق؟
أما واللَّه ياعمّار، لا يموت منکم ميّت علي الحال الّتي أنتم عليها، إلّا کان أفضل عند اللَّه عزّوجلّ من کثير ممّن شهد بدراً واُحداً، فأبشروا. [23] .
964 - روي بالإسناد عن جابر، قال: دخلنا علي أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسکنا فودّعناه وقلنا له: أوصنا يابن رسول اللَّه، فقال: ليعن قويّکم ضعيفکم، وليعطف غنيّکم علي فقيرکم، ولينصح الرجل أخاه النصيحة لأمرنا، واکتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس علي أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءکم عنّا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردّوه، وإن اشتبه الأمر عليکم فقفوا عنده وردّوه إلينا حتّي نشرح لکم من ذلک ما شرح لنا، وإذا کنتم کما أوصيناکم لم تعدوا إلي غيره فمات منکم قبل أن يخرج قائمنا کان شهيداً، ومن أدرک منکم قائمنا فقُتل معه کان له أجر شهيدَين، ومن قَتل بين يديه عدوّاً لنا کان له أجر عشرين شهيداً. [24] .
965 - کمال الدّين بإسناده عن سيّد العابدين عليه السلام أ نّه قال: من ثبت علي موالاتنا في غيبة قائمنا عليه السلام أعطاه اللَّه أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واُحد. [25] .
966 - روي الصدوق بإسناده عن مالک الجهنيّ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: يامالک أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤدّوا الزکاة، وتکفّوا أيديکم وتدخلوا الجنّة؟ ثمّ قال: يامالک، إنّه ليس من قوم ائتمّوا بإمام في دار الدنيا، إلّا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلّا أنتم، ومن کان بمثل حالکم.
ثمّ قال: يامالک إنّ الميّت منکم علي هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللَّه.
قال: وقال مالک: بينما أنا عنده ذات يوم جالس وأنا اُحدّث نفسي بشي ء من فضلهم، فقال لي وأنتم واللَّه شيعتنا، لا تظنّن أ نّک مفرّط في أمرنا.
يامالک انّه لا يقدر علي صفة اللَّه، فکما لا يقدر علي صفة اللَّه کذلک لا يقدر علي صفة الرسول صلي الله عليه وآله، وکما لا يقدر علي صفة الرسول فکذلک لا يقدر علي صفتنا، وکما لا يقدر علي صفتنا فکذلک لا يقدر علي صفة المؤمن.
يامالک: انّ المؤمن ليلقي أخاه فيصافحه، فلا يزال اللَّه ينظر إليهما والذنوب تتحاتّ عن وجوههما حتّي يتفرّقا، وإنّه لن يقدر علي صفة من هو هکذا.
وقال: إنّ أبي عليه السلام کان يقول: لن تطعم النار من يصف هذا الأمر. [26] .
پاورقي
[1] الحديد: 16.
[2] عنه: المحجّة 219.
[3] کمال الدّين 668:2.
[4] المحجّة 220.
[5] الحديد: 17.
[6] المحجّة 222.
[7] کمال الدّين 668:2.
[8] تأويل الآيات الظاهرة 2 : 663-662 ح 14.
[9] الغَيبة للطوسيّ 110.
[10] الکافي 174:7.
[11] الحديد: 19.
[12] تأويل الآيات الظاهرة 2 : 666-665 ح 21.
[13] تفسير مجمع البيان 238:9.
[14] المحاسن للبرقي 164-163 ب 32.
[15] المحاسن للبرقي 164-163 ب 32.
[16] نفس المصدر 164 ب 32.
[17] نفس المصدر.
[18] نفس المصدر.
[19] نفس المصدر 174-172.
[20] نفس المصدر.
[21] فضائل الشيعة 28 ح 37.
[22] شرح نهج البلاغة 13 : 11-110؛ بحارالأنوار 144:52.
[23] کمال الدّين 2 : 358-357.
[24] بشارة المصطفي 113.
[25] کمال الدّين 323:1 ح 7.
[26] بحارالأنوار 68:68.